وقف مدهوشا لرؤيتها في هذا الوقت من الصباح ، فأطرقت هي مسرعة تفسر له سبب تبكيرها بالمجيئ إليه .
و رغم الخجل الذي ساورها وهي تقص عليه طريقها للخروج من البيت ، بقت هادئة و واثقة بأنه سيستقبلها ..
و عندما ذخلا .. اختفى على الفور ذاخل غرفته ، ووقفت هي بضع لحظات ، قبل أن تجر كرسيا خشبيا قرب الطاولة حيث نثرت أعقاب السجائر و تجلس في قلق ... إذ أخذت الأفكار تتبادر الى ذهنها ، و التردد يتلبسها ..
متساءلة إذا ما كانت قد أخطأت بالمجيئ إليه دون إعلام مسبق ، و إذا ما كانت خطيبته أبدت رد فعل غبر محبب لقدومها .. ؟
ثم انتصبت ، تمسك حافة الطاولة بيديها الباردتيين ، و تطرق الأرض طرقات خفيفة بقدميها ..
قبل أن يخرج إليها و قد ارتدى ثيابه الرسمية ، و رغم اهتمامه الدائم بمظهره ، فلم تره يوما يرتدي زيا غير مرتب أو منسق تنسيقا كاملا .. بدى مختلفا هذه المرة في زيه الرسمي الأسود الذي أظهره في شخصية الرجل القوي الذي يفيض كاريزمة و غرورا ..
" هل تناولتي الفطور ؟ "
" لا احب تناول الفطور "
" إنه وجبة مهمة "
" اعرف "
جر كرسيا و جلس قبالتها ، بعد أن جلست هي مجددا ، و ساد الصمت بينهما ..
و أخذت تنظر لأصابع يديها و كأنها تراهم للمرة الأولى ، و التهى هو بتذخين سيجارته .. و مرت الدقائق ثقيلة ، و خمد الحماس الذي اجتاحها ليلة امس وهي تقرر الخروج من البيت مبكرا ... ، ما يتيح لها امضاء صباحية طويلة جميلة رفقته ...
ثم نطقت أخيرا ، دون ان ترفع نظرها عن أصبعها الممسد عند حافة الطاولة ..
" اخشى ان اكون قد تسببت في إزعاجكما ، فلم افكر مليا في الأمر حتى الآن "
نفث ذخان السيجارة بعيدا عنها ، ثم رمى بالعقب من النافذة المفتوحة على مصرعيها بجانبه ..
" ماذا تقصدين بالمثنى في حديثك ؟ "
و مدت رأسها نحوه ، و يديها تحيطان فمها خوفا من ان تحلق كلماتها لمسمع خطيبته التي خيل لها أنها ممدة فوق السرير ذاخل الغرفة المجاورة ، و همست له
" أنت و الآنسة ليلى "
فلم يمنع نفسه من الضحك ، و قال
" و تعرفين إسمها أيضا ! "
" البلدة صغيرة و كل شيء يتناقل بسرعة "
" وجودك لا يزعجني و بالنسبة لانسة ليلى فقد غادرت قبل مدة "
" غادرت " رددت كلمته مفي سرها ، لتسري الرعشة في أوصالها ، رعشة سريعة خفيفة ..
إنهما لوحدهما في بيته !
أنت تقرأ
حب متمرد
Romance" كان ليلتها رجلا مختلفا عن الأستاذ الصارم الذي يكون معنا عليه .. إبتسامته كانت دافئة ، و كلماته صادقة و معبرة ، أما نبرته فقد أضحت نبرة جميلة .. رنانة كلحن موسيقي ، تراقصت نبضات قلبي عليه .. و لأول مرة تمنيت أن تتمدد الدقائق لساعات و الساعات لأيا...