دور المجنون
مع قناعتي بان الفصحى أكثر ثراء وغنى و طراوة وحلاوة . لكني سأضطر للجنوح إلى المزاوجة بين العامية الدارجة وبين العربية الفصحى, وسأبذل ما استطعت من جهد كي تكون كلمات وجمل الفصحى سلسة مهضومة غير عصية على الفهم إرضاء لذوق غالبية جمهور القراء, رغم معرفتي بان رضا الجميع غاية لا تدرك .
فعذرا وألف عذر لمن طاب له النشر بالعربية الفصحى . كما أود أن انوه بتغيير اسم القصة بناء على نصيحة تلقيتها من احد الأصدقاء كون الاسم لا يتلاءم وشهر الصيام . لذا اخار لها اسما اخر وسميتها ..
قدر الفقراء
4
بعد ما اكتمل عدد المقبوض عليهم من ( المخالفين ) في كراج العلاوي العشرين وكان من بينهم جنود بملابسهم العسكرية, يبدو أنهم لم يكونوا ملتزمين بالقيافة او بحلق اللحية أو ممن تجاوزوا على إجازاتهم الدورية أياما معدودة .
انطلقت السيارة الايفا بهم إلى دائرة الانضباط العسكري في منطقة الحارثية .
سمع ذلك من الجنود .
كان شاكر يعرف حق المعرفة معظم شوارع بغداد وأزقتها في جانب الرصافة . إلا انه لم يكن كذلك في جانب الكرخ . فقليلا ما كان يزور الكرخ . فلم تكن أحياء الكرخ تلاءم مهنته في ( النِشالة ) فلا ازدحام هناك ولا أسواق مكتظة . كان نطاق عمله يتمحور في سوق الشورجة وشارع النهر والباب الشرجي, لما عُرِف عن هذه المناطق من اكتظاظ بالمتسوقين . وخصوصا النساء السافرات ممن يتركن حقائبهن اليدوية تتدلى عند خصورهن . ويتمايلن بأجسادهن بغنج بين المارة . وحتى اللاتي منهن يرتدين العباءة العراقية . كانت لشاكر من القدرة وخفة اليد ما لا يضاهيه فيها احد .
كان يستخدم قدراته تلك فيدس يده من فتحات اردان العباءة الى ان يصل الى الحقيبة في ثوان . هذا طبعا بعد ان يراقب ضحيته ويطمأن من أنها تحمل في حقيبتها عدد من الدنانير يسيل له لعاب النشالين والسارقين .
ومن اجل أن ننصف الرجل . فانه كان مقلا في عمله . يعني من ينشل او يسرق مبلغ من المال يتسلل بخفة ويغادر المنطقة . عائدا إلى بيته ولا يعاود السرقة مرة أخرى الى ان ينفذ او يوشك على النفاذ ذلك المال الذي سرقه .
لم يكن يبحث عن الغنى ولم يمارس لعبة القمار ولم يدخل قط ملهى أو بار . وفي كل مرة يسرق فيها ينطوي على نفسه ويضل يفكر بما قد تعانيه المرأة التي سرقها من مرارة فقدانها لمالها . كان نادر ما يسرق من الرجال . فالرجال ليسو من اختصاصه .
كان يفكر كثيرا بالعقاب الذي من الممكن ان تتعرض له المرأة المسروقة على يد زوجها او أبيها او أي من ذويها ان هي عادت خالية الوفاض الى البيت . وفي كل مرة كان يعتصره الألم ويتمنى لو انه افلح في المدرسة او تعلم مهنة غير مهنة النشل والسرقة . لكان حاله الآن أفضل .
أنت تقرأ
قدر الفقراء
General Fictionكما قصصنا الاخرى قصة مستمدة من الواقع جرت احداثها في سبعينيات القرن الماضي تتناول امور عدة بين ظلم ومعاناة واشخاص عاشو حياة السجون وجربو مر الحياة