لم يتحدث علي بعد ذلك مطلقا .. عادا للبيت داخل دوامة من الصمت المطبق .. ، و ما أن اوصلها للداخل الشقة .. حتى انسحب يعاود الخروج ..
و دخلت هي لغرفتها .. تخلع عنها ثوبها على مهل .. تفكر في ما حدث .. لما لا يحق لها أن تسعد يوما واحدا كاملا دون ان يحدث ما يشوش فرحتها و يعكر مزاجها ..
و استلقت فوق سريرها .. و قد هدها التعب .. و لم تقوى على التفكير أكثر .. فغطت نفسها و أخذت تقرأ قصة من قصص الغرام الرديئة المستهلكة .. لعلها تنسى حظها العثر و تطير في أحلام عالم من عوالم الخيال الرائعة ..
و لما استيقظت كان الوقت قد تعدى العاشرة صباحا .. ولم يكن علي متواجدا فلم تدري إذا ما كان خارجا باكرا أم لم يعد مطلقا ..
فتناولت طعام الافطار وحيدة في المطبخ .. ثم غسلت الاطباق و رتبت الشقة و أعدت طعام الغذاء .. أملا في عودته ..
و جهزت نفسها بعدها و تأنقت .. إرتدت فستانا أخضرا ياقوتيا طويلا ذو أكمام قصيرة بحزام أسود يشد الخصر و يبرزه و مشت شعرها و تمنت لو رفعت للأعلى عوض سكبه فوق وجهها لإخفاء الجرح ..
و جلست تنتظره .. بعد ان انتهت من قراءة الصحيفة .. و قصة من القصص البوليسية التي قراتها مرات عدة ..
كانت تخاف الفراغ و الوحدة .. فما من تنتهي من القيام بأمر ما حتى تتجه لإتمام الأخر ..
كانت تخاف مواجهة نفسها .. تخاف ان تجد نفسها وحيدة أمام وهل ذكرياتها و افكارها ..
تهرب من نفسها .. نحوه .. ، تتشبث به دون وعي منها .. لأنها خائفة من فكرة الوحدة.. من فكرة العودة للفراغ .. كما كانت داخل غرفتها وحيدة مع نسيم الموت و الفقد ..
إنه بالنسبة لها الأمل و الرجاة .. إنه من انتشلها من مصير ظنت أنه محتوم و ابدي .. و لا تفكر في التخلي عنه ابدا ..
و طال بها الإنتظار .. و اقتربت الساعة من الرابعة زوالا و لم يعد بعد ..
ففهمت بأنه على الغالب لن يعود إلا مساءا .. فأدارت رقم نادية تطلب منها مقابلتها عند البحيرة ..
و في طريقها للخروج من العمارة .. صادفت نويل .. فحيتها بإبتسامة مشرقة ، تسألها عن حالها :
_ أهلا ، كيف حالك ..
ووقفت نويل لبرهة تنظر لفاتن .. دون أن تنس بحرف ، و قد بدى أن أفكارا كثيرة تتضارب في عقلها ..
فأضافت فاتن .. لعلها تطفي غرابة الموقف ..
_ جئت إليك مرات عدة .. و في كل مرة تبلغني والدتك بعدم تواجدك ..
و لم تجب فورا .. بل ظلت صامتة برهة ثم قالت و في صوتها عتاب كثير ..
_ مبروك الزواج يا فاتن ..
_ الله يبارك فيك ..
_ زواج مفاجئ أليس كذلك ؟
_ أجل .. كان أمرا مباغثا
أنت تقرأ
حب متمرد
Romance" كان ليلتها رجلا مختلفا عن الأستاذ الصارم الذي يكون معنا عليه .. إبتسامته كانت دافئة ، و كلماته صادقة و معبرة ، أما نبرته فقد أضحت نبرة جميلة .. رنانة كلحن موسيقي ، تراقصت نبضات قلبي عليه .. و لأول مرة تمنيت أن تتمدد الدقائق لساعات و الساعات لأيا...