الفصل الحادي عشر (الجزء الأول)

14.6K 1K 43
                                    

الفصل الحادي عشر ( الجزء الأول ) :-

دخلت فيروز المكتب لتجد فارس في حالة عارمة من الغضب التي لم تره فيها قبلًا، وكأن بصيلات الغضب قد تأصلت داخله دون رجعة..
اقتربت منهم ببطء لتجده يزمجر فيهم غاضبًا:
-ازاي مش عارفين تحلوا الموضوع، احنا في شركة كبيرة والمفروض إني مشغل معايا اكفأ المهندسين.
تنحنحت فيروز قبل أن تسأله قاطعة وصلة تعنيفه:
-حضرتك طلبتني يا باشمهندس.
اومأ مؤكدًا برأسه، ثم اخبرها بحروف مقتضبة كحال ملامح وجهه:
-في ڤايرس على الجهاز المركزي بتاع الشركة وبالتالي نظام الشركة كله، ولسه مش عارفين يحلوا الموضوع.
هزت رأسها وهي تقترب من الجهاز قائلة:
-هحاول وإن شاء الله نقدر.
بدأت بالفعل تعمل على حل المشكلة، تحت أنظار فارس التي كانت مظلمة كـ ليل يتبختر به الشك كجنود خفية تتسلل تأهبًا لحرب على أهبة الاستعداد..
فلم يكن أمامه شخص يشوبه شائبة سواها !

مرت فترة وجميع مهندسين البرمجة يحاولون حل المشكلة، وبالفعل اخيرًا حلت فيروز المشكلة لتتعالى تنهيدات الراحة بعد العديد والعديد من المحاولات التي تحمل طابع التوتر بسبب مراقبة فارس لهم..

تنهدت فيروز وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على ثغرها وهي تردف:
-الحمدلله قدرنا نحل المشكلة.
اقترب فارس منها، وبمعالم وجه باردة تخالف ما توقعت هتف بجفاف:
-كويس، شكرًا يا باشمهندسة.
أحست كل توقعاتها عن رد فعله تتناثر كالرماد أمامها بعدما أحرقها الواقع الذي حل!
ولكنها لم تظهر شيء، وتمتمت بخفوت:
-you are welcome. 
ثم خرجت بعدها من مكتبه لمكان عملها، تتنهد ألف مرة وهي تتذكر كيف أدخلت ذلك "الڤايرس" عمدًا على الجهاز المركزي للشركة..
ظنت أنها بهذه الطريقة ستبدأ بالكسب الفعلي لثقته حين تحل هي تلك الكارثة..
ولكن تشعر أن ذلك الحاجز بينهما لم يزول، ربما هو سوء التفاهم بسبب اخر موقف ؟!
على أي حال... الأيام القادمة ستظهر كل شيء.
هزت رأسها تؤكد ما توصل له تفكيرها، ثم عادت للتركيز على عملها من جديد.

                                   ****

كان "عيسى" ينام على الأرض كعادتهم مؤخرًا، بينما كارما مرتاحة على فراشه، فكر بغيظ وهو ينظر للأعلى حيث تغط هي في نوم عميق، وهو ينخر الألم عظامه نخرًا بسبب النوم على تلك الأرضية الصلبة الغليظة..!

اخذ ثانيتين وهو يفكر.. لما لا ينام جوارها؟!
عزم على جعل ما فكر به حيز التنفيذ، فنهض ساحبًا وسادته معه ووضعها على الفراش جوار كارما، ثم تمدد عليه وهو يتنهد بارتياح لم يغمره ليلًا مؤخرًا..

تقلبت كارما تجاهه في غمرة نومها ووضعت ذراعها على صدره دون وعي وهي تغمغم بكلمات غير مفهومة، فهز عيسى رأسه وهو ينظر لقدمها التي وُضعت على قدمه ويدها الموضوعة على صدره، وهمس بتبرم:
-بدأنا بقا.. اتاريكي خايفة أنام جمبك لتتفضحي!
أبعد يدها برفق بعيدًا عنه، ثم أغمض عينيه ينوي الغوص في النوم، ولكنها لم تسمح له وكأنها أقسمت على زعزعة ثباته إن وُجد!
حيث استدارت على جانبها ناحيته، ووضعت رأسها على صدره، تحديدًا وجهها بالقرب من رقبته تتمسح به كالقطة، وأنفاسها تداعب جلده كفراشات رقيقة، عَلت أنفاسه مبتلعًا ريقه بازدراد... ها هو اللهب العاطفي ينقشع من جديد من أسفل ثباته، حاول ابعادها مرة اخرى وهو يهمس بخشونة:
-كارما، كارما قومي عشان شوشو هيحضر وهيشوف شغله.
ولكن نومها ثقيل، ولم تسمعه تقريبًا، أبعدها عنه يخشى ضعف نفسه، كانت خصلاتها تغطي جانب وجهها، مد أصابعه بتردد ليبعدها عن وجهها.. مدققًا النظر لملامحها وجمال ملامحها البريئة التي تأسر قلبه رويدًا رويدًا بأغلال العشق الخفية، تلمس وجهها الناعم بطرف إصبعه وبدأت ابتسامة صغيرة تنبت على شفتيه وهو يردد:
-زي الملايكة وأنتي نايمة، وأنتي صاحيه بقا اعوذ بالله، زلزال مدمر.
فتحت جفنيها قليلًا ببطء، ولكن يبدو أنها لم تستيقظ ولم يعود الوعي كليًا لها، وهمست بحروف بطيئة اثر نومها وناعمة بما يكفي لتخور قوة تحمل القابع جوارها:
-عيسى؟!
تبًا له إن لم يقتطف حروف "عيسى" تلك من ثغرها، مال دون صبر يلثم شفتاها المكتنزة بشفتيه الغليظة المتلهفة، يتذوق حلاوة أسمه في شفتيها التي أهلكت رجولته وثباتها... كم تاق وكم تخيل تلك القبلة، ولكن لم يتخيلها بتلك الحلاوة ابدًا..
ابتعد بعد ثوانٍ من المارثون العاطفي، ليجدها تحملق به متسعة العينين تحاول استيعاب ما يحدث، ثم همست بأنفاس لاهثة:
-أنت بتعمل إيه؟!
وكانت اجابته عملية بحتة حين مال نحو شفتاها من جديد، ولكن هذه المرة دون نية بالتراجع.. سيكون ملعون إن لم يمتلكها بعدما أيقظت ذلك الرجل البدائي داخله مُشعلة إياه بفتيل العاطفة....
تاهت فيه وفي لمساته وفي قبلته، ولكن حاولت ايقاظ نفسها التي غابت في سُكر عاطفي لذيذ.. وأبعدته بوهن تنهره بحروف حادة لا تليق بنبرتها الخافتة:
-لأ، ابعد عني....
ولكنه لم يكن يسمعها تقريبًا، فقد كان غارق حتى النخاع في شعوره المُهلك بها بين ذراعيه...........

                                           ****
بعتذر جدا عارفة إن الفصل قصير بس ده اللي قدرته اكتبه دماغي واقفة، وكمان التفاعل مش مشجع خالص 😭💔

لو كان في تفاعل حلوو بكره هحاول أنزل جزء تاني ❤

رواية " لخبايا القلوب حكايا " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن