~البارت الحادي والعشرون ~

350 28 1
                                    

اتفقت مع جميلة على الذهاب الى الطبيب الأسبوع القادم . صراحةً لم اُرِد أن أذهب إلى الطبيب النفسي . ليس لأنه لا يذهب إليه سوى المجانين و كل الكلام الفارغ هذا . و لكنني لم أكن أريد مساعدة اي شخص . لطالما كنت اساعد نفسي بنفسي . لم اكن اريد ان أرى الشفقة في عين الطبيب أو جميلة او اي شخص . جميلة قالت لي انني مصابة باكتئاب . صراحةً توقعت .. فأنا حرفيا و فعليا لم أكن بخير .
مرت الايام و جاء يوم الذهاب الى الطبيب . استعلمت من جميلة أنها صديقتها طبيبة نفسية و اسمها ليلى . ذهبت جميلة معي إلى الطبيبة حتى تطمئنني و تبقى بجانبي .
دخلت العيادة . ذهبت جميلة إلى موظفة الاستقبال و قالت إن كانت الطبيبة موجودة او لا و متى يمكنني أن ادخل . قالت لها موظفة الاستقبال أنها موجودة و أنني سأدخل بعد أن يخرج المريض الذي بالداخل .
مر ربع ساعة .. ثم خرج المريض من الغرفة ثم قالت موظفة الاستقبال بصوت مرتفع : آنسة مريم عز الدين ..
قلت لها : نعم هنا
قالت لي و هي تقف و تتجه إلى الغرفة التي بها الطبيبة : تفضلي حان دورك .
ثم فتحت لي الباب .. ألقيت نظرة على جميلة وجدتها ترفع إبهامها لأعلى و تقول لي بصوت منخفض : بالتوفيق
دخلت و أغلقت الباب خلفي . كانت الطبيبة تجلس على المكتب و من ثم وقفت و اتجهت إلى حتى وقعت بجانبي و مدت يدها لتسلم علي و قالت : مرحبا يا مريم . انا اسمي الدكتورة ليلى . إن كانت كلمة دكتورة تضايقك يمكنك مناداتي ليلى فقط حتى نُقرب أكثر من بعضنا .
اومأت لها برأسي و مددت يدي لاسلم عليها .
قالت لي و هي تشير إلى إحدى الارائك : اجلسي يا مريم تفضلي .
جلست على الأريكة و بدأت الدكتورة في الحديث ..
' حسنا يا مريم .. جميلة تكون صديقتي و قد تحدثت عنك كثيرا . اردت أن أراكِ بنفسي حتى أرى ما مشكلتك . هل يمكنك أن تحكي لي ما الذي يحزنك حتى جعلك هكذا ؟ '
قلت لها و انا ارفع كتفاي : من اين ابدا ؟
قالت لي و هي تنظر إلي باهتمام و انصات : من اي جزء انا ساسمعك .
تنهدت طويلا .. ثم بدأت في الحديث عن كل شىء من بدايته إلى نهايته . الى أن وصلت إلى أهم جزء . و هو جزء الرواية .
' لقد كنت أعيش حياة مملة و روتينية للغاية . اي شخص مكاني كان ليموت . تحملت سنوات و سنوات و لم اهتم لاي شيء . كنت أعتقد أنني سأبقى هكذا للابد و لن يتغير شيء .. حتى أنني لم افكر يوما في تكوين صداقات أخرى غير جميلة . و لم افكر في تكوين علاقة عاطفية مع أحد أو انتي سأقوم بتكوين أسرة و اطفال و زوج و عائلة . لم اكن أرى مستقبل لي سوى أنني سأبقى اعمل فقط 5ايام بالاسبوع .. و الايام تمر و تمضي معها السنين . الى أن صار عمري 27 عام و لم افعل اي انجاز بحياتي بعد .. إلى أن قرأت تلك الرواية . منذ أن رأيتها في المكتبة و انا أشعر أنها رواية غير عادية . كنت انجذب إليها بشكل غير طبيعي . كنت اهتم بها و أقرأها طوال الوقت . الى أن انتهت و استيقظت في يوم من الايام و وجدت نفسي بطلة روايتي . في البداية كنت خائفة للغاية . حاولت التصرف سريعا و بعشوائية حتى اعتاد على حياتي الجديدة مثلما فعلت مع حياتي الواقعية . و لكنني فعلت أشياء لم أكن لافعلها لولا تلك الرواية . كونت صداقات جديدة غير جميلة . اعترف لي احدهم بحبه . بدأت مشروعي الخاص و عملي الخاص . كنت أعيش حياة لطالما اردت ان اعيشها . و في يوم ما سُلبت مني تلك الحياة و عدت مرة أخرى إلى الحياة الواقعية المميتة . لم اعرف كيف اتصرف . كنت احب الحياة الافتراضية الخاصة بي كثيرا . كنت أشعر بالسعادة الغامرة و انا هناك .  كنت مرتاحة كثيرا رغم أنني لم اعيش هناك سوى شهرين فقط . انا حقا لا اريد ان استمر بالعيش هنا '
قالت لي الدكتورة ليلى و تي تنظر لي باهتمام : هل فكرتي بالانتحار من قبل ؟
قلت لها و انا لا أنظر إليها : صراحةً نعم . و لكن في نهاية المطاف لم اريد اقتل نفسي و اخسر حياتي . لم يكن لدي الجرأة يوما لافعل ذلك .
همهمت الدكتورة ثم جاءت لتجلس بجانبي على الأريكة و قالت : اتفهم شعورك جيدا . و لكن لا تقلقي هناك حل مشكلتك تلك و هي بسيطة للغاية . انتي فقط مصابة باكتئاب ليس اي مرض آخر . و علاجه سهل و لكن يجب أن تتعاوني معي حتى لا تطول مدته
اومأت لها برأسي ثم قالت : حسنا ساتفق معك على إتفاق . كل جلسة سنعالج مشكلة في حياتك و حلها كانت في عالمك الافتراضي .. هذه الجلسة سنرى مشكلة العمل . انتي تعملين في السفارة الفرنسية صحيح ؟
اومأت لها برأسي
قالت لي : حسنا من طريقة كلامك شعرت انك لا تحبين عملك في السفارة . لماذا ؟
قلت لها : عمل روتيني . لا أشعر بأي شعور جيد و انا ذاهبة إليه . بسيط و لكن منهك للغاية و متعب
قالت لي : لماذا ؟ أليس انتي من اختار هذا العمل ؟
قلت لها : لا . امي من اختارته لي بعد تخرجي مباشرة . رأت أن سمعة أن يعمل الشخص في سفارة فرنسية شىء جيد للغاية و ايضا مع مرتب جيد . و لكنني لم اُرِد أن أعمل هناك .
قالت لي : حسنا اول خطوة في العلاج عدم الندم على أي قرارات ماضية . المهم الآن هو التركيز على الحاضر فقط . ما العمل التي عملتيه في عالمك الافتراضي و كنتي سعيدة به ؟
قلت لها : افتتحت مكتبة
قالت لي : حسنا . لا يمكنك الهرب من العمل كثيرا . أما أن تستمري بالعمل او لا . لكنك الان تهربين فقط . متى تنتهي اجازتك ؟
قلت لها : بعد يومين
قالت لي : حينا ستذهبين بعد يومين إلى العمل طبيعي للغاية و لكن حينها لن تستمري بالعمل . بل ستقومين بكتابة استقالة لكي تنتهي من هذا العمل .
تذكرت حينها عندما كتب چون و روزان استقالتهم من اجلي . من دون أن يقوموا بالتفكير في الأمر يوما كاملا أو أسبوعاً مثلي. 
اومأت لها برأسي .
ثم قالت لي : و حاولي أن تعيشي حياتك بطريقة مختلفة.  بعيدا عن أي شيء يضايقك او اي شيء قديم يفكرك بذكريات قديمة سيئة .
اومأت لها برأسي ثم وقفت و قالت : انتهت جلستنا اليوم . ستأتي الأسبوع القادم في نفس هذا اليوم و نفس الميعاد حتى نخطط للخطوة القادمة
ابتسمت لها و سلمت عليها . خرجت من الغرفة و رأيت جميلة تقف و تتجه الي . قالت لي : ها كيف كان ميعاد الدكتورة ؟
قلت لها : كان جيدا  .
ثم ذهبت إلى المنزل لاطبق ما قالته الدكتورة اليّ .

THE MAGICAL NOVEL | الرِوَاية السِحْرِيّة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن