الفصل السادس عشر

10.4K 264 12
                                    

الفصل السادس عشر

خرجت شمس من بوابة منزلهم الصغيرة تستقل السيارة التي طلبتها وما إن ركبت حتى أمرت السائق بالتوجه نحو ذاك النفق الذي سينتظرها عنده غير منتبهة للسيارة التي لحقتها .
باردة جامدة وألف شعور يتقاذفها .. أكثرهم تعذيبا .. كرهها لنفسها
يوما ما انتقمت من نفسها وهى توافق على عبد الخالق لتنتقم لكرامتها التي أهدرتها بيدها ..
ثم وافقت على العودة إليه إستكمالا للإنتقام وإشعالا للذنب في عيون والديها ..
ليس قمر فقط مَن تحمل تلك الأنانية البغيضة .. هى أيضا تحملها وهى ترغب أن يشعر الجميع بذنبها فتوافق مرة تلو الأخرى على ما يلقونها به بمنتهى الخضوع ..
تتقن العقاب بالإستسلام .. تتقن لعب دور الضحية كما قالت قمر
قمر مهما فعلت تبقى واضحة صريحة حتى في أكثر مشاعرها سلبية .. حين تغار تُظهِر .. حين ينتابها البرود تتجاهل بقسوة .. وحين تخطئ تكابر بلا إهتمام ..
لكن هى حين تغار تُخفي .. حين ينتابها البرود تخضع بتبلد ..
خضوع – لئيم – لتثقل كاهل والديها بإحساس الذنب .
وتعترف أنها هذه المرة أيضا دافعها ليس فقط تجنبا لفضائح لا تهتم إن أثيرت ..
بل لأن والديها فتحوا معها من الأصل موضوع الزواج ووافقوا على مقابلة أكمل ..
جانب منها خضع لترى الذنب فيما بعد وهى تعود إليهما مطلقة !.
استندت شمس لزجاج النافذة تراقب الطريق يتسارع بسرعة السيارة وعيناها تموتان بعد أن كانا كل الوهج ..
متى صارت تكره نفسها بهذا الشكل ؟ .. متى تشكلت هذه المشاعر السوداء بداخلها لتخرج بأقسى صورة تمس والديها ؟..
كانت تحب نفسها بالفعل .. تحب ما أخذته من وهج اسمها .. تحب صرامتها المتحفظة وهى تحدد أهدافها ..
أهداف تخرجها هى الأخرى من العلبة المغلقة التي وضعها والدها بها .
أهداف تجعلها مستقلة تتحدى الجميع بتفوقها وتقدمها وحدها رغم وحدتها وقلة ثقتها بنفسها وهى صغيرة ..
كانت تعلم إن تأذى إحساسها ستكره نفسها وتموت بعده لذلك ظلت وحيدة ..
إلا أن هناك مَن دفع الثقة بكيانها رغما عنها ليخرجها من علبة والدها محررا وهجها فاستجابت بكل روحها ..
ثم رحل تاركا الثقة تتحول لقسوة .. والقسوة تتحول لإنتقام من ذاتها لاستجابتها .. والإنتقام جاء في صورة عبد الخالق ..
ثم الرحيل المؤلم والفقد العزيز .
كم رأت في حياتها القصيرة !
والآن صارت قسوتها جزءا منها .. صارت تكره نفسها فعليا .. تتخفى خلف جدار الألم لتخفي أنانيتها .
كم تأذى بيت سليمان العامري المغلق !.
قد يراهم الجميع بأفضل حال لكن الألم النفسي أحيانا أشد من الألم العضوي .
انتبهت لاشتداد الهواء فترى البحر يظهر والسائق يلتف بالسيارة والأنفاق تبدأ بالظهور واحدا تلو آخر ..
لم تكن ستأتي .. أبدا لم تكن تفكر في المجئ لولا حديثها مع قمر صباحا وهى تسألها لماذا ذهبت إليه بالأمس ؟! ..
فترد قمر وهى تلتف حولها تمسك بيدها ناظرة لخاتم أكمل بها تقول بنبرة شعرت بسمها يندفع في أوردتها :

" لَحِقَ يخبركِ !! .. واضح أن العلاقة بينكما تتطور أسرع مما ظننت ! .. ولماذا لم تسأليه ؟! .. الأفضل أن تتصلِ به هو ليخبركِ لا أن تأتِ إلىّ ... مؤكد أعطاكِ رقمه الخاص ( جدا ) كما أعطاني إياه من قبل .. أو إذا أردتِ أعطيه لكِ أنا ... أو اذهبي إليه واسأليه وجها لوجه ماذا حدث ( بيننا ) .... لكن انتبهي على نفسكِ يا شمس ... أكمل يستطيع أن يوقع مَن أمامه بنظرة إن أراد ... والآن بعد إذنكِ لأن ( زوجي ) بإنتظاري "

عِشقكَِ عاصمةُ ضباب(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن