الفصل الثامن عشر (الجزء الأول)

16.1K 971 37
                                    

الفصل الثامن عشر ( الجزء الأول ) :-

عادت "فيروز" لمقر عملها من جديد، بذهنٍ مُشتت.. وقلبٍ مطعون بسكين مغموسة بعلقم الغدر، لا تدري ما سمعته حقيقةً ام لا، ولكنها تخشى أن يكون حقيقة.. رغم أنها تخفي عليه سرًا ولكنها تستشعر صعوبة تقبل ذلك!
هل هذا شعور أن يستغلك احدهم؟

تنهدت بصوت مسموع وهي تدلك جبهتها وكأنها تفتت كتلة أفكارها السوداء التي تحجب عنها التعقل، وبدأت تحاول العودة لعملها بتركيز فر منها..

بعد قليلٍ، توجهت صوب مكتب "فارس"، طرقت الباب ودخلت لتجده مُنهمك في عمله، ولكن ما أن رآها ارتسمت بسمة صغيرة على شفتيه وهو يردد بخفوت:
-تعالي يا برتقانة.

تقدمت منه بخطى جامدة، رغم تلك الاهتزازة العاطفية الصغيرة التي اختضت داخلها ما أن ردد ذلك اللقب المُحبب لهما..
ووضعت بعض الأوراق على المكتب أمامه وهي تقول بكلمات مقتضبة:
-محتاجة إنك تشوف ده يا باشمهندس.

رفع حاجبيه معًا وشاكسها بمرح:
-تاني، تاني يا زكي! لا ده أنتي شكلك حبيتي الموضوع أوي.

ابتلعت ريقها تنفي العبث الذي تسلل لبقاع إداركها، وغمغمت بنبرة بها لفحة من التوتر:
-موضوع إيه؟ ياريت حضرتك تشوف وتقولي تعديلاتك عشان ورايا شغل كتير.

عقد "فارس" ما بين حاجبيه بتعجب نابت، وردد:
-حضرتك وباشمهندس في وقت واحد، إيه يا برتقانة هتعلني عليا الحرب ولا إيه؟!

رفعت حاجبها الأيسر ساخرة بغضب مكتوم استشعره فارس بذكاء:
-أعلن عليك الحرب ليه، هو أنت عملت أو بتعمل حاجة؟

رفع كتفاه معًا متمتمًا ببراءة:
-أنا؟ ده أنا غلبان.

لم تعلق على جملته، بل ظلت ملامحها متغضنة بالضيق والغضب المكتوم، ثم أردفت:
-عمومًا أنا هروح لحد ما حضرتك تخلص وهاجي تاني، بعد اذنك.

وكادت تنصرف لولا يد "فارس" التي قبضت على معصمها لتوقفها، يليها سؤاله المُشبع بالاستنكار:
-مالك يا برتقانة؟ حصل إيه؟

نفضت يدها بعيدًا عنه وهي تجيب بجمود:
-محصلش، برجع بس الحدود بينا زي ما كانت عشان لا أنا ولا أنت نندم.

-نندم!
رددها مشددًا على حروفها بنبرة مثقولة بالضيق والتعجب والاستنكار!

ثم نهض من مكانه واقترب منها حتى أصبح أمامها، ومن ثم سألها مكررًا ذات السؤال:
-حصل إيه يا فيروز؟ مالك؟

هزت رأسها نافية:
-مليش عادي.

أمسك وجهها يُجبرها على النظر له، ثم تحسس بأطراف أصابعه وجهها المُخضب بإحمرار ناتج عن غضب ناري يجتاح صدرها، وهمس بخفوت:
-بس وشك اللي بقا شبه الطمطماية بيقول غير كده!

تراجعت خطوة على الفور مبتعدة عنها، فأخر شيء تريده حاليًا أن تتأثر به عاطفيًا..

نظرت له بصمتٍ، وكأنها تدرس إمكانية المخاطرة بقص ما حدث له، لأنها حينها ستكون مجبرة بطريقةٍ ما على إخباره بحقيقتها بالمقابل!

رواية " لخبايا القلوب حكايا " بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن