الفصل التاسع والثلاثون والأخير

16.7K 316 30
                                    

الفصل التاسع والثلاثون والأخير

دارين أم قمر ..
أيختار القلب بين سكانه ؟..
نظرة لبوابة الشركة تبعتها نظرة نحو المصنع الصغير حيث يركض عماد ليلحق بها فما شعر بقدميه وهما تسبقانه نحو المصنع راكضا إليها ..
دخل حمزة ليرى تجمهر العمال حولها وعماد يحاول تفريقهم ليصل إليها .. حتى ظهرت قمر أرضا بطاقمها الأسود وشعرها المتناثر حول وجهها فتتناثر نبضاته وهو يندفع إليها ما إن لمسها عماد يحاول إفاقتها برفق ..
هبط جوارها ليأخذها من على ذراع عماد مرجعا شعرها بكفه عن وجهها الشاحب لينظر لها لحظات فتتحرك شفتاه بلا وعي

" قمر "

نفس حار مر على وجهها من صدره وهو يخطف ملامحها بعينيه .. عيناها المغمضتان باستكانة هادئة وشفتاها الممتلئتان بلون وردي خفيف ..
حملها بين ذراعيه ونهض بها متجاهلا همهمة العمال ونظرات عماد الذي تقبل الأمر ببساطة قبل أن يعود الجميع لعمله ..
خرج حمزة بها يضمها لصدره بقوة وشعرها يتطاير لامسا ذراعه حتى وصل لسيارته السوداء ليضعها بالمقعد الأمامي ويحكم حولها حزام الأمان ثم يبعد شعرها عن وجهها مرة أخرى كأنه يتعمد لمسها بلا وعي ..
التف حول السيارة يركبها ثم ينطلق بها وهو يخرج هاتفه ليطلب رقما وينتظر الخط ليُفتح فيسأل مباشرة

" شمس هل أنتِ في عملك ؟ "

ردت شمس باستغراب قلق

" نعم .. ماذا هناك حمزة ؟ "

قال وهو يلف بالسيارة خارجا من بوابة الشركة

" قمر ضغطها انخفض وسآخذها للمشفى التي تقع بعد الشركة هل تعرفينها ؟ "

هتفت شمس بلهفة

" نعم .. أليست هى التي بعدها بثلاث محطات ؟ "

رد حمزة وهو ينظر إليها نظرات سريعة جواره ثم يعيد بصره للطريق

" نعم هى .. أريدكِ أن تأخذِ إذنا وتأتي إليها لأن دارين تلد وأنا مضطر للذهاب إليها بالمشفى "

تهتف شمس مجددا بدهشة

" دارين تلد ؟!! .. حسنا حسنا سأكون عندك في خلال ساعة لكن لا تترك قمر وحدها حتى أصل "

أكد حمزة لها قبل أن يغلق الخط

" لن اتركها "

لن يتركها ولو استطاع لخطفها وفر بها بعيدا يفرغ فيها غضبه كاشتياقه وحاجته إليها .. كيف يجتمع كل هذا الغضب والشوق معا ؟ ..
يمسح وجهه زافرا وهو ينتبه للطريق أمامه وهى ساكنة هامدة لا تعلم أنها أول مَن ركب هذه السيارة جواره ..
لم يكن قلقا فقد اعتاد ضعفها وانخفاض ضغطها الذي يؤدي لاغماء حين ترهق نفسها كثيرا ثم تفيق بعد دقائق حين يعتدل الضغط .. التحاليل التي أجرتها قبلا استلمها بنفسه يومها واطمئن من الطبيب أن الأمر عادي ..
عادي ! .. لأنها هشة بطبيعتها التائهة فأبت إلا أن تشعره بالخوف عليها كل حين وآخر .. لم يكن قلقا نعم لكن خوفه ولهفته نبضا بقلبه بشكل آخر مجنون وهو يحملها بين ذراعيه يشعر بجسدها مجددا ..
وها هو يأخذها بعيدا عن الشركة ليكون معها وحدهما مع أنه يعرف أن المشفى لن تفعل أكثر من أن تعطيها محلولا سكريا يتقاطر لدمها وكان يمكن أن تفيق بالشركة ..
لكنه الشوق استغل الفرصة .. يريد .. يريد صورة تلح على عقله بضراوة شرسة .. يريد أن يخنقها ويقبلها بنفس الوقت ! ..
يريدها بحاجة قلب يملك فتاة رباها على يديه .. وبحاجة رجل يعشق أنثاه .. وهذا ما تطرف فيه معها فلم ينجحا معا ..
‏حين كان يربي فإنه يربي فقط .. وحين كان يعشق فإنه يعشق فقط .. لكنه لم يعي أن الطفلة والمرأة واحدة وعليه أن يجمع قلبه ورجولته معا ليحتويها ..
وصل حمزة أمام المشفى فصفّ سيارته ثم نظر لها قليلا .. نظرات حرة لا يعيقها شئ .. ليته يستطيع أن .....

عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن