الفصل التاسع : زير نساء

443 18 21
                                    

مشت بخطوات واجفة لا تنفك عن النظر وراءها لتتاكد بأن تجهمر الطلبة لا يزال على مرءا من بصرها ، فالاختلاء معه ليس فكرة حكيمة أبدا ..

مشت نحو الممر ، لكنه لم يكن هناك .. فترددت بين العودة و البحث عنه ..

تغلبت رغبتها في رؤيته على إضطرابها المصاحب لذلك.. فقصدت حجرة الأساتذة القابعة اخر الممر ، وطرقت الباب طرقا خفيفا ، ثم ادفلت للذاخل لتجده جالسا عند مكتبه كما توقعت ..

_ صباح الخير يا أستاذ ..

_ صباح الخير يا أنسة

لقد عاد لمنادتها بأنسة كما يفعل مع بقية الطالبات ، بعد أن اعتادت أن يناديها باسمها الأول فقط ..

_ لقد طلبت في رؤيتي ،

_ أجل ، تعالي اجلسي هنا ..

اشار الى الكرسي بجانبه ..

ولم تكن لتمتثل لطلبه لولا شعورها بارتجاف رهيب تعري ساقيها و يهدد استقامتها ..

فجرت الكرسي بعيدا قليلا عنه ثم جلست متحاشية النظر الى وجهه فكلما فعلت ينزلق بصرها على غير هدى منها لشفتيه ...

_ " تفضلي ما فاتك حصة البارحة "

مد لها بضعة اوراق اخرجها من حقيبته ..

لترد عليه قائلة

_ " لقد طلبتها من نويل بالفعل "

_" جيد و هل اطلعتي عليها ؟ "

اومئت له ايجاب .. ليضيف :

" سأفسر لك الرسوم المبيانية ، خذي اول رسم بياني "

و نهض من مكانه يقف عند راسها و يده خلف ظهره ..

و رغم ان قربه منها كان معقولا ، لا يتجاوز حدود طالب و استاذه .. غذى قلبها يضرب بجنون و انقطعت انفاسها في جوفها و ظلت تستغفر الله و تهلل و تكبر في سرها كلما مر شريط الحلم من امام عينيها لعله ينقشع و يمحى من ذاكرتها ..

وعند لاحظ جمودها و سكونها انحنى نحوها يشير باصبعه لجملة ما ...

ففزعت و قفزت من مكانها مندفعة حتى كادت تسقط ارضا لولا تمسكها بحافة المكتب و انطلق الاستغفار من فمها دون أن تعي بذلك ..

حملق فيها بدهشة ثم قال محاولا مسك نفسه من الضحك :

" مالك يا فاتن ؟ "

فاطرقت خجلا من نفسها و قالت بتلعثم :

" اخفتني يا استاذ "

فرد مستغربا :

" وهل في ما يخيف ؟ "

" حاشى ، لم اقصد ذلك لكنني عانيت من كوابيس ليلة امس ولا يزال تاثيرها سار علي "

" اي نوع من الكوابيس "

وبعلت ريقها بضعة مرات و قالت متظاهرة بعدم الاكثرات :

حب متمردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن