الفصل الثاني

15.4K 366 10
                                    

الفصل الثانى

( لا زالت صورتها أمامى ...

إمرأة شهية الأنوثة بروح طفلة محرومة

تمسك بيدٍ عسل النحل .. وبيدها الأخرى الملعقة

تتناوله فتحلو شفتاها بلمعة العسل

بينما أظل أنا مراقبا ملسوعا بنحل عشقها

ولكن حاشا أن أتألم منها

ما يهمنى حقا .... إنها معى

أن كل وهجها اخترق أعماقى المظلمة الباردة

خمرية الملامح التى أرغب وصالها

ولكن أولا علىّ ترميم كسورها

ولمَ الترميم ؟!

سأبنيها من جديد .. بأساساتى أنا .. باسمى أنا

سأعلمها كل ما لم تعلمه .. سأفعل معها كل ما لم تفعله

سأتسلل ببراعة إلى قلبها .. مستغلا ما يسمرها أمامى رغما عنها

عيناىّ )

وضع ذراعه تحت رأسه وظل محدقا فى السقف ولا زالت صورتها أمام عينيه !! .











قبل أشهر

منذ وقت قصير وضع رأسه على وسادته لتظل عيناه شاخصةً قليلا فى ظلام غرفته قبل أن يرحمه النوم ويغلق عينيه
لتلاحقه ذكرى القضبان السوداء فى منامه كما لا تفارقه فى صحوه
قضبان .. قضبان .. حوله فى كل مكان تسجنه بداخلها وتأبى إلا أن تضيق من حوله ببطء يخنق أنفاسه
تمده بالرغبة فى الصراخ .. فى الانتفاض .. فى تحطيم كل شئ
ليعد متذكرا عجزه بداخلها فيجهش بالبكاء
تسيل الدموع من عينيه على قلبه المجروح فتكوى جرحه أكثر بنارٍ لا يدركها إخماد
حتى إذا جفت الدموع تشققت ملامحه فيسقط كل ما يدل على – حياة - ليزيد عمرا فوق عمره
فى قاعة المحكمة الفارغة لا يرى إلا ظلاما أصابه بصيص نور لا يعلم مصدره
تتقبض يداه على أحد القضبان وهو يحاول هزه بعنف .. ثم يسكن كل شئ بمجرد سماع .. ضحكتها
ها هى آتية من بعيد تضحك بشدة لا يعلم لها سببا وهى تراه خلف تلك القضبان اللعينة
يحاول صوته الخروج ليناديها ولكن .. لا صوت
فيمد يده ناحيتها مدركا أن بيدها إطلاق سراحه ولكنها لا تستجيب
إنها تضحك .. وتضحك .. ويزداد وجهها إشراقا غير مبالية به
تضحك حتى صمّت أذنيه فوضع كفيه عليهما فأصبح لا يميز إلا صوتا مشوشا
حتى أشارت بيدها ناحيته .. ظن أنها إشارة اطلاق سراحه
ولكن القضبان أصبحت تضيق أكثر .. تضيق أسرع .. وبإشارة أخرى من يدها كانت تتحرك
تتحرك به خلفها ثم توقفت حين استدارت – هى – لير على وجهها حزنا لم ير مثله قبلا
فيعقد حاجبيه بألم حزنها ويجد صوته أخيرا ليقول بكل ما يملك من طاقة :
" حررينى "
رآها تطرق برأسها لترفعه بعدها بقناعٍ غطى وجهها بأكمله ثم تباعدت .. تباعدت حتى اختفت تماما خلف ضباب بعيد حجب رؤيته تماما
فيحاول الصراخ عجزا وغضبا وقهرا :
" حررينى .. حررينى "
أخذت الأصوات تتداخل .. صوت الضحكات .. الأصوات المشوشة .. ثم أصوات تكسير أحجار
الأصوات تعلو وتمتزج حتى أصبحت كنغمات تعذيب لسياط تجلده
يلف حول نفسه لفا باحثا عن مصدر الأصوات فتختنق أنفاسه أكثر وهو لا يميز شيئا حوله سوى قاعة المحكمة الفارغة المظلمة
اختفى بصيص النور وأصبح الظلام يخترق قلبه بسهامٍ مؤلمة فيحاول التجلد حتى لا يظهر ألمه
برودة تكاد تنخر عظامه وهى تتسلل كريح مرئية تحاوط القضبان التى تحبسه
تعلو الأصوات أكثر حتى أصبح الألم لا يُحتَمل فخارت قواه تماما وهو ينهار على ركبتيه شاعرا بنبض قلبه كاد يتوقف .. شاعرا بجسده كاد يتجمد
ليرفع جفنيه الثقيلين باتجاه السهم الأخير .. ينظر باتجاهه فتبدو الرؤية كخيوط رفيعة تتقطع بإختراق السهم لها
حتى ميز طيفها الحزين مجددا ثم .. تفجرت الدماء
اخترق سهم كابوسه كل شئ .. فتلاشت القاعة .. اختفت القضبان .. واختفى – هو – ايضا
ولم يعد فى الأرض سوى ... دماء .
انتفض من نومه يرتجف وعيناه تتسعان عن آخرهما فيميز بعد لحظات أثاث غرفته عبر الظلام
تلهث أنفاسه وحبات عرق تتجمع فوق جسده المرتجف
أنزل ساقيه لينهض من سريره ينير الغرفة بنور خافت وكأنه يخشى الضوء
الساعة تجاوزت الثالثة بعد منتصف الليل بقليل وهو لم ينم منذ يومين بسبب رحلة عمله الأخيرة
ليقف بمنامته وسط الغرفة وقد شعر إنه عاجز عن الحركة كما شعر فى كابوسه البغيض
ولكن بخطوات مثقلة اتجه نحو المرآة حين شعر بألم فى بطنه .. يرفع طرف المنامة محاولا السيطرة على إرتعاش كفه
ليتذكر تلك الليلة بكل تفاصيلها التى تركت أثرا لا يمحى على جسده وهو يحدق بعينين غاضبتين لذلك الشق العرضى فى بطنه
تغير لونه بمرور ثلاث سنوات ولكن أثره سيظل عالقا به طوال حياته ليذكره بتلك الفترة التى جمعت حزنه بغضبه .. يأسه بجبروته .. دموعه بصراخه
وجهه الحقيقى .. بوجهه الآخر .
وبذلك الغضب الذى لا زال يملأ صدره قبضت يده على زجاجة عطر أمامه ليلقيها بكل قوته على المرآة
كذلك السهم الذى نثر دمائه .. نُثِرَت شظايا المرآة المكسورة
وظل هو ينظر إلى نفسه من خلالها براحة مَن أدمن صورته خلف مرآة مكسورة !!

عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن