الفصل الرابـع :
رص "دياب" حروفه بتركيز وجدية انتهجتها حروفه:
-فيروز كل شوية تفتح معايا الموضوع ومش عايزه تشتغل معاه خالص.
همهم فارس كعلامة على إنصاته، فتابع دياب:
-الوضع بينهم محتد جدًا، والقسم كله مشدود ليهم.
سأله مستنكرًا:
-يعني إيه؟
فسر له دياب محاولًا نقل الصورة كاملة له:
-كله بيتابعهم وابتدا يكون في تقصير في الشغل، وبصراحة لو عايز رأيي أنا شايف إننا نفصلهم عن بعض طالما دا متاح بالنسبالنا.
وعندما لم يستشعر نبض الاعتراض في معالمه المستكينة، أكمل:
-حسين باشمهندس شاطر جدًا، وفيروز كمان طاقتها حلوة ونشيطة وهتفيد الشركة جدًا فـ مينفعش برضو نستغنى عنها.
اومأ فارس برأسه يؤيد شهادته في حقيهما، ثم سأله يحاول الوصول لبذرة الموضوع في عقله:
-أنت شايف إيه الحل يعني؟ او المكان المناسب ليها؟
هز دياب كتفاه كنايةً عن الحيرة التي تعتريه، ثم استرسل بينما يتظاهر بالتفكير:
-والله يا فندم أنا نفسي مش عارف ومفيش مكان شاغر لفيروز، وحسين هو اللي ماسك المشروع وهو الأقدم، فـ أنا عندي اقتراح بس مش عارف حضرتك هتوافق عليه ولا لأ.
حثه فارس على المتابعة:
-اقتراح إيه قول؟
بدأ يخبره على مهل ما حفظه في باطن عقله:
-أنا عرفت من سكرتارية المكتب بتاعت حضرتك إنهم محتاجين حد يمسك شغل حضرتك المتعلق بالكمبيوتر، فممكن نطلع فيروز؟
صمت فارس دقيقة تقريبًا مستسلمًا لأفكاره المشوشة التي انتدبها شعور غير مُفسر أنه يرغب بالموافقة.
وبالفعل، قطع الصمت معلنًا وصول دياب لنهاية مسيرة ما خطط له:
-طب تمام يا استاذ دياب، فعلًا اقتراحك كويس، خلاص بلغهم بالكلام دا في السكرتارية.
اومأ دياب موافقًا في طاعة وبابتسامة هادئة:
-تمام يا فندم.
ثم انصرف بهدوء، تاركًا فارس الذي إنشغل لجزء من الثانية بتفسير ذلك الشعور الذي ينتابه للمرة الأولى.****
بعد قليل...
كانت "فيروز" تنقل اشيائها من المكتب الذي كانت تعمل به، غافلة عن عينين مستذئبتين تتابعها وبسمة شامتة تلوح في أفق وجهه، عاد "حسين" بالكرسي للخلف وهو يضع قدم فوق الاخرى، معتقدًا أنها تحزم اشيائها لتغادر الشركة بعد العراك الذي أفتعلته لمجرد لمسة عابثة منه.
انتبه لرنين هاتفه فأخرجه مجيبًا، ثم تجهمت ملامحه وهو يومئ برأسه:
-تمام.
تحرك مغادرًا المكان متوجهًا صوب مكتب فارس كما اخبروه، دلف ليجد فارس يقف أمامه، ملامحه الصارمة تنذر بشرٍ قد اقترب.
وقبل أن ينطق حسين كان فارس يُطلق حروفه التي شابهت الصواريخ في سرعتها وقساوتها:
-أنا شوفت اللي أنت عملته يا باشمهندس يا محترم، الحركات دي لو هتعملها يبقى مش في مكان محترم زي هنا ومش في مكان أكل عيشك، لو مش عارف تحط حدود لنفسك يبقى أحنا مش عايزينك معانا تاني، دا أول وأخر تحذير ليك.
كاد حسين ينفجر صارخًا بوجهه نافضًا ثوب الاهانة المهترئ عن كرامته، ولكن.. لا يضمن أن يجد وظيفة مناسبة بمكان مناسب وراتب مناسب ايضًا، لا يضمن ألا يضعه فارس برأسه فيضع في سجله العملي وصمة سوداء بكونه متحرش فيقضي باقي عمره دون أن يجد عمل في مجاله!
لذا اضطر أن يخنع هازًا رأسه يبتلع تلك الاهانة على مضض، ثم انصرف..
وفي نفس الوقت كانت قد انتهت فيروز من لملمة ما يخصها، وتوجهت نحو المكتب الجديد الذي ستعمل به والذي كان في الأعلى، وقريب نوعًا ما من مكتب فارس، وحين كانت تمر من أمام مكتب فارس رأت "حسين" يخرج من مكتب فارس بملامح يبدو عليها عبث شياطين الغضب بها، تخطاها دون أن ينطق بكلمة وهو يرميها بنظرة مشحونة، اقتربت كارما من السكرتارية الخاصة بـ فارس وسألتها:
-في إيه ماله دا ؟!
برمت الاخرى شفتاها، قبل أن تجيبها بصوت مكتوم ونبرة ذات مغزى:
-شكل باشمهندش فارس عنفه بالكلام شوية.
رفعت حاجبها الأيسر غير مصدقة، والخبر كالمفرقعات نفخ صدرها بشعور النصر والانتشاء.
ثم هزت رأسها وتحركت من أمامها متوجهه لمكان عملها الجديد.
أنت تقرأ
رواية " لخبايا القلوب حكايا " بقلم/ رحمة سيد
Romanceرواية رومانسية اجتماعية ❤ أتمنى لكم قراءة ممتعة 😍