ليتكم لم ترحلوا

294 33 61
                                    

بعد مدة خرج الطبيب من غرفة أدم سار باتجاه حمزة و مهند ، مع كل خطوة يقترب فيها منهم ، يشعر مهند بقلبه يهوي في 

عمق سحيق .

الطبيب : والد الأطفال أدم و براء ؟

مهند بوجل : أ أنا ، كيف هم ؟

الطبيب : أدم لديه حروق ما بين طفيفة و متوسطة إن استمر بعلاجه و أدويته سيتعافى قريباً بإذن الله .

تمتم مهند بالحمد ، و كأنه يأخذ أول أنفاسه في الحياة

قال و دقات قلبه تتعالى بخوف و قلق : و براء ؟؟

تحدث الطبيب  : سأكون صريحاً معك منذ البداية ، براء وضعه ليس بالسهل ، حروقه بين خطيرة و متوسطة في أماكن متفرقة 

من جسده ، غير استنشاقه كمية كبيرة من أول و ثاني أكسيد الكربون ، وضعه الصحي غير مستقر و سيدخل لأكثر من عملية جراحية

 نرجو أن يفيده ذلك و لو قليلاً ، سنتوكل على الله أولاً و نفعل له كل ما بوسعنا .

أغمض عينيه بألم داعياً من الله أن يحفظ كلاهما فهو لن يتحمل فقد أحد أخر طاقته استنفذت بالكامل ،

 همس حمزة له مواسياً : سيكونان بخير بإذن الله ، توكل على الله و ادعو لهما .

فتح عينيه المحمرة من ينظر لهما يرى الألم و حرقة القلب الكبيرة .

قال مهند بألم : هل يمكنني رؤيتهما ؟

الطبيب : في الوقت الحالي لا ، كلاهما في العناية المكثفة و يمنع رؤيتهما ، اترك رقم هاتفك و سيتم إبلاغك بكل شيء ، فبقاؤك هنا بلا فائدة .

غادر الطبيب و هوى مهند على أقرب كرسي ، قدماه لم تعد قادرة على حمله كما قلبه الذي أصبح يضخ الدماء بتثاقل غير راغب 

بنشر الحياة لباقي الجسد ، اعتصر وجهه بكفيه و بكى بألم ، مع كل دمعة تسقط كانت ذكرى جميلة تطرق عقله ، طيفهم ، ضحكاتهم ،

 ذلك الدفء الذي يتواجد بوجودهم من كان يتخيل أن يتحول لزمهرير مجرد غيابهم ، كلمة "أبي" التي تصدر من أفواههم الصغيرة

لينا ، أدهم و مريم و زوجته غادروا جميعاً ليسدلوا الستار الأسود على أفراح الحياة ، غادروا و قد سحبوا معهم عطر الزهور الذي

 كان ينتشر بوجودهم ، غادروا و أطفؤوا ذلك النور الذي ينير حياته ، غادروا و سحبوا معهم ضوء القمر و أشعة الشمس ، باتت حياته

 خالية من النور سوداء كسماء الصحراء في لياليها الخالية من النجوم ، باتت حياته كلها صحراء قاحلة .

بقي أدم و براء هما كالنسيم الرقيق الذي يداعبها مواسياً ، هما سبيله الوحيد للتمسك بالحياة يدعو من قلبه أن يتعافيا بأسرع وقت ، فقلبه 

غريبٌ في الحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن