الفصل الأول

38.6K 1.5K 79
                                    

تصويت قبل القراءة وكومنت بعد القراءة فضلًا ❤😍

الفصل الأول :

ليلًا.. في احدى المناطق الراقية، تحديدًا بجوار احد اكبر شركات "المقاولات" في القاهرة، كان " فارس ابو الدهب " يغادر شركته بعد انتهاء فترة عمله، ركب سيارته وسار بها مسافة قليلة جدًا في اتجاهه لمنزله، ولكن صوت صراخ قريب أوقفه، ترجل من سيارته وهو يرهف السمع، ثم سار بخفة صوب الاتجاه الذي يأتي منه الصراخ، اصبح في الحديقة القريبة من الشركة، فرأى فتاة ذات خصلات برتقالية قصيرة، تقاوم بينما احدهم يبدو من مظهرهما أنه يحاول التعدي عليها. 
دون أن يفكر مرتان كان ينقض على ذلك الرجل ساحبًا إياه بعيدًا عنها ثم لكمه بقوة وهو يصيح:
-سيبها يا زبالة.
تأوه الاخر متألمًا ثم حرر نفسه بسرعة وصعوبة من بين يدي "فارس" وفر راكضًا من المكان، فيما كانت الاخرى تذرف الدموع وهي تضم جسدها الرفيع لها بقوة، فاقترب منها فارس قائلًا بخفوت بعد أن تنحنح:
-اهدي يا أنسة.
رفعت وجهها له فتراءت له عيناها الفيروزية اللامعة كنجمة بهية في جوف السماء ليلًا، وملامح وجهها التي تحمل "نمش" بدا له مميزًا، ثم همست بصوت رقيق مبحوح بعض الشيء:
-شكرًا يا باشمهندس. 
لم يستطع كبت الدهشة التي لاحت من ملامحه وهو يسألها:
-أنتي تعرفيني؟
اومأت مؤكدة برأسها:
-أيوه طبعًا، أنا موظفة في شركة حضرتك.
هز "فارس" رأسه وتابع متسائلًا:
-وإيه اللي أخرك كل دا في الشركة؟
ردت:
-كان في شغل متراكم عليا بخلصه.
توالت استفساراته:
-أنتي شغالة إيه؟
وظلت تجيبه رغم التوتر الذي يلفح كلماتها:
-مهندسة برمجيات.
هز رأسه وهو يضم شفتاه بأسف مما حدث، ثم أردف بهدوء:
-طب تعالي أوصلك.
هزت رأسها نافية بشبح ابتسامة ممتنة وهي تمسح دموعها:
-لأ شكرًا لحضرتك مفيش داعي أنا هركب أي تاكسي، أنا مش ساكنة بعيد أوي.
فخالط الإصرار حروفه وهو يكمل:
-لأ طبعًا، تعالي أنا هوصلك في طريقي يلا.
نظرت حولها والتردد ينضح من نظراتها، ثم تمتمت في استسلام:
-تمام.
وبالفعل ركبا معًا السيارة، نظر فارس نحوها وهي تضع حزام الأمان، فوقعت عيناه على جرح صغير بجانب شفتيها يقطر دمًا، مد يده وتناول "محرمة ورقية" ثم مدها نحوها بهدوء بالقرب من وجهها وهو يقول ببحة رجولية هادئة :
-امسحي في دم هنا.
قالها وهو يشير لها عند طرف شفتاها، فالتقطت منه المحرمة وبدأت تمسحها بالفعل وقد بدأ التوتر يبلغ أقصاها حين شعرت بنظراته المتفحصة مُسلطة عليها، بينما هو يشعر وكأن ذلك النمش في وجهها الأبيض يجبره جبرًا على التحديق به، كم هو مميز وكم لاق بفيروزتيها وخصلاتها البرتقالية... وكأنها لوحة بريشة فنان مبدع!
تنحنح متدراكًا لمنحنى افكاره، ونظر للجهة الاخرى، هو ليس بغر او مراهق حتى يحدق بها وكأنه يرى امرأة للمرة الأولى، لقد رأى فاتنات بعدد لا يُحصى، ولكن هذه مختلفة.. مميزة!
أغمض عيناه بقوة متنهدًا، فهاهو يتطرق لمدحها من جديد، فتح عيناه وقرر خلق أي حديث لقطع ذلك الصمت الذي يوحي بأفكار غريبة:
-أسمك إيه؟
أجابته بنبرة ناعمة بالفطرة:
-فيروز.
ربااه لمَ كل شيء متعلق بها مميز ! حتى أسمها وكأنه خُلق ليليق بفيروزتيها اللامعتين.
-ساكنة فين يا فيروز ؟
سألها بجدية، فأجابته هي بعنوانها، ثم عقبت:
-بس مايصحش حضرتك توصلني لحد البيت، لحد *** كفاية وأنا هكمل.
اومأ برأسه موافقًا دون رد، ثم مد يده وشغل الراديو ونظر لطريقه مرة اخرى، فيما كانت هي تسحب شهيقًا عميقًا وتزفره على مهل في محاولة منها لطرد التوتر عن رحابها، فها هي على مشارف انتهاء ما أرادت!

رواية " لخبايا القلوب حكايا " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن