الفصل الثاني عشر

10.9K 272 22
                                    

الفصل الثاني عشر

" تتزوجينني ؟ "

اتسعت عيناها قليلا لترتعش شفتاها بلمحة خفية .. وتشرد بعيدا
بدا - سؤالا - .. نعم .. ليس كلمة أو عبارة أو جملة عادية في الحوار ..
بدا سؤالا .. رغما عنه .. رغما عن نبرته الخشنة الصلفة ..
بدا سؤالا .. به .. وكأن جزء منه حيا ولا يعرف قول هذه الكلمة إلا هكذا ..
بدا سؤالا .. جمده مكانه .. فأحيا إستغرابه بذاته وهو يشعر أنها لحظة .. لحظة واحدة تبدل فيها .. ثم عاد ..
بدا سؤالا .. جميلا .. مرعشا للقلب رغما عنها .. رغما عن ثقتها وصلابتها ..
تبقى فتاة بقلبٍ أخضر نقىّ تنتظر ... سؤالا .

" ليلى "
" نعم رائد "
" تتزوجينني ؟ "
" ......... مـ .... ماذا ؟! "
" تـ .. تـ .. ز .. و..جـ .. يـ .. نـ .. نـ .. ي ؟ "
" ليلى .. ليلى هل أنتِ بخير ؟ ... أنتِ تترنحين "
" أنا بخير .. بـ ... خير "
" و ... و .... مـ ... موافقة "

لا زال يدور بها .. يشعر بجسدها الفارع ملتصقا بجسده ضاغطا عليه بذراعيه ..
فيضغط على موضع ألمه الآن وذراعاه خاليا الوفاض .

استكانت دارين وقلبها رغما عنها يطرق أضلع صدرها بخجل العذارى
يروق لها أن تضغط عليه بالكلمات .. أن تره على حافة الإنفجار
ولكنها لم تعتقد أن الإنفجار سيكون سؤالا صريحا هكذا
سؤالا مفاجئا له قبلها .. تعابير وجهه انغلقت وعيناه تشرد بذكرياته الغير منتهية ..
فتتغلف تعابير وجهها بالجدية وهى تحدق به بنظرة مختلفة .. نظرة أنثى .. لرجل سألها الزواج منذ لحظات .
نظرة لـ ملامحه الجاذبة بخشونتها وهمجية طباعه المتفردة .. بـ سمرة الشمس وسحر ليل عينيه المحددتين بالظلام ..
وتلك النظرة الشرسة في غضبها الذي تنفر له عروق رقبته بطريقة تستفز أنوثتها ..
يتورد وجهها عفويا وصدره الصلب الظاهر من قميصه الأسود المفتوحة نصف أزراره بعشوائية يتحرك صعودا وهبوطا بحدة أنفاسه فتكاد تشعر بما يعانيه هذه اللحظة .
فتعود لعينيه وهى تسأله بخفوت :

" لماذا ؟ "

يعود رائد لواقعه عابسا بشدة والمقارنة تحصل من تلقاء نفسها
- ماذا - السابقة تحولت إلي – لماذا – الآن
يدقق النظر لوجهها فيريد معرفة حدٍ فاصل بين الحقيقة والخيال
ذلك الشئ الذي يشعره بها ويُسكِن ما حوله يشعر أنه لمسه قبل اليوم .. رآه .. تخيله .. حلم به ..
ربما لأنه حلم بها مرة .. وربما لسبب آخر يجهله .. ولكن في كل الأحوال لابد أن يعترف أنها مختلفة .
أسكنته الذكرى فتحول بهمجيته لسكونٍ متألم وهو يتسائل بنبرة جامدة لرجل لم يعد شيئا يشكل فارقا له :

" لماذا ماذا ؟ "

عينا دارين ينطفئ تألقها وتطرق للأسفل فيراها متوترة للمرة الأولى
بلا إبتسامتها المستفزة .. بلا ثقتها المتحايلة .. حتى في إنطفائها هذا شئ ما غريب بها يجعله مغتاظا منها دائما ..
مالت للأمام تستند بذراعيها للطاولة وعيناها لا تزال تنظر للأسفل فتسأل بغرابة :

عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن