غريبٌ في الحياة

مرضٌ خبيث

كانت الصدمة كبيرة بالنسبة لحمزة و خاصة أن يحيى يخفي الأمر عنهم و لم يحدثهم به أبداً ، تبادر لذهنه أنه ربما اكتشف مرضه اليوم

 لذلك أحدث هذا الدمار في البيت كله ، دموع اجتاحت عينيه مجرد التفكير بأن صديقه يتألم بصمت ، جلس على الأريكة بوهن ونظره 

الضبابي موجه للأوراق ، فرت الدموع من عينيه دون إرادة منه و قلبه قبل لسانه يتمنى أن يكون ما قرأه خاطئاً .

.......

في بيت مهند

استيقظ آدم من غفوته الصغيرة جلس على السرير بصمت و نظره يجول بالغرفة يبحث عنها في كل ركن ، حين لم يجدها اكتسى

 الحزم معالمه البريئة ، كان براء يجلس على مكتبه يستذكر دروسه و واجباته بهدوء ، و مهند يقوم بتحضير طعام الغذاء و عقله شارد 

في ذكريات الماضي ...

انتبه براء لآدم الجالس بصمت فأغلق كتبه و اتجه نحو أخيه جلس بجواره و أمسك يديه بحنان ، نظر له آدم و عيناه لا تزال شاردة ...

براء بهدوء : أتعلم بأنك أقلقتني أنا و أبي عليك هذا اليوم ؟ خفنا من أن يصيبك مكروه يا آدم ،ألم يحذرك أبي من الخروج من باب

 المدرسة فهناك سيارات كثيرة و قد تتأذى ، لماذا لم تأتي لي يا آدم ؟

أخفض آدم رأسه بحزن و قال : أنا آسف .

ضمه براء بحنان و قال : المهم أنك بخير يا أخي .

تشبث به آدم و قال : اشتقت لأمي و إخوتي ، ألم تشتق لهم يا براء ؟

اهتزت قوته الوهمية التي يحاول رسمها أمام أخيه ليخفف عنه ، فابتلع المرارة بداخله و قال بابتسامة حزينة: و هل يعقل بألا أشتاق ؟! 

أنا أيضاً اشتقت لهم كثيراً ، و لكني صابر قوي كما أبي تماماً .

طالعه آدم بنظرة مشتتة فأكمل براء بحزن : أبي أيضاً يشتاق لأمي و إخوتي يا آدم و لكنه صابر و يحاول ألا يظهر حزنه أمامنا كي لا

 نحزن ، نحن بتصرفاتنا هذه سنزيد من ألم أبي فوق ألمه ، لذلك يجب أن نكون صابرين أقوياء حتى لا نحزنه .

وقف و سار باتجاه مكتبه حاملاً صورتهم العائلية ينظر لأمه و إخوته بشوق : وحتى لا نحزن أمي وإخوتي أيضاً ، ألم يقل لنا أبي بأنهم لا يزالون معنا ، هم هنا ، في قلوبنا دائماً .

عاد ليجلس بجوار أخيه و هو يقول بابتسامة مرحة : ثم لم الحزن و نحن نمتلك أجمل أب في الدنيا ، و عمتي مرام حنونة أيضاً 

هي تحاول تعويضنا عن غياب أمنا و تحبنا و تعاملنا بلطف ، لا تنسى ثنائي المرح عمي حمزة و يحيى صحيح بأنهما في كثير من 

الأحيان يتصرفان بغرابة لا نفهمها و لكنهما يحباننا كثيراً ، وجودهما بجوارنا أمر رائع حقاً ، أرأيت بأننا محظوظون يا أخي .