مجرد كابوس

255 29 112
                                    

ركض بسرعة لغرفة صغيره الصارخ و جده يرتجف و يصرخ و كأن وحشاً يلاحقه و هو مقيد لا يقدر على الحراك ...

اقترب منه محتضناً جسده المرتجف : آدم ، صغيري ...

يحاول افاقته و لكن آدم كالمغيب في عالم آخر ، بل هو عالق في ذلك اليوم الأسود .

هز رأسه بعنف و هو يقول بفزع : النجدة ، أنا أحترق ، أمي لا تذهبي ، أدهم ، أدهم أجبني يا أخي، النجدة ، النجدة ، أنا أحترق ، لا أريد الموت ، النجدة ، النجدة ، لينا ،براء، مريم ،لا تتركوني ، النجدة ..

حالته هذه مزقت ما تبقى من قلب مهند ، لم يتمالك نفسه فانهمرت دموعه بألم و هو يحاول افاقة أدم ، أما حمزة فقد ذهب لإحضار زجاجة ماء بسرعة ...

ناول حمزة زجاجة ماء لمهند الذي نثر بضع قطرات على وجه أدم و مسحه بحنان و هو ينادي اسمه بصوت مختنق : آدم ، افتح عينيك يا صغيري ، أنا هنا أدم .

بدأ أدم يستشعر الواقع حوله فتح عينيه الدامعة وطالع وجه والده بنظرات ذبيحة أصابت قلب مهند بألم فوق ألمه ...

رسم ابتسامة صغيرة حزينة و هو يمسح على وجه صغيره و شعره : أنظر أنا بجوارك يا صغيري ، أنت بأمان ، لا تخف .

همس بارتجاف و هو يدس نفسه في أحضان والده متشبثاً به بقوة : أ .. أبي .

تعلق بوالده و بكى بشهقات متعالية ، شدد مهند من احتضانه و بكى هو الأخر بصمت ، أما حمزة فقد لمعت العبرات في عينيه

فانسحب و ذهب لغرفة أخرى و بكى بقهر على حال صديقه ،حالة آدم هذه تحطم قلب من رآه ، طفل بهذا العمر رآى من مآسي الحياة

أعظمها فكيف له أن يكمل حياته بعد ما حصل ...

بعد مدة ...

هدأ أدم و سكن جسده في حضن والده و خفتت شهقاته ، يبدو أنه غفا مجدداً لكن يديه لا تزال تتعلق بثياب والده بقوة و كأنه يخشى

أن يرحل هو الآخر ، أما مهند فقد كان يطالع وجه صغيره بألم و يتأمل انكماش وجهه تارة و راحته تارة أخرى ، عقله أخذه لتلك

الذكريات ، الذكريات هي ما تبقى له منهم ذكريات تزيد من ألمه و تجعله يدرك حقيقة رحيلهم ...

في الماضي ....

عاد من عمله باكراً فاليوم يوم ميلاد توأمه المشاكس ...

ما إن سمعوا صوت الباب يفتح ركض جميع أبنائه يرحبون به و يحتضنونه بشوق ...

آدم بحماس : هل أحضرت لنا كعكة ؟

مهند بابتسامة : نعم ، فاليوم يوم مميز جداً ، يوم أنارت دنيتي بنجمتين مشاغبتين .

التف الصغار نحو العلبة و انتظروا أن تفتحها أمهم بفارغ الصبر ...

غريبٌ في الحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن