الفصل الحادي عشر : لينا

359 20 6
                                    

وقف مدهوشا لرؤيتها في هذا الوقت من الصباح ، فأطرقت هي مسرعة تفسر له سبب تبكيرها بالمجيئ إليه .

و رغم الخجل الذي ساورها وهي تقص عليه طريقها للخروج من البيت ، بقت هادئة و واثقة بأنه سيستقبلها ..

و عندما ذخلا .. اختفى على الفور ذاخل غرفته ، ووقفت هي بضع لحظات ، قبل أن تجر كرسيا خشبيا قرب الطاولة حيث نثرت أعقاب السجائر و تجلس في قلق ... إذ أخذت الأفكار تتبادر الى ذهنها ، و التردد يتلبسها ..

متساءلة إذا ما كانت قد أخطأت بالمجيئ إليه دون إعلام مسبق ، و إذا ما كانت خطيبته أبدت رد فعل غبر محبب لقدومها .. ؟

ثم انتصبت ، تمسك حافة الطاولة بيديها الباردتيين ، و تطرق الأرض طرقات خفيفة بقدميها ..

قبل أن يخرج إليها و قد ارتدى ثيابه الرسمية ، و رغم اهتمامه الدائم بمظهره ، فلم تره يوما يرتدي زيا غير مرتب أو منسق تنسيقا كاملا .. بدى مختلفا هذه المرة في زيه الرسمي الأسود الذي أظهره في شخصية الرجل القوي الذي يفيض كاريزمة و غرورا ..

" هل تناولتي الفطور ؟ "

" لا احب تناول الفطور "

" إنه وجبة مهمة "

" اعرف "

جر كرسيا و جلس قبالتها ، بعد أن جلست هي مجددا ، و ساد الصمت بينهما ..

و أخذت تنظر لأصابع يديها و كأنها تراهم للمرة الأولى ، و التهى هو بتذخين سيجارته .. و مرت الدقائق ثقيلة ، و خمد الحماس الذي اجتاحها ليلة امس وهي تقرر الخروج من البيت مبكرا ... ، ما يتيح لها امضاء صباحية طويلة جميلة رفقته ...

ثم نطقت أخيرا ، دون ان ترفع نظرها عن أصبعها الممسد عند حافة الطاولة ..

" اخشى ان اكون قد تسببت في إزعاجكما ، فلم افكر مليا في الأمر حتى الآن "

نفث ذخان السيجارة بعيدا عنها ، ثم رمى بالعقب من النافذة المفتوحة على مصرعيها بجانبه ..

" ماذا تقصدين بالمثنى في حديثك ؟ "

و مدت رأسها نحوه ، و يديها تحيطان فمها خوفا من ان تحلق كلماتها لمسمع خطيبته التي خيل لها أنها ممدة فوق السرير ذاخل الغرفة المجاورة ، و همست له

" أنت و الآنسة ليلى "

فلم يمنع نفسه من الضحك ، و قال

" و تعرفين إسمها أيضا ! "

" البلدة صغيرة و كل شيء يتناقل بسرعة "

" وجودك لا يزعجني و بالنسبة لانسة ليلى فقد غادرت قبل مدة "

" غادرت " رددت كلمته مفي سرها ، لتسري الرعشة في أوصالها ، رعشة سريعة خفيفة ..

إنهما لوحدهما في بيته !

حب متمردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن