احست فاتن و كان شيئا يشدها الى هاوية عميقة ولم تستطع الحركة و النطق التصقت شفتيها مع بعضهما تتذوقان مرارة الطعم المعدني للدماء المسكوبة فوق وجهها حتى كادت تغرقه و تصلبت اعضائها و فقدت كل مقدرة على الحس و الادراك و لم تعي من حولها شيئا الا هزة الاصوات الحادة التي تتقاذفها كانها كفوف تصفعها بقسوة و عنف
اندفعت عربة الاسعاف تشق طريقها و يسبقها رنين متواصل و عندما وصلت مستشفى البلدة خرج الاستاذ علي مندفعا ووقف يساعد المسعفين في انزال النقالة المتحركة اين ترقد فاتن و غطت يديها وجهها اربطة بيضاء فلم يبدو منه سوى عينينها الذابلتين
و اسرعو بها لغرفة الجراحة وضعت فوق السرير واتجه نحوها طبيب متدرب لمعاينتها بعد ان خرج علي مسرعا دون تبرير او تفسير
و اخذ يزيل الضمادات من فوق وجهها و لمحت نظرة الخوف التي طفت فوق وجهه و هو يناظر جرح وجهها فاحست بامعاءهاتلتوي و تتمزق و اندفعت الدموع التي كبحتها متدافعة من مقلتيها ساخنة حارة
عاد علي بعد ان ارتدى مريولا ابيضا و قفازات و همس ببضع كلمات للمتدرب فخرج من الغرفة طائعا
و عندما بقي معا حاول تهدئتها و التخفيف عنها .. ثم سحب كرسي ، ليجلس بالقرب منها .. يسمح ما تبقى من الدماء من على وجهها بلطف .. و يعقم جرحها ..
أحست بالاستسلام التام .. راقدة مسلوبة الروح .. مشيحة بنظرها عنه .. فالشعور بالأنس الذي لطالما شعرت به بالقرب منه .. تبدل و تغير بثقل كبير يجثم على قلبها ..
إن اوهامها تختلف عن ما تعيشه الان .. لطالما تخيلت نفسها بين يديه يعالجها .. و يداوي جراحها .. تخيلت نفسها انيقة .. نظيفة .. ممدة فوق سرير ابيض واسع .. و المنظر من حولهما عائم في عبق الورود و الياسمين .. تخيلته رقيقا .. مبتسما ..
لكنها الان .. ملطخة الثياب .. مشوهة الجسد .. ممدة فوق اسرة متسخة .. و الهواء من حولهما مشبع برائحة الدم و المرض و الموت .. الالم ينهشها .. و هو مكفهر الوجه يحاول ترقيع وجهها .. و العرق يتصبب من جبينه ..
خيل لها أن قلبها قد جن حتى اوشك ان يقفز من بين اضلعها فتلاحقت انفاسها و أحست ان المرئيات امامها قد بدات تطول و تتشابك .. ثم اخذ كل شيء من حولها يدور في إيقاع مضطرب .. حتى تلاشى كل شيء ..
*******
عندما عاد إليها بالمساء كانت لا تزال نائمة كما تركها صباحا .. و الغرفة كذلك لا زالت كما هي .. و لا أثر لأي زيارة تحصى .. فلا زهور تملئ الغرفة .. و لامناديل معطرة بالدموع مرمية على الأرض .. و لا الكرسي قد زحزح من مكانه .. و لا ستائر النافذة قد فتحت ..
جلس بجانبها على الكرسي ، بعد ان تفحصها .. و تأكد من ان وضعها مستقر ..
يناظر الضمادة الطويلة الواسعة التي استولت على نصف وجهها ، ممتدة من اعلى الحاجب الأيمن حتى أسفل الشفتين ..
أنت تقرأ
حب متمرد
Romance" كان ليلتها رجلا مختلفا عن الأستاذ الصارم الذي يكون معنا عليه .. إبتسامته كانت دافئة ، و كلماته صادقة و معبرة ، أما نبرته فقد أضحت نبرة جميلة .. رنانة كلحن موسيقي ، تراقصت نبضات قلبي عليه .. و لأول مرة تمنيت أن تتمدد الدقائق لساعات و الساعات لأيا...