الفصل السادس عشر :-
بدأت "كارما" تهز رأسها نافية بهيستيرية، وقع الصدمة كان كمغناطيس سحبها لاتجاه معاكس فجأة حتى اصطدمت به بضراوة وتفتت كل خلية بها مسببة لها وجع لا يُحتمل.
لا يمكنها أن تتحمل هذا الغدر منه، لا تستطع.. بدأت تتنفس بصوتٍ عالٍ، أنفاسها ثقلت جدًا، وكأنه مفعول ذلك السكين البارد الذي غرزه ممزقًا احشائها ببطء مثير للشفقة!
ليته نحرها على الفور سالبًا منها الحياة، ولكنه لم يفعل.. هو وضعها في بقعة أطلاها باللون الوردي بأكاذيبه وتصرفاته، ثم دون مقدمات أكتشفت أنها في معقل ذبحها؛ ولكنه كان قد غرز سكينه بها وانتهى الأمر!
سقطت ارضًا وهي تشهق فجأة بعنف باكية كأنها تحاول إلتقاط أنفاسها، تبكي بانهيار خذلانها وصدمتها.. تبكي قلبها الذي لم يلتفت لصوت عقلها حين حذرها من وجع وبصمة مؤلمة اخرى ربما ستُصيبها بعد الانسياق خلف مشاعرها..
ثم بدأت تهذي بهسيس خافت:
-ليه؟ ليه عمل كده، ليه بيحصل معايا كده، ليه مكتوب عليا الوجع والقهرة!
ولا تجد اجابة يمكنها أن تهدئ لظى النيران الذي تشعر به..
فهزت رأسها مرددة بلسانٍ ثقيل مُخدر من فرط الألم:
-الحمدلله، أكيد خير.. الحمدلله يارب.ثم تكورت في وضع مشابه لوضع الجنين، تضم قديها لصدرها بقوة، وفشلت في كبح سيلان دموعها ....
****
على الطرف الاخر...
كان "عيسى" جالسًا على كرسي جوار شقيقه "حازم"، السيجارة بين أصابعه يخنقها بفعل شياطين الغضب التي تتردد على صدره كـ كهف مهجور، ورغم أنه أقلع عن التدخين، إلا أنه لم يجد سواه منفث لغضبه وقهره الذي لم يسعه صدره المنقبض..!
شعور أنه مُرغم على شيء، وهذا الشيء ينسل أوردته نسلًا ببطء، قاسٍ.. قاسٍ جدًا وأكبر من قدرته على كتمه.
اقترب منه حازم الذي وضع أمامه كوب "الشاي" وهو يهتف بهدوء متسائلًا:
-مش هتقولي برضو إيه سبب المشكلة اللي بينك وبين كارما؟
أجاب "عيسى" بملامح مقتضبة وحروف ملكومة:
-مش عايز أتكلم في الموضوع ده يا حازم.
هز حازم رأسه مستنكرًا:
-بس أنا لازم أفهم في إيه مبقاش زي الأطرش في الزفة، فجأة تسيب مراتك اللي وقفت جمبك وكانت معاك يوميًا في القسم وتقول إنك هتطلقها وتيجي تقعد معايا.
ثم اكمل بتلقائية في استهجان ساخر دون أن يعي:
-ماطردتهاش من الشقة ليه بالمرة بما إنك قلبت عليها ؟!
رمقه عيسى بنظراتٍ مهتاجة عارمة بالغضب الذي جعله يستدرك ذلة لسانه ويتراجع مغمغمًا بخفوت:
-أنا أسف يا عيسى مش قصدي، أنا بس مستغرب أوي ومش لاقي تفسير.
هدر فيه عيسى ولأول مرة لا يكبح غضبه مراعاةً لعمر شقيقه الصغير الناتج عنه هذا التهور:
-مش لاقي تفسير لأيه! الشقة هي كده كده هتسيبها، وأحنا مش متفاهمين ومحصلش نصيب وهنتطلق، إيه اللي صعب الفهم في كده؟ هي عشان وقفت جمبي يبقى لازم نعيش مع بعض حتى لو محصلش تفاهم ولا إيه؟
هز حازم رأسه نافيًا وهو يخبره صراحةً:
-لا يا عيسى مش لازم، بس ماكنش باين كل ده، بالعكس كانت خايفة عليك، وباين عليها كويسة.
أنت تقرأ
رواية " لخبايا القلوب حكايا " بقلم/ رحمة سيد
Romanceرواية رومانسية اجتماعية ❤ أتمنى لكم قراءة ممتعة 😍