الفصل الخامس والثلاثون

11.6K 306 46
                                    

الفصل الخامس والثلاثون

فتح كامل باب غرفة حمزة فتوقف لحظة مذهولا من الضباب الدخاني الذي يملأ الغرفة قبل أن يسعل بقوة حتى احمر وجهه وهو يتقدم للداخل ..
اطفأ حمزة السيجارة التي لا يعلم عددها في المنفضة الكريستالية جواره ووالده يفتح الستائر ثم يفتح باب الشرفة ليدخل الهواء للغرفة الخانقة وهو ينهره بحنق بعد أن هدأ سعاله

" تبا لك ولرأسك الصلب ولما تفعله بنفسك كالحمقى "

يستدير كامل ينظر إليه ثم يقترب ناظرا لعدد السجائر بالمنفضة فينظر له غاضبا بسؤاله

" منذ متى وأنت تدخن ؟! .. هل صدقت أنك قاتل وتشربت طباع المجرمين بهذه السرعة ؟! "

استرخى حمزة في جلسته على سريره وهو يشبك أصابعه معا يرد بتمرد عينيه

" زوج ابنتك ما شاء الله مجرم أصيل .. لمَ لا تسأله ماذا يحدث حين تخطو فقط وسط المجرمين ؟! "

ظل كامل ينظر إلي وجهه المكدوم وذقنه الطويلة بعينيه الواثقتين حتى قال بامتعاض

" ولمَ اسأله ؟! .. يكفي أن انظر إلي وجهك ! "

اتجه ليجلس على نهاية السرير مفكرا وهو ينتبه لشرر عيني ولده فيضيق عينيه متسائلا

" مَن هؤلاء الذين تشاجرت معهم ؟ "

أدار حمزة وجهه وملامحه تنفر لا يطيق كلاما لكن كامل يضغط على موضع نزيفه مبكرا باسئلته

" ما الذي أغضبك لهذه الدرجة ؟ .. أنهم خاضوا في شرف زوجتك أم لم تتحمل كرامتك أن تسمع إنها خانتك وقتلت المفترض إنه عشيقها ؟ "

يطبق حمزة شفتيه غاضبا وهو يعلم أن والده علم بمشاجرته في الزنزانة من المحامي لكنه يلاعبه ليثير أعصابه تجاهها .. تلك المشاجرة التي لا يعلم حقا ما أغضبه بها حتى نهض ليضرب كل مَن نطق بسيرته ..
مجرد سؤال سأله أحدهم عن تهمته فأجابه آخر إنه قتل عشيق زوجته ليرد آخر إنه رجل بحق .. ولا يعلم بعدها ماذا حدث ؟ .. فارت الدماء بعروقه حامية .. حامية للغاية ..
اعتدل جالسا ووجهه ينذر شرا بعينين شيطانيتين فيهتف بانفعال مجنون

" لا تقل زوجتك .. اتركني الآن وإلا ساغادر أنا البيت كله "

رمقه كامل بنظرة صارمة وهو يقول بهدوء حازم

" اهدأ "

يشتعل اللهب الأخضر بعيني حمزة وكل ما صار يتكالب عليه في هيئة وجوه عدة .. وجوه كثيرة مرت عليه لا يتذكر أصحابها لكن نظراتها واضحة بذهنه ما بين شامت ومستهزئ وحاقد وشرس ..
هو الزوج المغدور المخدوع .. تلك نظرة لن ينساها من كل مَن يعلم بتهمته فيُنكَس رأسه رغما عنه .. رغما عن إنه من المفترض أخذ حقه وقتل العشيق .. لكن نظراتهم المشفقة كانت تشعله لهبا فوق اللهب ..
لينتهي الأمر دائما بوجهها الباسم البرئ .. يتحول بلمحة بصر لأفعى ضخمة تبتلعه في دوامة لا زال غارقا بها حتى اللحظة ..
حتى لحظة تساؤله الغاضب المكبوت لمَن يطالبه هدوءا لا يملك منه ذرة

عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن