الفصل 4

962 45 0
                                        

دلفت سلمى والخجل يملؤها، لم تشعر بوجود أحد ولم تسمع أنفاس خاص من

المفترض أن يجلس في الغرفة بانتظارها، رفعت نظرها عن خطواتها المتعثرة فوجدت الصالون فارغًا، تعجبت؛ فوالدها أخبرها أنه ينتظرها هنا.

لمحت إهتزاز الستائر من الهواء الهابب عبر الأبواب الفرنسية المفتوحة، عقدت حاجبيها وخرجت عبرهم، وقد دب الشك في قلبها واستشعرت وجوده بالخارج.

كان يتلمس زهرة ناصعة البياض، ابتسمت رغمًا عنها من أسفل النقاب، لقد كانت أحب الورود إلى قلب والدها؛ فدائمًا يراها تشبهها حتى ترسخ هذا التشابه في رأسها؛ فعشقتها هي الأخرى وخصتها بمكانة دونًا عن غيرها.

استدار عندما شعر بعيون مسلطة فوقه، تراجع خطوة مفزوعًا؛ لم يتوقع أن تكون منتقبة وحتى وإن كانت فعلى الأقل ترفعه في أول مقابلة بينهما التي تعد في منزلة الرؤية الشرعية؛ فهي تعلم أنه لم يرها قبلًا ومن توافق على الزواج من آخر تدرك جيدًا أنها ستكون الثانية بحياته دائمًا لابد أن يكون بها عيبٌ كبير أو دميمة الملامح.

عادت تصوب بصرها أرضًا بخجل، ارتبك ولم يدر ما يجب عليه قوله، لعن شقيقته بينه وبين نفسه، فيبدو أنها أختارت له أقبح نساء الأرض لتعيد تربيته من جديد وتثبت وجهة نظرها في أولوية جمال الروح عن جمال الوجه، أخذ نفسًا عميقًا وأقنع نفسه أن هذه الفتاة ليس لها ذنب، أشار إلى الداخل: تعالي ندخل جوا أحسن.

تقدمته إلى الداخل دون أن تتحدث، لوى شفتيه مغتاظًا ودمدم بصوت لم يسمعه سواه: لتكون خارسة كمان.. بقى دي واقعة توقعيني فيها يا ناهد؟ ماشي ماشي.

جلست على الأريكة وعندما تأخر في بدء الحديث أمسكت أطراف عباءتها وصارت تحرك النسيج بين أصابعها الممتلئة كأنها تخلو من العظام، بشرتها النقية رغم السمرة الخفيفة المكتسبة من حرارة شمس الصيف هدأته قليلًا؛ فيبدو أن بها بعضًا مما لا يعيب.

راقبها فترة قبل أن يسألها: عايزه تسأليني عن حاجه؟

صمتت برهة تجمع أفكارها ثم سألته بهدوء فاجأها قبله: أنت عايز تتجوز على مراتك ليه؟

كظم نفسه وأجابها ببرود: هأقولك نفس الإجابة اللي قولتها لوالدك وإخواتك.. دا شيء يخصني.

ضغطت على أضراسها: إزاي يخصك لوحدك؟.. على الأقل أنا لازم أعرف؛ مش المفروض إنك هتشاركني حياتي وهأشاركك حياتك؟؟

لمحت بريق الإصرار على إلتزام موقفه في عيونه، قررت استدراكه فلزمت الهدوء: بقالكوا قد إيه متجوزين؟

تمتم ينتظر خطوتها القادمة بفروغ الصبر: أربع سنين.

-عندكوا أولاد؟

رُزق حُبي (الجزء الثاني من رزقت الحلال)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن