19

837 38 0
                                    


توجه إلى كافيتريا المشفى كي يجدد طاقته باسترخاء نسبي وفنجان من القهوة ليزداد نزقه وضيقه أضعافًا، ليس وحده المكلوم، واحدة تعوي ابنها المغدور بسيارة لشخص مستهتر، وآخر يشد من آزر شقيقه بعدما اكتشفا مرضًا خبيثًا في جسده.. وهكذا تتوالى الحكايا فتزيد بؤسه من جهة وتغمره سكينة من جهة أخرى.

لهث بالحمد على ستر الله مع زوجته، ابتسم وبرقت عيونه بسعادة عامرة، حياه تحمل طفلهما الآن في رحمها، سيرزقا بطفل يجمعهما إلى آخر العمر، الحمدلله أن النزيف تم تدراكه بسرعة قبل أن تتفاقم المسألة.

دفع كرسيه ونهض يتجه إلى الغرفة التي تشغلها، لقد تركها تستعيد قواها قبل أن يتواجها بعد الحوار البائس الذي دار بينهم قبل ساعتين، استجمع شتات نفسه ثم رفع كفه يطرق الباب بخفة.

فتحت له الممرضة تسمح له بالدخول قبل أن تغادر بعدما أتمت عملها، دخل يقدم قدم ويؤخر الأخرى، فقد حماسه على حين فجأة وقد هاجمته خواطر الرفض من جهة حياه، وجدها تجلس برأس منكس وقدمين متربعتين أسفل الملاءة البيضاء الخفيفة.

جلس على السرير لا يبعد نظراته عنها: أحسن دلوقتي؟

هزت رأسها: الحمدلله.

مد يده بتردد يمسك كفيها المتكورين في حجرها، تنهد الصعداء حينما تركت يدها ولم تسحبها بعيدًا، سألته: عرفت؟

ابتسم عفويًا: أيوه، مبروك لينا.

رفعت نظراتها إليه أخيرًا: وبعدين؟

-أنا آسف.

عضت باطن شفتها السفلى: مش بأدور على الأسف.. عايزه حل.

وضع يده على جانب شعرها الأيمن يربت عليه بحنان: هننسى، هنعيش حياتنا، هو مرحلة فـ حياتك كان لازم تعديها عشان تبقي حياه اللي قدامي دلوقتي.. حياه اللي فتحتلي الباب أول مرة أشوفها وأفتكرتها الخدامة.. اللي قولت إن عصيرها وحش وأنا ما دوقتش أحلى منه..

غمزها فضحكت، ابتسم فتابع: اللي سمتني الأرجوز وأنا ردتهالها بالشعنونة.. بتعمل اللي فـ دماغها مهما كان، وتحسسني إنه مافيش زيي فـ الدنيا لما أبص فـ عينيها وأشوف الحب بيلمع فيهم.

شهقت ودموع الحب تغمر وجهها، جلست على ركبتيها فوق الفراش ودفعت نفسها إلى أحضانه تحيط رقبته بذراعيها بقوة. شدها إليه مغمضًا عينيه خشية هروب الفرحة منهما، همست في أذنه بصوت مبحوح من فرط العاطفة: بحبك.

شدد من قبض ذراعيه على جسدها مهمهمًا: وأنا مش عايز أكتر من كدا.

***

راقبها بالثوب الأزرق تقف أمام المرآة، تمشط شعرها وتحكم جمعه كي تثبته فوق قمة رأسها، انزلقت عينيه على ثوبها الآخاذ، رسم منحنى جسدها ونزل على إتساع، يظهر كتفيها البراقين ويزيد جاذبيتهما، حلت مشبك العقد ووضعته في العلبة القطيفة الحمراء.

رُزق حُبي (الجزء الثاني من رزقت الحلال)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن