ستة عشر سنة

284 19 17
                                    

و تم الزواج بينهما ، بعد أسبوع من ذلك الاتصال الغريب .. الذي غير مصيرهما معا .. إلى الأبد ، في حفل زفاف بسيط ، إذ لم تكن حالة فاتن النفسية أو الجسدية تسمح لها بالاحتفال .. و لما كتبا عقدهما .. و أصبحا زوجين أمام القانون ، أمر الجد السيدة خذيجة والتي كانت الشاهد الوحيد على زواجهما أن تديع الخبر في أرجاء البلدة ، رغبة في أن يعرف الجميع بأن حفيدته الطائشة قد حالفها الحظ و تزوجت من أغوى قلبها و اعمى عينيها ..

فحلت عليهما المباركة من قريب و بعيد ، و صالح فاتن من خاصمها و قطع عنها حبل الوصال و محو عنها وصمة العار و الخزي التي الصقوها بها .. و تمنوا لها امنيات كثيرة مختلفة ..

و هكذا هنئ قلب الجد و أزاح عن كاهله ثقل العالم .. و رمي ذلك الثقل على كتف فاتن .. ، التي تمسكت بطوق النجاة من ذلك البيت البائس ، حيث تحوم رائحة الموت و القهر في أرجائه .. و اتبعت صوت قلبها الذي دفعها لقبول عرضه المغري دون تفكير أو تردد ..

و لكنها الان .. عندما أصبحت زوجته رسميا .. أحست بشيء من الغرابة .. و كأن الأحجية ناقصة .. غير مفهومة .. و صعبة الحل .

و ذخلت عليها السيدة خديجة ، إلى غرفتها و كانت وقتها توضب اغراضها استعدادا للرحيل و جلست بالقرب منها تساعدها في طي ملابسها

_ أعددت لك أكلا كثيرا ، حتى لا تتعبي في إعداد الطعام ، إرتاحي فقط ، فأنت متعبة ووجهك أصفر اللون ..

_ إنني بخير .. يا خالة خديجة ، بخير جدا ، لا تقلقي بشأني

_ اعلم ان الامر صعب عليك ، أن تتزوجي بهذه السرعة و في هاته الظروف .، لكن الله ابتلاك بجد قاس ، لا رحمة في قلبه .. خاصة عندما يتعلق الأمر بك ، سامحني إن ألمك حديثي لكنها حقيقة لا يمكن تجاهلها .. حالتك تتدهور كما تدهورت حالة والدتك ، و إن زواجك هذا هو ملاذك الوحيد .. يجب أن تكوني ممتنة لزوجك ، إنه رجل رائع ..

_ لجدي دوافعه الخاصة لكرهي و إنني لا ألومه ..

و قاطعها دخول نادية عليها ، محملة بعلبة كبيرة .. وضعتها أرضا .. و انحنت تطبع قبلة فوق رأس السيدة خديجة ثم افترشت الأرض بجانبهما و هي تقول

_ إنني لا أصدق ، أن فاتن تزوجت الموظف الوزاري .. لقد كانا كالقط و الفأر يا خالة خديجة .. لو رأيتهما داخل الصف لقلت بأنهما يكرهان بعضهما ..

_ إن الكره توأم الحب

_ أجل بالفعل .. إن الحب يجمع المتخاصمين دائما

و ظلت فاتن صامتة تستمع لهما و تبتسم إبتسامة تائهة و فكرها تصدح بما دار بينها و بين الأستاذ علي قبل ليلة زواجهما .. حين خرجت لتقابله خلسة ولم تكن قد أخبرت جدها بعد بأن قد طلب يديها .. إذ امتنعت عن إعطاءه جوابا صريحا قبل أن تستمع لدوافع عرضه الغريب ..

حب متمردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن