الفصل الخامس عشر
ساعتان تركها بعد أن كانت تدخل إليه مباشرة .. وهذه النظرة الباردة بعينيه وإزدرائها الواضح ..
نظرة تبعد أكمل عن مصدر الدفء وتجعل حمزة الآن هو المطلوب .
ظلا ينظران لبعضهما طويلا لكن عيناه فقدت ما كانت تراه فيها من جمال ..
شعرها الأحمر مستفز بصبغته الصناعية .. وجسدها نحيفا ضئيلا لا يغني شهوة ولا يثأر لرغبة .. تبدو كوجه صناعي لغلاف مجلة لا حياة به ولا طبيعة ..
هى ضريبة معرفة الحقيقة وما وراء الستار البرئ .. في لحظة مواجهة يُفقَد البريق وتتضح الصورة اللامعة ..
فيوضَع كل فرد في حجمه الحقيقي .
أخذت قمر نفسا عميقا ثم قالت بثبات حاولت التشبث به :" هل يمكنك أن تسمعني لحظات ؟ "
تململ أكمل جديا زافرا بحنق ليقول بإنزعاج :
" هل أنا متفرغ لكِ ؟ .. كل يوم أجدكِ عندي هنا "
بلحظة كان سؤالا يضرب عقل قمر بجنون .. هل كان ليكون هذا إستقباله إن كانت شمس هى الآتية ؟!.
قلبها يدق بشعور بارد وهى تقول بوجوم :" لن آخذ من وقتك الكثير "
استدار أكمل بكرسيه الجلدي يواجه الجدار أفضل من رؤيتها قائلا ببرود :
" وحتى القليل الذي ستأخذينه أصبح كثيرا جدا عليكِ "
نظرت قمر لظهر الكرسي وشعور الضآلة يعاودها بقوة فخفت صوتها صاغرا معترفة :
" اعلم أني خدعتك و.... "
قاطعها أكمل بجمود وهو يريح رأسه للخلف :
" أنا سألتكِ في اليوم الأول الذي خطيتِ فيه بقدميكِ هنا إن كنت مرتبطة أم لا "
صمت لحظة يستمع فيها لأنفاسها المرتعشة فيحتقر ما فعلته بزوجها متابعا :
" وأتذكر حينها أن كلمة لا خرجت بثقة "
عجز ينتابها يجعلها مشوشة الأفكار .. باردة الأطراف تائهة الوجهة
شاحبة المحيا لا تستطيع الوقوف والصمود لمواجهة .. صغيرة مهمشة تلعب دوما دورا إحتياطيا وضعها والدها به ..
في إطار صورة يحركها الآخرين تقف ولا تفعل شيئا .. الآن تتسائل لماذا رضيت منذ البداية فاختارت الغيرة والعناد طريقا ؟!..
لماذا لم تتفوق في دراستها وصار حلمها عظيما ؟!..
لكن حتى وإن تفوقت فيها لم يكن عقلها ليكشف أبدا عن حلم عظيم .. كانت ستظل مجرد شهادة مُعلَقة على حائط ..
في بيتٍ تُحبَط فيه الهمم ويُقلَل فيه من شأن الأفراد المؤنثة فإن عقلها مكبل مهتز الثقة بل ربما لا يملكها في أساسه الهش .
ابتلعت ريقها فتشعر بحلقها جاف كالصخر ويخرج صوتها به رغبة بكاء خفية :" خفت أن يؤثر ذلك على عملي وأنكرت أنني مخطوبة ... لم أكن اعلم بأن كل ذلك سيحدث.... "
صمتت وشعور الذنب يضرب قلبها أقوى من كل مرة فيخفت صوتها هامسا :
أنت تقرأ
عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)
Romanceرواية بقلم المبدعة ساندي نور عشقكَِ .. عاصمةُ ضباب بفتح الكاف أو كسرها .. لا يهم العشق واحد والقلوب تختلف بداخل كل منا شيئا من ضباب شيئا لا ندرك كيف أتى ؟! .. ولكننا وجدنا أنفسنا هكذا المهم أن نفتح بصيرتنا لا أبصارنا .. لكى نرى ما نعجز عن رؤيته حقوق...