الفصل العاشر : الإوزة

438 20 20
                                    

تسللت للمطبخ بعد ان نام كل من في البيت لتستنشق هواء الشرفة الواسعة بعد ان انتابتها نوبة قلق شعرت خلالها و كأن الهواء يتلاشى من حولها ...

وقفت تتنفس ببطئ و مع كل رشفة هواء تستنشقها تنزلق معها دمعة حارة تنفجر من الغصة الاليمة بذاخلها ..

وكسر سكون الليل صوت خرششة ...

لم تعطي له بالا لذلك في بادئ الامر لكن عندما تكرر مدت عنقها لتكتشف ما يحدث تحت الشرفة ..

و لم يكن ممدودا امام بصرها شيء غير الفضاء المظلم ...

و قبل ان تسحب راسها و تعود ادراجها ..اضيئ مصباح الشارع الذي يطفئ و يشعل في ايقاع منتظم ..

فتسنت لها الفرصة لرؤية خيالين مختبئين خلف شجرة المشمش الضخمة ولولا المساحة البسيطة الفاصلة بينهما لظنته ظل شخص واحد ..

و ظلت تمد راسها أكثر و أكثر حتى غذى نصف جسدها متدلي من الشرفة ..

و ظلت تراقب الخيالين يرقصان بخفة كالحمام ... و ثم انسجما مع بعضهما حتى أصبحوا ظلا واحد .. ففهمت انهما يتبدلان القبل .. و انظفئ المصباح و عم الظلام من جديد ...

فتراجعت تهوي فوق الكرسي بعد ان جرت في بدنها رعشة كانما شاهدت عرضا مسرحيا ...

******

خرجت من المدرسة تجر ذيول الخيبة من وراءها بعد ان تغيب الاستاذ علي عن جميع حصصه ما يشيد بصحة الاشاعات المنشورة ...

اتجهت نحو عمر المستغرق في الحديث رفقة بائع الذرة المشوية و سألها إذا ما أردات أكل واحدة .. لكنها اومئت له رفضا و طلبت منه التوجه للبيت مباشرة ...

و سارا معا و بينهما مسافة كلما حاول تقليصها ابتعدت عنه اكثر و اكثر ...

ولأول مرة طوال السنوات الثلاث التي قضتها جيئة و ذهابا من هذا الطريق ألقت بالا للعشاق الجالسين في الكراسي الخشبية عند جانبي الرصيف و للأحباب المختلين ببعضهم تحت الشجر و خلف الاسوار يتبادلون الغزل و القبل و الوعود و الكثير من الاكاذيب ... الاكاذيب اللذيذة التي تتغلغل في الروح و تلتصق بالقلب و العقل ...

ووصلت للبيت و راسها يدور ويعج بالافكار والاسئلة ..

و اتجهت نحو المطبخ حيث يصدح الراديو بأغنية حب .. و خيل لها بأن الحياة تستهزء منها فأينما حلت و ارتحلت لا شيء سوى الحب و الحب ..

وجلست كروح شاردة عطشة ترتوي من جمالية و عذوب الصوت و الكلمات ...

" خذني حبيبي ع الهنا، إنسى اللي كان وإبتدي
خليني إخلق يا أنا، منك وليك إهتدي
انا بدي حبك اكثر، علمني كل يوم إنساك
تا يرجع لي حبك أكبر، وإتعلم كل يوم إهواك
علمني كل يوم إنساك "

وقبل ان يسرح خيالها و يهرب بها بعيدا كعادته ، صرخ عمر يستعجلها في احضار الشاي ..

******

حب متمردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن