الفصل الحادي عشر ( الجزء الثاني ) :-
أبواق الخطر كانت تدق في عقل كارما، فهو يجرفها بعاطفته الجياشة ببطء نحو هاوية ضارية مُدمرة، إن سقطت فيها لا تعود.. ولا يعود منها سوى فتات!
جاهدت قلبها ومشاعر التي إنسابت كزبد البحر في حضرته وحضرة ذلك الجَنَان اللاهب.. ثم أبعدت وجهها عن مرمى شفتيه وهي تهمس بصوت خرج بصعوبة:
-مينفعش...
فتمتم هو بخشونة خافتة وهو يداعب رقبتها بأنفه ببطء مذبذبًا حواسها:
-اللي مينفعش إني أسيبك دلوقتي.
لفظت الكلمات بسرعة وكأنها تخشى فرارها:
-عيسى لو سمحت ابعد.
-اطلبي مني أي حاجة إلا إني أسيبك دلوقتي، مش هقدر.
همس بها ببحة خاصة تخبرها أن لا فرار لها من براثن مشاعره التي أيقظتها هي دون وعي منها، فهزت رأسها نافية تتوسله حرفيًا.. رغم قلبها الذي يتوق لصك مالكه له:
-ارجوووك، سيبني حرام عليك.
أحاط وجهها بيديه معًا وهو يزجرها بنغمة أجشة اتقدت بالتملك:
-أنتي مراتي مفيش حاجة حرام.
سارعت تقول علها تذكره:
-أحنا متفقين على حاجة معينة.
أغمض عيناه لاعنًا الاتفاق ولاعنًا قدرتها على التماسك هكذا بينما هو تغلي مشاعره أسفل جلده كالمرجل ليتملكها في التو !!
فاستغلت هي توقفه المؤقت، ولتتأكد أنه سيستمر تابعت بتهور:
-خليك قد كلامك متبقاش ضعيف.
بدا كمَن سُكب على مشاعره المتأججة دلو بارد أثلجها وأثلجه معها فتجمدت ملامحها، وابتعد عنها على الفور وهو يردف بجمود:
-أنا قد كلامي، ويوم ما أضعف مش هضعف قدامك أنتي! دي كانت غلطة ومش هتتكرر.
ثم ابتعد عنها كليًا، شاعرًا بغروره ورجولته وكرامته يُذبحان بسكين كلماتها الغادرة..بينما هي تعتصر عينيها المُلبدة بالدموع، هل جربت يومًا أن تُجبر على طلب بُعد احدهم عنك، بينما نياط قلبك يتمزق منسابًا خلفه.. بل ملتصقًا به اينما ذهب؟!
هي كذلك، لا تستطع الانجراف خلف مشاعرهما، ثم تجد نفسها في حياة طبيعية كأي زوجين ثم أطفال بالطبع فيما بعد.. وهي لا تستطع أن تعول اطفال بتاتًا.. !
ضعف سمعها يمنعها من ذلك، والوصمة السوداء التي طُبعت داخلها وقت موت شقيقتها تمنعها من ذلك ايضًا..
فربما تستيقظ ذات يوم لتجد أن اطفالها قُتلوا ولم تسمعهم او تشعر بهم !!****
كان "جاد" جالس مع احد الرجال الذين يعمل معهم، في مكان متوسط الحجم مغلق خاص بهم وبأعمالهم الشنعاء، قبض على السيجارة بين أصابعه وبدأ يدخن بشراهه وهو يفكر في التأخير ووقتهم الذي يُستهلك مع عيسى دون تحقيق ما يريدون!
قطع الصمت صوته الذي يقص الأفكار المتلاعبة بعقله:
-عيسى مطول وأنا حاسس بغدر من ناحيته.
فنفى الاخر وحروفه تنضح بالثقة:
-ميقدرش يغدر أحنا ماسكينه من ايده اللي بتوجعه.
راح جاد يشرح له مغزى افكاره:
-حاسس إن يمكن البت احلوت في عنيه.
صمت لحظة وكأنه مفعول الكلمات على عقله، ثم النتيجة تبلورت في اجابته وهو يهتف:
-وماله نقرصله ودنه قرصة صغيرة.
سأله جاد مستفسرًا:
-هنقرصله ودانه ازاي وهو اللي في ايده يخلص الموضوع كله؟
وقبل أن يجيب الاخر كان يتابع بحذر عاقدًا ما بين حاجبيه:
-قصدك اخوه؟
هز رأسه نافيًا وقال بجدية:
-لا طبعًا أحنا كده بنتحداه وبنعك معاه وده عنيد.
كرر جاد سؤاله:
-امال إيه؟
اجاب الاخر مفصلًا اجابته التي تقطر سوادًا :
-احنا لازم نقرص ودنه بطريقة غير مباشرة ماتبانش إننا بنتحداه.
غمغم بنفاذ صبر:
-وضح كلامك؟
أشار له برأسه وبعينين تلمعان بالخبث:
-الحل عندك أنت.
-بمعنى ؟
اقترب منه الاخر ثم هسهس بصوت يشبه فحيح افعى سامة:
-بص بقا أنت آآ............
أنت تقرأ
رواية " لخبايا القلوب حكايا " بقلم/ رحمة سيد
Romantizmرواية رومانسية اجتماعية ❤ أتمنى لكم قراءة ممتعة 😍