الممر

392 18 22
                                    

انتشر خبر خطوبة فاتن من عمر المهندس الشاب الذي تخرج قبل سنتين من قسم الهندسة الزراعية و عاد للبلدة ليترأس مزرعة والده الحاج مصطفى بسرعة و ارفقت كل مباركة و تهنئة تتلقتها فاتن ، بسؤال تعجب عن كيف و متى تم التعارف بينهما فتختصر الاجابة قائلة بابتسامة صغيرة :

" الحب امر مباغث "

و لم تفصح لأحد عن تهديدات جدها الذي ربط حريتها برجل يراقبها في كل خطوة تخطوها خارج البيت رجل مهووس بالتملك و الاستعباد ...

لم تكن فاتن لتقبل ربط حياتها برجل اقترن اسمه بالتزمت و التعصب فهي مستعدة للمواجهة لكن حالة والدتها تسوء يوما بعد يوم ما يضعها بين خيارين يا التمرد او الطاعة !

و لم تكتفي بالطاعة فقط بل التزمت باظهار مشاعر الرضى و القنوع كي لا تترك لوالدتها مجالا للشك في ان الاختيار نابع عن ارادتهت حرة ..

و كذلك نجحت في اقناع الجميع بسعادتها رفقة عمر و كم انها فرحة بكونها اضحت خطيبة مهندس زراعي و لم تقتصر على ذلك بل غذت تتباهى بخاتمها و تلفق قصص العشق و الغرام التي جمعتهما ..

و في خضم الهرج الذي تسببه قهقهاتها و ضحكاتها و نكاتها الصاخبة لم تدع لأي شخص الفرصة كي يرى التعاسة البازغة في عينيها أو غصة صوتها و رجفة يديها كلما اتت على ذكر اسم خطيبها المزعوم ...

حتى نويل التي لطالما غارت في نفسها و ابصرت ما لم تفصح عنه غذت مثل الجميع متيقنة ان القرار الخطوبة و ان كان غصبا في بادئ الامر فإن فاتن قد تقبلته و سعدت به ..

******

مر عمر ذات يوم للمعهد يترقب خروجها حتى يوصلها البيت و يقضي العشية في شرب الشاي و اكل الفطائر و لعب الضامة رفقة جدها ...

و ما ان لمحها تضحك و تصفق بيديها في الهواء من فرط الضحك بينما صديقة بجانبها تمسك بطنها مقهقهة حتى اسرع نحوها لساحة المعهد يشد معصمها ، فزعت جمدت مكانها لا تدري من اين تسلط عليها ...

توقف صرب من الطلبة مكانهم يشهدون جرها للخارج ..

بينما حاولت هي الإبقاء على اعصابها هادئة امام وهل الفضيحة التي تتعرض لها وسط الجميع و مشت بنفس السرعة محاولة مجراته لكنها ما لبتت حتى تعثرت ساقيها مع بعضهما و سقطت ارضا ..

ورغم سقوطها لم يفلت قبضته من على معصمها واتم جرها ..

نهضت بصعوبة تشعر بالذل و الاهانة فقد تفرج الجميع على الخزي الذي تعرضت له ...

و تبعهما فوج من الطلبة للخارج حيث وقفت معه وجها لوجه وهو ينزل عليها بالسب و الشتم لانها فتاة غير محترمة تضحك وسط المعهد ..

لم تحرك ساكنا رغم انها تستطيع لكمه على وجهه و بهدلته تماما كما فعل بها و ان كلفها ذلك الاشتباك معه في عراك يدوي ، لكنها فضلت التزام الصمت و الخنوع له تجنبا لاثارة للمشاكل بين والدتها و جدها ..

حب متمردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن