سمعت فاطمة صوت باب الشقة يُفتح مع صوت خرخشة أكياس بلاستيكية، وأخوها يلقي السلام ثم صوت أريكة الصالة عندما يرمي خالد جسده عليها كعادته كلما عاد من الخارج.
مسحت يديها بمنشفةٍ صغيرةٍ ثم خرجت من المطبخ ولما رأت كمية الحقائب البلاستيكية قالت: ما كل هذا؟
قال أخوها وهي مغمض العينين: أشياء سأحتاجها.
قالت وهي تنظر داخل الحقائب: لماذا سنحتاج كل هذه الشيكولاتة؟
قال خالد وهو ينظر إليها: لقد اتخذت قراري يا فاطمة وسأعود إلى هناك.
تهلل وجه فاطمة قائلةً:
- هذا رائع، لكنني أريد ان أشتري بعض الأغراض قبل أن نذهب.
قالتها وهي تضغط قليلا على (حرف النون) في كلمة (نذهب) لتأكد أنها لن تتركه يذهب بمفرده.
قال خالد: وماذا عن مذاكرتك؟
قالت فاطمة: كلية التجارة لا تحتاج مذاكرة كثيرة. أنا درست العام الماضي ولم أدخل الامتحانات وأيضًا الحضور ليس إجباريًّا.
قال خالد: حسنًا، سأبلغ خالي "سالم" أنني سأسافر في جولةٍ مع فرقةٍ موسيقيةٍ في أوروبا لمدة شهر وسآخذك معي لتتفسحي قليلًا.
قالت فاطمة: وكيف ستبرر أننا لن نتصل بهم؟
قال خالد: سأقول إننا سنكون دائمي التحرك وسيكون من الصعب الحصول على خط تليفون لأننا سياحة ولسنا مستقرين في بلدٍ واحد.
قال فاطمة: هل سيصدقونك؟
قال: لم يسافر خالك خارج حدود القاهرة إلا للذهاب إلى البلد أو إلى جمصة. أظنهم سيصدقونني بكل سهولة.
قالت: وإذا تأخرنا عن شهر؟
قال خالد وهو شارد الذهن: الحقيقة، لا أعلم إن كنا سنعود أم لا. ولا أعلم إن كان قرار رجوعنا إليهم صائبًا أم خطأ. كل ما أعرفه أنني أريد أن أساعدهم بشيء.
قالت فاطمة وهي تتحرك: الطعام في المطبخ، سأغير ملابسي وأنزل.
دخلت فاطمة غرفتها وبعد أكثر من نصف ساعة خرجت وقد غيرت ملابسها بملابس الخروج.
قال خالد: أين ستذهبين؟
قالت فاطمة وهي تفتح باب الشقة وعقلها يصنع قائمة بما يمكن أن تشتريه لصديقتها: سأشتري أشياء لجومانا.بعد عدة ساعات رجعت فاطمة وهي تحمل كثيرًا من حقائب التسوق فقال لها خالد وهو يسترق النظر داخل الحقائب: ما هذا؟
كانت حقائب التسوق تحتوي على حقائب جلدية وفساتين وأحذية وطقم مكياج وعطور وأشياء أخرى.
قالت فاطمة وهي تأخذ حقائب التسوق من يده: أشياء لا تخصك.
قال خالد مبتسمًا: لمن هذه الأشياء؟
قالت: لا يخصك أيضًا.قال وابتسامته تتسع وهو يمسك حذاء بكعبٍ عالٍ:
- هل تظني أن چومانا ستستخدم هذه الأشياء؟
قالت وهي تأخذ حقائب التسوق بعيدًا عنه: قلت هذا لا يخصك.
قال خالد: تذكري أنه سيكون معك حقيبةٌ واحدةٌ يمكنك ملؤها كما تشائين ولكنك ستحملينها طوال الرحلة.
قطبت حاجبيها قائلة: ما حجم الشنطة؟
أخرج خالد إحدى الحقائب المحمولة على الظهر الذي اشتراها صباح اليوم وقال: هذه.
قالت فاطمة وهي تمسك الشنطة بأصابع السبابة والإبهام: هذه فقط!!!!، إنها لن تتسع حتى لأغراضي.
قال خالد: هذا أقصى ما يمكنك أخذه.
أخذت الشنطة وقالت وهي تدخل غرفتها: سأتصرف، هل اتصلت بخالي؟
قال: نعم وهو يريدك أن تتصلي به.
توقفت قبل باب غرفتها وهي تفكر ثم قالت: سأصلي وأتصل به.
فتح خالد حقيبته وهو يقول وأنا سأرتب حقيبتي وسنتحرك غدًا صباحًا.
ارتفع حاجبا فاطمة وقالت: بهذه السرعة؟!
قال خالد وهو يضع بعض الملابس البيضاء في الحقيبة: لا داعي للتأخير فلقد ألغيت كل تعاقداتي بالفعل.
أخذت تفكر للحظات ثم قالت:
- حسنًا، سأتصل بخالي وأرتب الحقيبة.
ثم أضافت وهي تشير إلى طاولة الطعام: بالمناسبة، لماذا هذه الأشياء؟
كان على الطاولة حذاءٌ جديدٌ من النوع المستخدم في الجيش ومجموعة خناجر وحبال وأدوات أخرى بالإضافة إلى صندوقين صغيرين وأشياء أخرى من الصيدلية.
قال خالد وهو ينظر إلى الأغراض سارحًا بخياله: ربما نحتاجهم.
قالت فاطمة: هل ستأخذ مسدسك؟
قال خالد: إنه ليس سلاحًا حقيقيًّا، إنه فقط من أجل الاستعرض وحتى لا يفكر أحد في العبث مع العميل.
مطت فاطمة شفتيها وأمسكت الهاتف لتتصل بخالها تاركةً "خالد" ليكمل وضع الأغراض في حقيبته.*****
أنت تقرأ
رواية جومانا (الحلم) / للكاتب محمود حسن دسوقي
Fantasyكان صوت أنين الأخير يصل إلى أذن چومانا ولكنها كانت تعلم أنه لا أحد يستطيع الاقتراب منهم ولا حتى أقاربهم. ومن يبدي فقط تعاطفه فسينتهي به الحال معلقًا مثلهم. كان سلوى أهاليهم الوحيد هو أن المُعلق سيموت سريعًا خلال يوم أو اثنين على أقصى تقدير ولن يتعذب...