صرح ضخم يتوسطه مبنى شاهق الإرتفاع وعلى جانبيه مبنيين أقصر بينما الحدائق والزرع الندي يحيط بكل ذلك حتى حدود البوابة الرئيسية، نافورة تقطع الطريق بين البوابة الأمامية والباب المؤدي إلى دواخل المبنى الأطول دافعًا الحافلة الخاصة بالموظفين للإلتفاف حولها كي تصل إلى هدفها.
اسم الشركة يرتفع على قمة المبنى المرتفع، مخطوط بخط ذهبي فوق حجر رخامي بجوار البوابات الرئيسية.
مكاتب جهزت على أحدث طراز، توفر الراحة للعاملين بها حتى ينتجوا أقصى ما لدىيهم في استرخاء نفسي، لكن التوتر بدى في الحركة الغريبة للموظفين؛ يبدو أن قلق أرباب العملحقد انتقل إليهم وأخل بالنظام المريح المتوفر داخل المكان.
وقفت آية أمام مكتب شقيقها تعاتبه على ما بدر منه خلال آخر زيارة لأختهم الكبرى : يا ربي منك يا ياسين، يعني خلاص كان لازم تقولها الكلمتين دول؟، أدينا مش عارفين راحت فين.
صاح بغضب: يووه يا آية.. بأقولك إيه؟ أنا مش ناقصك دلوقتي.
تراجعت مهدئة ثورته: خلاص خلا، سكت أهو.
عقدت ذراعيها تراقبه بينما يجلس خلف مكتبه متنهدًا بإختناق؛ علّه يستعيد بعضًا من هدوءه: كلمتِ كل صاحباتها؟
-ما شافوهاش من اليوم اللي جاتلنا فيه، يعني من الخميس.
-سألتي الموظفين لتكون جات ومشيت بسرعة.
-سألت وما سبتش حد، بردو ماحدش شافها خالص.
-في سفر تبع الشغل اليومين دول؟
-لا مافيش غير الرحلة بتاعتك كمان أسبوع.
-هي قالتلي هتاخد أجازة مفتوحة يمكن تكون سافرت لوحدها.
-الباسبور لاقيته فـ الشقة لما روحت أدور عليها هناك، هي حتى ما أخدتش حاجه من هدومها.
-يادي النيلة! يعني مافيش فايدة؟، هتكون فين بقالها أسبوع يعني؟
حركت كتفيها بتعب ورمت جسدها في مقعد أمام مكتبه: والله عصرت دماغي ومافيش نتيجة.
أخفى ياسين وجهه بين كفيه داعيًا: يا رب أحفظها يا رب
استمرت تتظاهر بالتماسك حتى لا تُلقي هم حزنها وقلقها أيضًا على كتف شقيقها، لكن رؤيته بهذه الحالة أشعرتها بغصة داخلحقلبها تحثها على البكاء، حتى تفرغ ما بداخلها من ضغط.
دخل شاب في عمر شقيقها، يملك شعرًا بنيًا، يرتدي جينزًا وقميصًا قمحي اللون مما أبرز لون عينيه العسليتين: لسه مافيش خبر؟
لم يجبه ياسين بينما اكتفت آية بإيماءة يائسة من رأسها أجابت تساؤله.
لمح الشاب الدموع المترقرقة بعينيها فأشفق على حالها، هم أن يخفف عنها حينما ارتفع رنين الهاتف الخاص بالمكتب.

أنت تقرأ
رُزق حُبي (الجزء الثاني من رزقت الحلال)
Romanceالجزء الثاني من رواية رزقت الحلال شخصيات جديدة ظهرت وأحداث مختلفة... لكن هيظهر أبطال الجزء الأول (حمزه وحياه) من تاني لكن قدام شوية... الأحداث بدايته من بداية القصة قبل ما حياه تهرب أصلًا... والأحداث هتتعرض من زاوية تانية ونظرة تانية.. بالتالي حاجا...