عند الغروب ، في سطح فسيح ، يعبق برائحة النعناع و إكليل الجبل و الريحان و غيرها من النباتات و الأعشاب العطرية الرائعة ، إفترشت كل من فاتن و صديقاتها نادية و دعاء غطاءا صوفيا أبيض اللون ، مطرزا عند الحواف ، يتابدلن أطراف الحديث بينما يتناولن قطع الكعك الجاف رفقة مربى الفراولة و الشاي .
" لا تذكري اسم ذاك البغيض أمامي ، لقد طردني دون ان يستمع لي "
قالت فاتن بحنق عندما وصل حديثهم للاستاذ الجديد ، متذكرة الموقف المحرج الذي وقعت فيه ، عندما اندفعت مسرعة لتذخل الصف ، و كيف تصمرت مكانها جامدة بدهشة عندما علمت أن الموظف الوزاري ما هو إلا أستاذهم الجديد .. و قبل أن تتلاشى دهشتها ، طلب منها العودة من حيث أتت غير أبه لأعذارها و رغم إعتذارها منه ، رفض قبولها في الصف و قال لها بنبرة صارمة لا تقبل الجدال " لا تضيعي وقتي اكثر "
" لا عليك ، إنه بغيض مع الجميع ، كان يجب ان تري كيف وبخ رانيا بسبب مضغها للبان " قالت نادية لتضيف دعاء داعمة رأي صديقتها " اجل ، كما أنه طلب من علي أن يطلعه على كل ما درسنا السنة المنصرمة ، و عندما أخفق في ذلك ، وبخه بقسوة ، ثم وبخنا جميعا و اخبرنا بأنه لن يتساهل معنا أبدا "
" لن يتساهل معنا ابدا " قلدته فاتن بغيض " لا بد أنه من النوع العسكري ، هذا ما كان ينقصنا "
تنهدت دعاء بقلق ، بينما تدهن قطعة الكعك بالمربى ، و سرحن جميعا في افكارهن ..
*****
عادت فاتن لمنزل جدها ، الذي لا يبعد عن العمارة أين تقطن كل من دعاء و نادية سوى بضعة خطوات ، محملة بسلة فواكه طازجة ، أعطتها إياها والدة دعاء قبل مغادرتها ، و طلبت منها إبلاغ سلامها لوالدتها .
ذخلت البيت ، لتجد جدها ووالدتها جالسين في الصالون ، و بدى من تعابير وجه والدتها أن امرا ما قد حدث لا يبشر بالخير أبدا .
" أهلا ، لقد عدت " وضعت سلة الفواكه و المفاتيح فوق الطاولة
" ونحن كنا في انتظارك " قال الجد بنبرة لا تخلو من الجدية و الشدة .
" تعالي يا عزيزتي إجلسي هنا " اشارت والدتها للأريكة بجانبها .
" لا تتذخلي " قاطعها الجد " أنا من سيتحدث إليها ، ألا ترين أن دلالك لم يزدها سوى تمردا و عصيانا ، و أنت إجلسي هنا "
أطاعته فاتن ، فجلست قبالته بتهذيب ، تحك يديها مع بعضهما البعض بتوتر .
" لقد هاتفني المدير ، يشتكي منك ، و من تصارفاتك المتمردة ، و مشاغابتك التي خرجت عن السيطرة .. "
" أقسم لك يا جدي ، أنني لم .. "
قاطعها بحدة ، " لا أريد تبريرات ، لقد أخذت حصتي من التبريرات من والدك ، و انظري الان أين رماه تمرده و عصيانه ، أضحى عبدا للجميع بعد أن كان سيد الأسياد "
أنت تقرأ
حب متمرد
Romance" كان ليلتها رجلا مختلفا عن الأستاذ الصارم الذي يكون معنا عليه .. إبتسامته كانت دافئة ، و كلماته صادقة و معبرة ، أما نبرته فقد أضحت نبرة جميلة .. رنانة كلحن موسيقي ، تراقصت نبضات قلبي عليه .. و لأول مرة تمنيت أن تتمدد الدقائق لساعات و الساعات لأيا...