الفصل العاشر

10.3K 293 29
                                    

الفصل العاشر

"' هل '"
'" تستطيعين '"
'" القيادة ؟ '"

سؤال برنة مباغتة مميزة لصورة أكثر تميزا قفزت إليها على شاشة هاتفها ..
استندت لمياء لظهر كرسي الصالون الذي تجلس عليه واضعة ساقا فوق الأخرى وتسللت ابتسامة بطيئة إلي شفتيها وهى تفتح الصورة بلهفة ترقب وكتبت

"' لا '"

فيأتيها الرد يشعرها بمرح صاحبه

'" أنا مجنون سيارات '"

ثم يضيف ضياء الدين بتلقائية

'" لقد جعلت زوجتي تطير بالسيارة في عدة أشهر '"

تغيم نظرات لمياء بحسرة أكبر من أن يفهمها أحد سواها فتكرر

'" أنا لا أعرف القيادة '"

بعد لحظات تأتيها الرسالة التالية فتقرأ

'" أتعلمين .. أنا مهندس معماري كما هو مكتوب على صفحتي الشخصية بالفيس بوك .. عملت فترة بإحدى الشركات لكن من شدة حبي للسيارات توقفت وفتحت معرض للسيارات والآن المعرض أصبح اثنين "'

تبتسم لمياء بلا شعور معين وعيناها تتنقلان بين الهاتف والتلفاز المفتوح على فيلم هندي حديث ثم تكتب

'" من الرائع أن تعمل ما تحب "'

فتراه يكتب قليلا ثم تُرسل الرسالة فتقرأ

'" وأنتِ ماذا تحبين لمياء ؟ .. هل تحبين ركوب الدراجات مثلا ؟! "'

ثم أرسل لها وجهين ضاحكين فتتحول إبتسامة لمياء لمرارة طافحة وهى تكتب بلا وعي ربما

'" أنا لم أركب دراجة بحياتي ... لم أسبح ... لم أذهب في أي رحلة من رحلات المدرسة وليس لي أصدقاء أيضا .. فقط صديقة واحدة ... إن سألتني عن أي شئ أستطيع فعله فستكون إجابتي دوما وبلا فخر ... لا "'

الندم على ما كتبته حاوطها فبعث برغبة بكاء كتمتها في صدرها بقوة ..
رغبة تكبتها ضمن رغبات كثيرة مكبوتة حتى أصبح الكبت عنوانها ..
ظل لحظات توقعت فيها أنه يقرأ ويتعجب ثم أرسل لها عدة وجوه مصدومة ذات وجنات محمرة مميزة ثم كتب متعجبا حتى إنها شعرت بتعجبه

'" كيف تعيشين هكذا ؟! "'

تعيش !! ... هل هى حقا تعيش ؟!
وسط شجارات والديها التي لا تنتهي .. وسط الضيق المالي الذي تتعثر فيه حياتهم فتجعلها منعزلة عن كل نشاطات العالم كما كتبت له ..
راضية وقانعة وتعطي ألف عذر لوالدها الذي انقلب حاله المتيسر للنقيض ..
ولكنها الوحدة .. الوحدة التي تحياها ليل نهار..
هى فتاة كأي فتاة حلمت بعشق فارس الأحلام .. زميل الثانوية .. زميل الجامعة .. معيد الجامعة ..
ومرت الثانوية .. ومرت الجامعة .. وتمر بما بعد الجامعة .. ولم يأت زميل ولا معيد ..
ومر أحمد .. مر كما لم يكن يوما بحياتها .. والحزن على أطلاله ليس من صفاتها ..
لم يقربها أحد .. لم تسمع ' أحبكِ ' ولو عابثة .. لم ينظر إليها أحد بنظرة جريئة .
فهل سيصدقها أحد إن قالت أنها - عذراء - قلبا وقالبا ؟!!
عذراء العينين واليدين والأنفاس والأحاسيس وحتى التفكير
فتقف أمام المرآة تحدق بشكلها وتبتسم ..
وجهها المستدير بغمازة خدها الأيمن المميزة حين تبتسم بشفتيها الناعمتين الصغيرتين وعيناها السوداوتين المشبعتين دفئا وحنانا لم يهتم به أحد ..
تتغاضى عن أنفها الكبير لأنه يليق بها فتحمد الله على كل حال ..
ويكفي شعرها الأسود الناعم الواصل لخصرها فتتمايل به في غرفتها دون أن يلمحها به أحد وهى التي ارتدت حجابها مبكرا ..
عادية نعم ... لكن أجمل من فتيات كثيرات ينعمون بالحب ..
تستغفر لمياء الله من الوساوس الشيطانية التي تنتابها وتحمده برضا ثم تكتب بإبتسامة هادئة

عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن