15

806 33 1
                                    


وقف بفك ساقط، عدم التصديق يملأ عيونه، دغدغة خفيفة تداعب قلبه بريشة خبر تسلل خلف ضلوعه، سأل الطبيبة عدة مرات يتلمس تأكيدها المتيقن لما أنبأتهم به.

ابتسمت بتفهم تؤكد جودة سمعه: مدام سلمى حامل.. وفي الشهر التاني كمان.

صرخت آية في فرح جم، وسألتها ناهد بغبطة واضحة عن أحوال سلمى وسلامة جنينها،

فأجابت قلقهم بهدوء مطمئن عندما لاحظت حالة الاستنفار التي غمرت الجميع: ما تقلقوش عليها.. النزيف ماكانش قوي والحمدلله لحقناه قبل ما يسبب أي ضرر، سواء ليها أو للجنين.

أضافت بعدم تركتهم دقيقة يستوعبون ما قالته: بس لازم تخلوا بالكم من أكلها؛ عشان واضح عليها الضعف العام وقلة التغذية الصحية ودا هيتعبها ويضر الجنين، وفيه كام دوا بيتاخدوا طبيعي في بداية أي حمل كاحتياط ومعاونة لجسم الأم على احتياجات النمو الطبيعي للجنين.

-حضرتك اكتبي اللي لازم تاخده والغذاء السليم ليها وهنخليها تمشي عليه أكيد.

أشارت الطبيبة بالموافقة لناهد قائلة: تمام، حضرتك هتيجي معايا على مكتبي أكتبلك كل المهم واللي لازم تمشي عليه.. تقدروا تاخدوا المدام معاكوا؛ مافيش داعي لتواجدها هنا.

ابتعدت الطبيبة تجاورها ناهد متناقشتين في حالة سلمى والمفيد لها بالإضافة إلى الممنوع عنها، جذبت آية ذراع ياسين تخرجه من شروده بعدما راقبت خروج الممرضة من الغرفة التي تحتلها سلمى.

طاوعها مغيب العقل والقلب، قلبه يختبر نوعًا جديدًا من العاطفة، غير ما يكنه لشقيقاته وكادي وحتى سلمى أو الأغراب، شعور يدرك في مكان ما داخله أنه سيقوى ويصبح أشد ضراوة مما هو عليه الآن؛ حاليًا هو إحساس تجاه كائن صغير ما زال في مرحلة التكوين، لا يعرف شكله، لا يشم رائحته، ولم يسمع صوته.. كيف سيكون شعوره إذن حينما يحمله بين ذراعيه ويقبله فوق جبينه المتغضن.

حدق في سلمى وراقب تقبلها التهاني من آية، نظرتها المتغيرة بلمعة فرحة إضافية لم يرها منذ مدة، زفر بضيق، لما تكون نظرة البرود من نصيبه وحده، وقد أنسته نظرتها إليه كل ما ذاقه من مشاعر لذيذة قبل لحظات.

***

تقدمت إلى داخل المنزل بأقدام مرتعشة وجسد متثاقل، تحتاج إلى النوم بشدة، والصداع يطرق رأسها بعنف، وليس هناك سبيلًا لعلاجه سوى النوم؛ فقد منعت عنها الطبيبة تناول دوائها المخفف لوجع الرأس؛ لإنه قد يضر الطفل.

استأذن ياسين من أخته الصغرى أن تبتعد، أمسك بذراع سلمى عوضًا عنها وكفه الأخر يحيط خصرها ويقدم لها الدعم، استسلمت ليديه ولم تعلق رغم رغبتها في دفعه وزهدها في معونته، لكن اشتياقها للفراش دفعها إلى رفع الراية البيضاء.

رُزق حُبي (الجزء الثاني من رزقت الحلال)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن