أنا أحترق

255 29 62
                                    

كورقة شجر عصفت بها أعاصير الدنيا تتخبط تارة يمنى و تارة يسرى و في النهاية تتهشم لقطع صغيرة تبعثرها الرياح في كل مكان

 ، هكذا كان بعد أن سمع جملة ابنه التي دوت في داخله كدوي انفجار عظيم " لا أريد رؤية أبي "

لكم أن تتخيلوا مدى الألم في قلب أبٍ تطلع شوقاً لرؤية ابنه منذ أشهر ، ربما انفطأت إحدى الجمرات التي كانت بداخله مع تعافي آدم

 و لكن النار غذّت بعضها و كبرت مع صد براء له و عدم تقبله لرؤيته .

أخرجوه من غرفة براء غصباً بعد أن تجمدت قدماه من الصدمة ، أما براء فقد غفا مجدداً بفعل ذلك المهدئ الذي غرسه الطبيب في 

يده بعد حالة الانهيار التي أصابته .

بقي مهند أمام غرفة براء لمدة غير مستوعب لما حدث منذ لحظات ، بعد مدة رحل مغادراً المشفى بعد أن أقنعه الطبيب بذلك بقوله

 أن مغادرته ستكون في مصلحة ابنه النفسية فهو لم يتعافى بشكل كامل بعد .

غادر حاملاً هموم الدنيا كلها على عاتقه ، يسير تحت زخات المطر التي اختلطت بدموعه المتألمة ، يسير على غير هدى ،

 كرحالة فقد بوصلته في وسط الصحراء ولا يعلم أين سبيل النجاة ، نهاية المطاف كانت كما العادة " المقبرة " ،

 و لكن هذه المرة جلس بجوار قبر أمه قابضاً بيده على التراب و شهقاته تتعالى ممتزجة مع صوت الرعد و ذلك البرق الذي 

يخترق ظلمة السماء  ...

...............

في بيت حمزة ...

كانت مرام تجلس بارتباك تحاول التغطية على غياب حمزة المتكرر ، لا تريد إظهار عدم رغبته بالبقاء مع عائلتها حتى لا تتسبب بالمشاكل ...

يسرى : أين هو زوجك المصون ؟ جلسنا عندك مدة من الزمن و لم نره سوى بضع مرات هل هكذا تعيشين معه دائماً ؟

تحدثت مرام بحرج : تعلمين أن لديه بعض الأعمال يا أمي ، هو مشغول جداً هذه الفترة .

السيد جلال بسخرية : مشغول جداً ، يبدو أنه أصبح مريباً لابن السارق ، زوجك مخدوع به .

تحدث حامد هذه المرة قائلاً : لقد علمت بأن براء قد استفاق و بدأ بالتعافي ، احم ، ألا تفكر بزيارتهم يا أبي ؟

قبل أن يثور السيد جلال أكمل حامد بهدوء : بنظرك مهند مذنب ، و لكن براء و أدم أحفادك لا ذنب لهم ، من ثم إن ما تعرضوا

 له ليس بالأمر السهل ، ربما برؤيتك تخفف عنهم و لو قليلاً .

أيدت مرام كلام حامد : معه حق يا أبي ، براء و أدم يحتاجان للحب و الرعاية فقدا أمهم و اخوتهم ، سيفرحان حين يجدانك بجوارهم.

غريبٌ في الحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن