" مبروك يا فاتن "
ابتسمت لمدير المعهد المنتصب أمامها ، بصلعته اللامعة و بطنه المنتفخة و شنبه الخشن ..
ترد على مباركته .. و تقرأ في عينيه أسئلة كثيرة .. و شكوكا أكثر ..
و لم يكن الوحيد الذي التمست في ملامحه نظرات الشك و الريبة ..
بل في أغلب العاملين في المعهد .. و كأنهم يخبرونها بأن فتاة مثلها لا يمكن ان تتزوج رجلا كعلي ..
و تمنت لو كانت تستطيع الجزم بالعكس ، فحتى قبلته الصغيرة تلك .. كانت قبلة مليئة بالتردد و الحيرة ..
لم تكن قبلة لذيذة ..كما لم تكن ذات نكهة معينة ..
لقد تخيلت دائما أن قبلته ستكون بطعم البرتقال .. فيها من المرارة و الحلاوة قياس متقارب ..
و تخيلت بأن القبلة ستكون تحت قطوس خاصة .. قطوس شبه مقدسة ..
كأن يجلسا معا .. في الشرفة يشاهدان البدر في أوج اكتماله .. ينير من فوقهما عتمة الدنيا ..
و موسيقى جاز هادئة تنبعث من المذياع بالقرب منهما .. خافتة .. خجولة ..
ورائحة عطرها الفرنسي المفضل .. تطير و تتراقص في الجو حولهما ..
فيقترب منها .. متعللا بشيء ما .. كأن تقرأ له الشعر أو تنشد له أغنية ..
و يكافئها على ذلك .. بحبة عنب .. يرفعها من الطبق الموضوع أمامهما ..
و يمدها نحو شفتيها المنفرجتين ..
و لما تقترب الحبة من فمها .. تنزلق من بين أصابعه ..
فيمد يده خاوية نحو شفتيها .. يتحسسهما .. كأنما يتحسس شعلة من النار ..
" ننتظر منك سلوكا أكثر تهذيبا و أكثر رزانة "
أضاف المدير .. بعد جملة من الأحاديث التي لم ترمي لها بالا ..
فأومئت له .. تأكد له عن حسن نيتها في التغيير ..
و خرجت من مكتبه .. تقضم اظافرها .. في شرود و حيرة ..
لما قبلها ؟ ..
أيعتقد بأنه يستطيع ذلك فقط لأنها اعترفت له بحبه ؟
أم أنه بالفعل قبلها لأنه يحبها .. !
لا تستطيع إيجاد إجابة واضحة .. !
لكنها سعيدة رغم هذا الكم الهائل من التشوش الحاصل في عقلها .. سعيدة .. أجل !
ووفاها علي .. بعد أن انتهى من بعض الأمور المكتبية ..
يطلعها على جدول حصصها .. و التغييرات التي طرأت أثناء غيابها ..
و رفعت بصرها تنظر إليه ..
و قد عادت ملامح الجد تكتسي وجهه .. و عاد البرود يتمكن منه .. و عادت نبرته جامدة قاسية ..
أنت تقرأ
حب متمرد
Romance" كان ليلتها رجلا مختلفا عن الأستاذ الصارم الذي يكون معنا عليه .. إبتسامته كانت دافئة ، و كلماته صادقة و معبرة ، أما نبرته فقد أضحت نبرة جميلة .. رنانة كلحن موسيقي ، تراقصت نبضات قلبي عليه .. و لأول مرة تمنيت أن تتمدد الدقائق لساعات و الساعات لأيا...