14

853 38 0
                                    

يعلم من تعليقات عنبر القاصدة إرسال رسالة ما إليه أن غيابها زاد، وجهها شحب وانطوت بشدة عن الجميع، تهرب منها وجلس وحيدًا في شرفة غرفته.

صمتها زاد وتهربها منه فاق الحد، بالكاد رأها مرة أو مرتين منذ ذلك الحديث المشؤم، جرحها بقصد ودفعها عنه حتى أوجع قلبها، لكن تلك كانت طريقته الوحيدة في الحفاظ على قلبه من التسليم لها.

أجل، هي زوجته، لكنه لم يتزوجها بإرادة خالصة وحب كامل، بل شهامة منه في إنقاذها من غدر عمها، وتلبية لمطلب أخته الكبرى حتى لا تغادرهم واعترافًا منه بمعروفها، كادي هي حبيبة قلبه فكيف لأخرى أن تأخذ مكانها أو حتى تشاركها فيه؟

كادي؟!، صارت رؤيتها كالغريبة، لا تحرك فيه أنملة، يحاول التغلب على ذلك بالخروج معها من حين إلى حين لكن بلا جدوى، ماذا حدث لتفقد مكانها؟، أيكون الإهمال أم اهتمام سلمى سببًا في هذا التبدل؟

أن يصمت من كان يثرثر معك.. فاعلم أن الحواجز بدأت تُبنى، إنه يدرك صحة هذه الجملة الآن، لقد توقف الحديث بينهم وانقطع كأنه لم يكن، أصبحا كغريبان يعيشان تحت سقف واحد، حتى وجبات الطعام لم تعد تقدر على جمعهما لأكثر من أنصاف الساعة.

***

وأغلب أمانينا حقوق، ذكرت نفسها بسخرية، حقها في حب زوجها، مشاركته يومه، الحديث إليه، الشعور باهتمامه، والجلوس جواره. قليلة أمانيها وصغيرة أحلامها لكن يظل موقعها بين جنبات قلبها وتتخفى خلف طيات عقلها.

سرح نظرها فوق الحاسوب المحمول، لم تعد ترى شاشته، تسرد شريط ذكرياتها منذ رأته

بعدما عاد من غياب حتى اللحظة التي جرحها بكلماته النابية. أأجرمت حين قبلت بالزواج من رجل متزوج؟.. لكن زوجته أبدت الترحيب والموافقة وقتها!

تحولت أفكارها إلى أعاصير تدور بقوة أسفل جمجمتها الكابحة لهروبها، توصلت أخيرًا إلى تساؤل لم تظن يومًا أن ستطرحه، هل الحب ذنب؟

أغلقت جفنيها توقف اندفاع الخواطر، مسدت أصابعها الجبين المتمزق من الألم، نهضت تتناول حبة مسكن لألم الرأس واندست تحت غطاءها منشدة النوم من سلطانه.

***

هبطت درجات السلم بروية، تسترجع مواقف حمزه منها منذ تعارفهما إلى اليوم، فجرًا يوقظها للصلاة ثم يتجول معها في المدينة والحديث بينهما مرح، جعل الدنيا براقة في أعينها، ثم فجأة تحول إلى وحش، يريد تمزيقها إربًا، وعلى حين غرة بلا مقدمات يغازلها ويجادلها بمشاكسة، يخبرها عن عرس سينفذ لهما وشقة يقطنان بها سوية.

كادت تنقلب على السلم لفرط شرودها، احتوتها ذراعي والدها قبل أن تنكف على وجهها، صاح بها غاضبًا: مش تاخدي بالك.

رُزق حُبي (الجزء الثاني من رزقت الحلال)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن