صفعة قوية

483 26 15
                                    

" مبروك يا فاتن "

ابتسمت لمدير المعهد المنتصب أمامها ، بصلعته اللامعة و بطنه المنتفخة و شنبه الخشن ..

ترد على مباركته .. و تقرأ في عينيه أسئلة كثيرة .. و شكوكا أكثر ..

و لم يكن الوحيد الذي التمست في ملامحه نظرات الشك و الريبة ..

بل في أغلب العاملين في المعهد .. و كأنهم يخبرونها بأن فتاة مثلها لا يمكن ان تتزوج رجلا كعلي ..

و تمنت لو كانت تستطيع الجزم بالعكس ، فحتى قبلته الصغيرة تلك .. كانت قبلة مليئة بالتردد و الحيرة ..

لم تكن قبلة لذيذة ..كما لم تكن ذات نكهة معينة ..

لقد تخيلت دائما أن قبلته ستكون بطعم البرتقال .. فيها من المرارة و الحلاوة قياس متقارب ..

و تخيلت بأن القبلة ستكون تحت قطوس خاصة .. قطوس شبه مقدسة ..

كأن يجلسا معا .. في الشرفة يشاهدان البدر في أوج اكتماله .. ينير من فوقهما عتمة الدنيا ..

و موسيقى جاز هادئة تنبعث من المذياع بالقرب منهما .. خافتة .. خجولة ..

ورائحة عطرها الفرنسي المفضل .. تطير و تتراقص في الجو حولهما ..

فيقترب منها .. متعللا بشيء ما .. كأن تقرأ له الشعر أو تنشد له أغنية ..

و يكافئها على ذلك .. بحبة عنب .. يرفعها من الطبق الموضوع أمامهما ..

و يمدها نحو شفتيها المنفرجتين ..

و لما تقترب الحبة من فمها .. تنزلق من بين أصابعه ..

فيمد يده خاوية نحو شفتيها .. يتحسسهما .. كأنما يتحسس شعلة من النار ..

" ننتظر منك سلوكا أكثر تهذيبا و أكثر رزانة "

أضاف المدير .. بعد جملة من الأحاديث التي لم ترمي لها بالا ..

فأومئت له .. تأكد له عن حسن نيتها في التغيير ..

و خرجت من مكتبه .. تقضم اظافرها .. في شرود و حيرة ..

لما قبلها ؟ ..

أيعتقد بأنه يستطيع ذلك فقط لأنها اعترفت له بحبه ؟

أم أنه بالفعل قبلها لأنه يحبها .. !

لا تستطيع إيجاد إجابة واضحة .. !

لكنها سعيدة رغم هذا الكم الهائل من التشوش الحاصل في عقلها .. سعيدة .. أجل !

ووفاها علي .. بعد أن انتهى من بعض الأمور المكتبية ..

يطلعها على جدول حصصها .. و التغييرات التي طرأت أثناء غيابها ..

و رفعت بصرها تنظر إليه ..

و قد عادت ملامح الجد تكتسي وجهه .. و عاد البرود يتمكن منه .. و عادت نبرته جامدة قاسية ..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 09 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حب متمردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن