قدر الفقراء 14

638 73 7
                                    


تقسو علينا الأيام مرة فنبدع في العطاء .. و تقسو علينا مرة أخرى فتشتت أفكارنا وتجبرنا على العيش في الأوهام .

قدر الفقراء

14

في بيت أزهار

#قصص #عراقية #واقعية #للكاتب #قدوري #الدوري

تركنا محسن يدخل إلى بيت هيفاء وكانت كما ذكرنا تخبأ له مفاجآت لم يكن يتوقعها .

محسن الذي ابتدأ تجربته العاطفية الأولى وربما ستكون الأخيرة مع أزهار في وقت كان فيه هاربا من الخدمة العسكرية ويعاني من الشعور بالخوف والضياع والحرمان . كان يعيش أيام مراهقته الأخيرة . الأيام التي يتغلب فيها صوت القلب على صوت العقل والعواطف على التفكير السليم ,والتي غالبا ما يريد فيها المراهقون أن يثبتوا للآخرين بأنهم بلغوا مبلغ الرجولة وأنهم قادرون على الإيفاء بالوعود التي يقطعون ويحققون ما يريدون . حيث تكون للكلمة معنى وللوعد ميثاق .

محسن هذا كانت تستعر بداخله دوما رغبة التمرد التي نشأ عليها والتي كُبِحَتْ ساعة انخراطه بالخدمة العسكرية ومن ثم بما تعرض له من صدمة في أول عهده بتلك الخدمة . فكان متنفسه الوحيد للتخفيف من حدة هذه الرغبة هو الركون إلى أمنياته وأحلام يقظته بإيجاد من يحوّل مسار هذه الرغبة ويوطنها ويجعلها تركن, من غير شعور منه, إلى أحضان بديلة عن أحضان أمه . بعد أن بلغت غرائزه منتهاها .

فكانت أزهار هي الحضن البديل المرتقب .

بعد الترحيب والسلام تناولت منه أم أزهار علبة البقلاوة وركنتها جانبا ورجته الجلوس على القنفة الوحيدة في البيت والتي كانت قد وضعت عليها هذا اليوم مندرا وشرشفا جديدين بعد ان كانت شبه عارية يوم زيارته لهم الأخيرة .

استغرب محسن غياب أزهار . وقبل أن يهم بالسؤال عنها . ابتدأت هيفاء بالكلام .

كان يبدو عليها الانشراح والجدية والحزم, مع سلاسة في الأسلوب وأريحية لم تكن تبديها معه من قبل .

قبل أن تبدأ كلامها نادت ابنتها التي كانت ما تزال في إحدى غرف الدار وطلبت منها أن تحضر وتجلس إلى جوار محسن كي يستمع الاثنان لكلامها . تلاشت دهشة محسن لغياب أزهار وهو الذي ظن في البداية أنها خارج الدار .

:- يمَّه أزهار وينچ شو تعالي .. اگعدي بصف محسن .. عندي حچي وياكم اثنينكم .. تعالي لا تستحين بعد محسن راح يصير واحد من أهل البيت .

ابتسمت بوجه محسن .. كانت تمهد لأمر ما .

جل غايتها أن يفعل التقارب بين ابنتها ومحسن فعلته ويترك بصمة وأثرا في قلبه فيطاوعها فيما عقدت العزم عليه.

ظهرت أزهار من خلف باب الغرفة بحلتها الجديدة . هي المرة الأولى التي يراها كما رآها ذلك اليوم .

قدر الفقراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن