«آدَمِــــي»
كَمن إنتَشَل منهَا روحَها بغَلائِل متخَنَة عتَاوة و نِيرَان الجاثِيَة هزّت صبرَهَا تفوقَ إختبَار تحمّلها و كَمن حمَلها عن دنْيا بغتَة إلى غَياهِب الموتِ تفذّ الكَبدَ حيثُ تعوّد أن يكونْ، صَرخَت ليليان بأوصالٍ متحشرِجَة تلمّ كلّ ألمٍ حميمٍ عن غمّه و إنهَارت بأيدي من يصدّونها عن الوصُول إلى والدَها الذي لامَس جسده الترابَ للتوّ وسطَ تابوتٍ مشبّع برائحة الفرَاق و الحُزن، و الهمّ.
كلّ من في الجنَازَة يرمقُون ليليان بشفقَة على إنكسَارها إلاّ بيكهيون ما تصدّق عليها بتلكَ النظرَة و تفهّمَ ألمَها من الوجهِ حتى القفَا.
"دعُـوني أراه للمرّة الأخيِـرة، والِـدي لا أرجوكُم".
قالتها ليليان يائسَة بقلبٍ عاتبَه الندم و الشَوق فهتف بصدقٍ يبغي الإحترَاق بنارِ اللقَاء و الوصال طالبًا نفسًا أخيرًا علّها إستطَاعت ملئ ما تكبّدها من تَرح. عانقَتها سوجين و الدموع لم تفارِق وجنتَي كلا الأختين اللّتانِ لم يتبقّى لهما سوى نفسيهمَا و خاصّة ليليان التي أضحت يتيمَة كلا الأبوين فقد سبق و تخلّت عنها والدُتها التي أنجبتها، و اليوم تخلّى عنها آخر أملٍ لها في العيش و في رغبة الحياة؛ والدُها.
"لمن ألتَجئ من بعدكَ يا سندي؟ أنت متّ مرّة أمّا أنا من بعدكَ فسأموتُ ألف مرّة يا أبي، لمَا ترَكتني دون أن تأخذني معكَ أقلّه؟".
أردفتها بحَرقة تَنغنَغت من جوفهَا بينَما تشدّ بأنامِلها على خِنَاقِ أختِها في عناقٍ لم يلبَثَا فيه سويًّا حتى شارَكتهم به السيّدة إيـم بُغيَة مدّ الصبرِ إليهَا و إعانَة طفلَتيهَا على أغلَى فُراقٍ قد يمرّ به أيّ آدَمـي بوجهِ الأرض و في الكَون.
ما بَدَر من عائلَة بيـون لم يكُن جليلاً تجلّى في تعابِير الحسرَة و العجزِ أمامَهم لكنّ ما خالَجهُم من أحاسيسَ حزينَة على أقربَائهم فاتَ القليلَ، حتّى ووسوك الصغِير لم يعكِف عن البُكاء خلسَة و هو بحُضنِ والدَته خشيَة من أن يلمَح أحدٌ ما دُموعه فيُؤنّبه كما علّمه بيكهيـون.
أمّا بيكهيـون رُغمَ ما ينخزُه من ألَمٍ شدِيد أوغلَه و وجعٍ قاتِل بداخلِه فما إستطَاع الإستمرَارَ، تعابيرُه مثلجَة؛ لا نظَراتَ حزنٍ أو دمعَة و لو بالكَذب ذُرفت من عينَاه، هو لَم يبكِي في جنَازة والدِه ولا حينَ موتُه قطّ، لقد تأبّنت طفولَته و لُفّت مشاعِره بكفنٍ أسوَد لتلقَى بقَعرِ الجحِيم بعيدًا عن مَتَاعِ الدنيَا و ما فيهَا.
لكن و إن هو قد أنكَر و واصلَ الكَذب عن نَفسِه فقَد و بطرِيقَة ما شَعُر بجرحِ ليليان و ذكّرتهُ ببيكهيون الصغِيرْ الذي يَقفُ مكانَها قبل عِشرينَ سنَة، على الأقل إستطَاعت هي النحِيب على جثمَانِ والدِها و ما كتَمت بجوفِها أمّا بيكهيـون فَلم يتَجاوز الماضِي لأنّه ما واجَهَهُ حتّى، كُلّما ترائَت لَهُ إحدى صفحَات المَاضي الأليم، أغلقَ الكِتابَ دونَ أن يطوي الصفحَة المشؤُومَة فيهَا و تركَ السفاء كما هو.
أنت تقرأ
ØBSĖSSIØN || هَـــوَسْ عَــاشِــقْ
Kısa Hikaye«مِـنَ اللَّـيْـلَة فَـصَـاعِـدًا أَنْـتِ دُمْـيَـتِـي !» - دَعْـنَـا نُـرِي لِلْعَالَـمْ أَنّ حُـبّـنَا مَا كَانَ بلُعبَـة فَلْنُـقْـسِـمْ بأَنّ عِـشْـقَـنَـا سَـيَـبْـقَـى خَـالِـدًا و لَـوْ بَعْـد سِـنـيـن مِـنْ إنْـدِثَـارِنَـا. - كُـتِـبَ لَـنَ...