الفصل الخامس عشر :-
رمش "فارس" بعينيه عدة مرات، وكأنه يؤكد على صحة الصورة الواقعية التي برقت بعقله، محولة سابقتها المشوشة لرماد فر ادراج الرياح..
إذ أن "فيروز" وببساطة لم تخنه كما توقع، بل أصَّلت جذور نجاحه بتلك الصفقة!عَلت صفارات البهجة داخله وقلبه يقيم الاحتفالات نصرًا على عقله الذي انزوى وسط شكوكه... فها هي رغم امكانياتها، لم تدمر الشركة وتدمره معها.
اعتدل في جلسته وثبت نظراته عليها أكثر، وكأنه يحاول سبر أغوارها، فمازال عقله يحذره من احتمالية تدبيرها لفخ أكبر من ذلك... فخ الثقة!
توترت قليلًا بسبب نظراته تلك التي لم تستطع تفسيرها، ولكنها استجمعت نفسها، وبالفعل انتهى الاجتماع بعد قليل..بعدها بفترة غادروا مقر الاجتماع، ووصلوا لمنزل فارس الذي كان صامتًا طيلة الوقت تقريبًا، ونظراته هي مَن تصدر ضجيج لا تستطع فيروز تجاهله..
كادت "فيروز" تترجل من السيارة لولا أن أوقفها "فارس" مناديًا بأسمها:
-فيروز، استني.
إلتفتت نحوه تسأله بترقب:
-نعم يا باشمهندس؟
-باشمهندس؟
رددها مستنكرًا، فهزت رأسها بقليلٍ من الاستغراب:
-ايوه!
لوى شفتاه متصنعًا الحنق وأردف:
-في واحدة تقول لجوزها يا باشمهندس.
هزت كتفاها معًا مبررة بخفوت:
-بحكم العادة يعني.
داعبها بنبرة صبيانية تحل ضيفة على لهجته معها لأول مرة:
-أنتي عايزه الناس تاكل وشنا ولا إيه؟ تعالي نتفق اتفاق، أنتي تقوليلي فارس، وأنا أقولك يا برتقانة.. تمام؟
عقدت ما بين حاجبيها وملامحها قد انبطحت بالاستهجان:
-برتقانة؟!
اومأ مؤكدًا برأسه، ثم اقترب منها ببطء مثير، حتى تغلغلت رائحة عطره النفاذة أنفها، مداعبة دواخها بنعومة كفراشات خفيفة.وهمس متابعًا بلهجة رجولية خشنة مثخنة بالمشاعر:
-عشان أنتي شبه البرتقانة، في شكلها ولونها وحلاوة طعمها اللي نفسي أدوقه.
تراجعت كثيرًا حتى إلتصقت بالكرسي من خلفها، وشعرت بأنفاسها تنحسر، وثقلت حتى أصبحت تلتقط أنفاسها بصعوبة بصوتٍ عالٍ وهي تشعر بحصاره المُهلك لها، ثم سألته عقب جملته الأخيرة بشيء من الفزع، مصدومة:
-هو إيه ده!
رفع حاجباه معًا والمكر ينضح من اجابته:
-البرتقانة طبعًا.
هزت رأسها ببطء، ثم استدارت وكادت تترجل من السيارة، فأمسكها فارس من ذراعها برفق يوقفها، ليجدها انتفضت وكأن ثعبان لدغها، رسم فارس ابتسامة خفيفة يهدئها مشاكسًا:
-اهدي مالك، أنا أليف والله!بادلته ابتسامة انتزعتها بصعوبة من أسفل حجر التوتر القابع على قلبها، نظر فارس لكفيها المنغلقين على بعضهما بقوة، ومد يده ببطء وأمسك بهما يفرقهما، ثم وجدهما متعرقان، فبدأ يمسحهما مستشعرًا نعومتهما ضد خشونة أصابعه..
فيما تصبغت وجنتاها بحمرة الخجل التي نتجت من فوران دماءها بعاطفة جديدة عليها كليًا، ولازال الذهول يتخذ حيزًا ملحوظًا داخلها وهي تحاول الاعتياد على هذا الوجه الجديد منه.
أنت تقرأ
رواية " لخبايا القلوب حكايا " بقلم/ رحمة سيد
Romanceرواية رومانسية اجتماعية ❤ أتمنى لكم قراءة ممتعة 😍