الفصل العشرونتجلس أمام النافذة لا ترى سوى السماء بدفئها في نهار أول يوم من شهر رمضان المبارك ..
ربما اختار جناحهما في الطابق الرابع والعشرين لأنه كما قال يحب القمم العالية .
المنظر من الأعلى أجمل بكثير .. طوال حياتها ووالدها كان يثبت أقدامها هى وقمر على الأرض .. ليأتِ هو ويرتفع بها لترَ السماء .
أيام تمر وهو يصبر عليها بشكل غير عادي .. نظراته تتأجج برغبة لا يخفيها لكنه لا يطيعها .. ينظر إليها بمنتهى الحرية ..
وكثيرا ما تلمح في عينيه تحديا بشئ ما أو ربما .. وعدا لنفسه بشئ ما !.
عدلت وضع نظارتها ذات الإطار الأسود فوق عينيها لتنظر لشاشة حاسوبها فوق رجليها بإهتمام تقرأ البحث الذي أرسله إليها مشرف رسالتها ..
جيد أنها اتصلت به لتجده يسألها عن غيابها لأنه لا يريد تعطيل وقته وإلا لكان ترك رسالتها ولتبحث هى من البداية عن مشرف جديد ..
كانت تحتاج لدفعة خفية من أي شخص لتكمل الماچستير ..
كثيرا ما أرادت أن تأخذ دورات تدريبية وهى تدرس ليأتها رد والدها الأول .. وما لزومها ؟! ..
وفي اللحظة التالية تثبط عزيمتها فتنسى الأمر .. تعلم أنه مجرد سؤال بعد الطلب وأنها لو أصرت لم يكن ليبخل عنها والدها بالمال لكن الأمر في ثقافة التعليم الذاتي نفسه ..
أن يرَ أن كل ما يتعلمه حمزة ودارين مجرد تفاهات والتعليم المدرسي هو المفترض فقط لا غير .. فهو لا يدرك أن التعليم المدرسي لا يبني شخصية ولا يهب ثقةً في نفس ..
وها هى تجلس هنا بلا قيمة !
رفعت شمس رأسها تنظر أمامها مبهوتة ..
يا للمصيبة .. إنها أفكار قمر !..
بل هى الحقيقة .
ميدالية مضيئة على شكل فانوس صغير تهادت أمامها بيده الثابتة فرفعت شمس عينيها إليه ببرود ثم أعادت نظرها للحاسوب ..
يجلس أكمل على الكرسي الآخر جوارها واضعا الميدالية على لوحة المفاتيح وهو يقول :" كل عام وأنتِ بخير "
اومأت شمس بلا رد وهى تطالع البحث أمامها فتسمع أكمل هادئا :
" هل يمكنني دعوتكِ لنفطر معا اليوم ؟ "
أغمضت شمس عينيها لحظات ثم فتحتهما وهى تأخذ نفسا عميقا مرتعشا ..
منذ أن أتت وهى تأكل وحدها أو لا تأكل ونادرا ما جمعهما طعام في لحظات صمت مريبة ..
وها هو يطلب منها أبسط حقوقه .. أن تأكل معه ..
لكنه لا يدرك صعوبة الأمر .. صعوبة خيانة .. طفلها ..
خيانته باستمرار حياتها التي وهبتها له منذ موته .. موته وهو قطعة صغيرة عمرها سبعة أشهر وثمانية أيام ..
ولن يدرك أحد حرقة الكبد وتلوي الأحشاء بنيران فقد الولد إلا مَن ذاقها .
وإثقال النفس بالذنب ومنعه من حقوقه هما آخر فوق الهموم .( منكِ لله يا قمر .. منكِ لله )
أدارت وجهها إليه لامعة العينين بدموع بعيدة تقول بنبرتها المثقلة هماً :
" أنا لا أريد أن أرتكب إثما "
ظل أكمل صامتا ينظر إليها عاقدا حاجبيه بشدة وملامحه تثور بثورة عينيه حتى رد عليها :
أنت تقرأ
عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)
Romanceرواية بقلم المبدعة ساندي نور عشقكَِ .. عاصمةُ ضباب بفتح الكاف أو كسرها .. لا يهم العشق واحد والقلوب تختلف بداخل كل منا شيئا من ضباب شيئا لا ندرك كيف أتى ؟! .. ولكننا وجدنا أنفسنا هكذا المهم أن نفتح بصيرتنا لا أبصارنا .. لكى نرى ما نعجز عن رؤيته حقوق...