~ الرسالة التاسعة عشر ~
طببوا القلوب واحتضنوها بطيب الكلمات..
لتخفف عناّ آلام الحياة المليئة بالعقبات..
*****
كانت ساقاها تهتزان بعصبية وهي تطالع باب المقهى بينما تهمس: "لم تأخر ذلك الوغد؟!"
نظرت لساعة هاتفها لتجدها تعدت الموعد الذي اتفقا عليه فتوعدته بسرها قبل أن ترفع عيناها تنظر للمدخل وعندها رأته يدخل أخيراً فأسرعت تناديه: "سلامة"
أشارت له فاقترب سريعاً وما أن جلس سألته: "لم تأخرت؟!"
تجرع نصف زجاجة المياه ثم مسح يده بكم قميصه وهو يرد: "بالكاد تمكنت أن أتملص من العمل"
كانت قد توقعت هذا السبب لذا لم تكترث وأسرعت تقطع عليه طريق الأحاديث الغير مفيدة التي يؤلم رأسها بها في العادة وقالت: "أعلمني بالجديد.. هل استطعت احضار الأوراق التي طلبتها؟!"
-:"ادعيني لشرب أي شيء حتى يا فطيمة.. ألا ترين كم أنا منهك"
قالها فتنهدت بملل ولم تملك سوى الامتثال لطلبه.. أشارت للنادل أن يقترب وما أن وصل قالت: "أحضر لنا قائمة الطعام"
كان يحمل واحدة بالفعل أخذتها منه وسلمتها للقابع بجوارها والذي سرعان ما أخذها ليطالع ما بها باهتمام بعد أن منحها الأوراق التي أخرجها من جيبه فبقيت تطالعها لفترة وابتسامتها تتضاعف شيئا فشيئا قبل أن تنظر له لتجده محتاراً في اختيار ما سيأكله على ما يبدو لكنها استعرت انتباهه بقولها: "علينا التحرك سريعاً"
التفت لها فأكملت: "أعرف أمي.. طموحها ليس له حدود.. لذا ستبحث خلال الفترة القادمة توسيع عملها.. وستنفق معظم أرباحها على هذا التوسع ولهذا علينا اقتناص الفرصة"
لم يبدو عليه أنه فهم أي كلمة مما قالت لكنه كان مهتماً وسألها: "إذاً ماذا سنفعل؟"
ارتاحت بمقعدها تطالع الفراغ قبل أن تبتسم بشر وهي ترد: "أنا سأخبرك.."**
كان يطالع الهاتف المجاور للطعام بينما يجلس على المكتب.. لم يرغب بالبقاء داخل المنزل وما أن استيقظ فضل القدوم للشركة ومع مرور الوقت شعر أن عليه تناول أي طعام لأنه لم يفعل منذ البارحة.. لكنه الآن يطالع أكياس الطعام ويتنهد دون أن يقدر على لمسها حتى..
:"الطعام للتناول وليس للمراقبة يا ذكي"
أفاق من شروده على صوت هيثم الذي قالها من جوار باب المكتب الآخر فنهض واتجه نحوه قائلا: "منذ متى وأنت هنا؟"
ابتسم وربت على كتفه وهو يرد: "منذ ما يكفي من الوقت"
فهم من رده أنه كان يقف منذ فترة دون أن يشعر به.. لكنه قرر تجاوز الأمر وقال: "افترض أنك لست جائعاً.. وإلا كنت ستنضم لي"
-:"أنا جائع لكني سأتناول الطعام بمكان آخر"
تحرك معه بعدها تجاه المكتب وهو يقول: "سأطلب لنا القهوة"
:"لا داعي"
رد بها ثم التفت له مكملا: "لقد قابلت راما البارحة"
&&فــــــــــــلاش بـــــــــــــاك&&
راقب الانفعال البادي عليها والذي تحاول جاهدة إخفائه لكن أصابعها التي تفرقعها بعصبية وجبينها الذي يتغضن بالعرق مع اطراقها لإخفاء عيناها الزرقاوتان عنه..
تنهد بتعب وللحظة تخيل أن عليه انتقاء ألفاظه فوالدته لو عرفت أنه أتى إلى هنا ستفترض أنه يحرض راما على ترك شقيقه فوراً ولن تشفع له أي كلمة إلا لو نفت راما نفسها..
ثم باللحظة التالية همس لنفسه: "اللعنة أنا بالفعل هنا لأحرضها على تركه!"
وعندها عاود النظر لراما وسألها: "هل هددك أو آذاك؟"
أبقت عيناها مطرقتان واكتفت بهز رأسها بنفي فعاد يسألها: "إذاً لم عدت له؟"
لم ترد فاقترب ليقلص المسافة بين مقعديهما وهو يكمل: "راما أكمل قلق عليك و...."
:"أطلب منه ألا يزورني.."
اتسعت عيناه وتراجع بمقعده بينما يطالع طريقتها المليئة بالتوتر وهي تكمل: "أنا عدت لتامر لأن هذا ما أريده.. أخبره أن هذا ما أريده"
:"لا أصدقك"
قالها هيثم بشكل قاطع ثم أكمل بتشديد على كل حرف: "لا أنا ولا أكمل سنصدقك"
انتفضت عندها واقفة وهي تهتف: "أنا لا أهتم إن كنتما ستصدقاني أو لا لقد أخبرتكم بالحقيقة ولا أكترث بما تظنونه"
طالعها لثوانٍ ليتأكد أنها تكذب.. كان واثقاً أن هناك ما دفعها للعودة له مع هذا فقد أغضبته بتسترها المستميت على ذاك السبب لذا ابتسم بسخرية وهو ينهض.. اقترب منها ثم قال بخفوت: "أنتِ بلهاء وضعيفة يا راما.. ستندمين على عودتك له ووقتها لن ينفعك الندم"
ثم التفت بعدها وغادر محاولاً إرغام نفسه التصديق بأنه فعل كل ما بوسعه لكن دون جدوى..
&&&&
ظل أكمل يطالعه بجمود دون أي رد فعل على عكس ما توقع.. أطرق لثواني وهو يحاول إيجاد ما يقوله فلم يملك سوى التنهد سائلاً: "هل تريدني أن أحاول مجدداً؟!"
نظر له فابتسم أكمل واقترب يربت على ساقه وهو يرد: "فعلت أكثر من المطلوب منك يا أخي.."
تراجع بعدها وتنفس بعمق قبل أن يهز رأسه بنفي مكملاً: "لكن لا داعي للمحاولة مجدداً.."
سرحت عيناه بالفراغ ثم ابتسم هازئاً وأردف: "يبدو أنها مصرة ولن تستمع لك أو لي"
كان يعلم هذا يقيناً لكن لو طلب منه أكمل لحاول مجدداً.. لم يعلم ما عليه فعله أكثر ليبعدها عن تامر وكره قلة حيلته بمساعدة أكمل لذا نهض قائلاً: "لا بأس.. سأذهب الآن فلدي بعض المشاغل"
أومأ له دون رد وهو لم ينتظر منه واحداً فقد تحرك قاصداً المغادرة..
:"هيثم.."
التفت ينظر له فابتسم أكمل بينما ينهض ويكمل بامتنان: "شكراً لك"
لم يستطع أن يقابل ابتسامته بأخرى واكتفى بهز رأسه وهو يرد: "لم أفعل شيئاً.."
تحرك بعدها بينما يكمل بخفوت: "صدقاً لم أفعل أي شيء"
وبعدها غادر مسرعاً عله يتمكن من التقاط أنفاسه التي ثقلت وعندها برزت صورتها بعقله فأسرع الخطى ناوياً الذهاب إليها..
أنت تقرأ
رسالة من فتاة مجنونة
Любовные романыالعالم بيننا..والزمان لم يكن أبدًا حليفنا.. فلا عتاب ولا رجاء سيمنع قدرنا.. لذا لا تراجعي ولا تمنعيني.. وبهذه العيون لا تغويني.. لا مفر لفراقنا.. ولا تنتظريني فالأمل ضئيل للقائنا.. رواية رسالة من فتاة مجنونة هينزل منها كل يوم فصل بعد صلاة التر...