رسالة من فتاة مجنونة-الفصل العاشر

162 13 4
                                    

تلك الابتسامة التي تنبع مع ضحكاتنا العالية..
وسعادتنا الغامرة..
وأحلامنا الوردية المذهلة..
حقاً جميلة وساحرة..
مليئة بالأمل وتخط بأذهاننا لحظاتنا الثمينة النادرة..
وتلك الابتسامة التي تزين وجوهنا الغابرة..
تنبع من قلوبنا الحزينة الهادرة..
تبكي لها العين من شدة السخرية على حالنا..
تلك الابتسامة.. حقاً قاسية ومؤلمة ولا تنساها نفسٌ ذابلة..
***
-:"هذا متعب للغاية.."
همست بها إسلام بينما تجلس على الفراش وهي تحاول استذكار مادة الأحياء التي تكرهها أكثر من أي شيء تنهدت بملل وحاولت التركيز لكن فجأة فُتِحَ الباب ودخل شقيقها قائلاً بحدة: "ألم تسمعيني أناديكِ؟!.."
كانت قد سمعته بالفعل لكنها تجاهلته لعلمها أنه بالتأكيد سيطلب منها شيئاً سخيفاً يمكنه إنجازه لوحده لكن هذا غير وارد بالنسبة له.. فلم قد يفعل السيد مهم جداً أي شيء بينما هناك فتاة أصغر وأضعف يمكنه معاملته كالخادمة..
-:"ماذا تريد؟"
سألته وهي تنظر له بحنق فابتسم لها بسخافة قبل أن يرد: "أريدك أن تعدي لي الإفطار.."
نهضت لتهتف بغضب: "ولمَ لا تعده لنفسك.. الطعام جاهز وأنت ستضعه في أطباق وحسب ما الصعب بالموضوع؟.."
سحبها من يدها ودفعها للخارج قائلاً: "نفذي ما طلبته منكِ يا مزعجة.."
نظرت له بغضب لكنها قررت تجاهله وتنفيذ أوامره وألا تفتعل شجاراً معه وحسب كما تطلب منها جدتها دوماً لذا التفتت لتتجه للمطبخ وبدأت بتحضير الطعام وما أن جهزته تحركت نحو غرفتها وبدلت ثيابها سريعاً وجمعت شعرها بكعكة غير منتظمة خلف رأسها ثم حملت بعضاً من كتبها دون النظر لها حتى.. بعدها توجهت لغرفته وقالت سريعاً: "الطعام جاهز في المطبخ.. أنا سأذهب"
تحركت قبل أن يخرج من غرفته وما أن وصلت لباب الشقة..
-:"إلى أين؟"
ردت دون التفات: "سأذهب للاستذكار مع ريم صديقتي فأستاذ الفيزياء اعتذر عن درس اليوم ولن يأتي"
ثم التفتت له وأكملت: "لقد استأذنت جدتي ووافقت لأن أبي هاتفه غير متاح.."
حرك كتفيه بلا مبالاة فأسرعت بالمغادرة وهي تدمدم بسخط: "يا لك من غبي مزعج سخيف وأنا حقاً أكرهك.."
ثم تحركت نحو المصعد وهبطت للطابق الأرضي وما أن وصلت وغادرت المنزل لفحها الهواء المنعش للبحر وشمس الظهيرة.. تململت بحنق وهمست: "متى يأتي الصيف.. لقد مللت تلك الأجواء الباردة.."
تحركت بينما تخرج هاتفها وأجرت اتصالاً لمنزل ريم أولاً..
-:"مرحباً"
-:"مرحباً ريم.."
-:"أهلاً سولي كيف حالكِ؟"
-:"بخير.. اسمعي لم لا تنزلين ونتقابل على البحر سأحادث ساندي أيضاً ونذهب لأي مكان..."
-:"اممممم لا أعلم.. انتظري لأستأذن أمي.."
تركتها على الهاتف لثوانٍ ثم عادت تحادثها قائلة: "أمي تقول لا بأس شريطة ألا نتأخر فعلي أيضاً الاستذكار مع مؤمن في المساء"
ابتسمت إسلام وردت: "سأقابلكِ قرب الترام اتفقتا؟"
-:"حسناً سولي.."
أغلقت معها الهاتف ثم أجرت مكالمة لساندي التي ردت: "لا" قاطعة دون تفكيرٍ حتى
-:"يا لكِ من مزعجة كئيبة.."
-:"ربما.. لكني مزعجة كئيبة لدي اختبارات ولا وقت لدي للتتزه.."
مطت شفتيها ثم أتتها فكرة: "ريم قادمة أيضاً.. وقد اتفقنا أن نساعدك بالمكان الذي سنقصده أولاً لأجل المشروع.."
صمتت قليلاً فعلمت أن معرفتها بوجود ريم جعلها تميل للنزول فأكملت: "كما أننا لن نتأخر فلدي درس موسيقى في المساء وعلي مذاكرة الأحياء لأجل الاختبار وريم عليها الاستذكار مع مؤمن و..."
-:"حسناً.. حسناً.."
قاطعتها بحدة ثم أكملت: "سأوافيكم عند التمثال.."
ركبت أول وسيلة وجدتها لتصل للمكان ولم يكد يمر وقتٌ قصير على وقوفها أمام المطعم الذي اتفقوا على اللقاء أمامه إلا ووجدت ريم تناديها من خلفها فالتفتت تشير لها وما أن وصلت ابتسمت تقول: "مرحباً سولي.."
نظرت لساعة يدها وأكملت: "هل تأخرت عليكِ"
هزت رأسها بنفي وتأملتها قبل أن تقول: "لأول مرة أراكِ ببنطال.."
نظرت ريم لنفسها ثم سارتا معاً بينما ترد: "أرتديهم بعيداً عن المدرسة فخالتي تكره أن ارتديهم أثناء الدوام الدراسي.."
-:"لا تحب أن ترتديهم أي فتاة.."
ردت بها إسلام فالأستاذة شكرية تمنع أي فتاة من ارتداء البناطيل في المدرسة.. وويل الفتاة التي تلمحها ببنطال أو خارج الزي المدرسي فستتمنى الموت بعدها..
قبل أن يعبروا الشارع وجدت هاتفها يرن برقم ساندي فردت وقبل أن تفتح فمها وجدتها تقول: "ابقيا مكانكما أنا قادمة.."
نظرت ناحية التمثال لتجدها قادمة من جواره بينما تشير لهما وبعد ثوانٍ كانت قد عبرت الطريق فتأملتها إسلام بثيابها الصبيانية المؤلفة من بذلة أو كما يسمونها "عفريتة" من الجينز أسفلها قميص بلونٍ لا يلائمها على الإطلاق وشعرها الذي قصته والتي أصبحت تسريحته موحدة وهي عبارة عن ضفيرتين قصيرتين..
رفعت كفيها تقول: "مبدئياً أريد شرب القهوة.. فأنا لم أنم منذ البارحة سوى ساعتين ذلك الغبي تركني أبحث لوحدي كما توقعنا.."
-:"أين مالي.."
سألتها سولي وأكملت: "ظننتها ستأتي معكِ"
تنهدت وردت: "لقد هربت منها.."
نظرتا لها بضيق فأكملت: "أنتما لن تتفهما.. إنها تلاحقني كظلي لا يمكنني التنفس.."
كادت ريم أن تعترض لكنها أسرعت تتحرك قائلة: "لنشتري القهوة ونبحث عن مكانٍ للجلوس"
-:"لا.."
ردتا بنفس الصوت وما أن التفتت قالت ريم: "لن نشرب القهوة.. لنشتري شيئاً منعشاً.. عصيراً مثلاً"
وقالت إسلام: "ولن نجلس.. لنركب الترام لنهاية الخط وبعدما ننزل نبحث عن مكانٍ نذهب إليه"
كانت ستعترض لكنهم لم يمهلوها وسحبوها ناحية أقرب محل لبيع العصائر..
وقفوا أمام البائع ينتظرون طلباتهم فمالت ساندي على ريم هامسة: "هل أنت واثقة أنه غسل تلك الأكواب"
-:"يا لك من موسوسة"
همست بها إسلام فرفعت ساندي عينيها لها تنوي الشجار معها لكن ريم تدخلت سريعًا ترد: "تقصد أنك حريصة زيادة عن اللزوم ساندي"
التفتت لها فأكملت: "إنه مجرد عصير ونحن سنشربه بأكياس لا أكواب"
-:"ماذا"
تسائلت بصدمة بذات اللحظة التي قدم بها العامل العصير لثلاثتهن وما أن نظروا له قال بحدة: "الأكياس والأكواب نظيفة يا آنسة لا داعي لترقيعك السخيف!.."
التفتوا لساندي التي ظهر عليها الغضب قبل أن ترد: "من تدعو بالسخيف يا..."
-:"نعتذر بشدة سيدي"
تدخلت إسلام سريعاً قبل أن تكمل بمهادنة وابتسامة: "هي موسوسة بعض الشيء وحسب نعتذر لك"
-:"من الموسوسة أنت الأخرى"
سحبتها ريم للخروج بينما تصرخ بتلك الكلمات بينما إسلام تكمل: "أرأيت أنها مجنونة نعتذر لك بشدة"
ثم غادرت تتبعهم وما أن ابتعدوا قليلاً وقفت كلاً من ريم وإسلام يحدجانها بغضب وهي بادلتهم ذات النظرة قبل أن تقول: "كان عليكم تركي لألقنه درساً"
تنهدت ريم بملل بينما سألتها إسلام بحدة: "ما الذي أصابك بالضبط يا هذه.. لم تقومي بتلك التصرفات عندما كنا بالمقهى"
-:"هااه"
ضحكت ريم بسخرية ثم أكملت: "لقد ذهبت للساقي وصممت أن ترى كوبها يغسل أمام عينيها.. ألم تلحظي نظرها للكوب بريبة بعد تقديمه لها؟"
استغربت إسلام بالبداية قبل أن يظهر الحنق على ملامحها ثم نظرت لساندي وفتحت فمها لتهتف لكن فجأة سمعوا صوت بدأ تحرك الترام فسألتهم ساندي: "هذا ما كنا سنركبه أليس كذلك؟.."
أومأتا بصمت قبل أن تهتف ريم: "انتظر"
ثم ركضوا جميعاً نحو العربة التي بدأت التحرك بالفعل لكن ساندي استطاعت اللحاق بالباب وركبت فوراً ثم مدت يدها لريم التي كانت تركض ساحبة إسلام خلفها وما أن أمسكتها سحبتهم ليصعدوا فوقفوا لفترة ينهجون بشدة قبل أن ينفجروا بالضحك وسط نظرات الركاب الذاهلة..
تحركوا للجلوس خلف بعضهم بينما سألت ساندي: "أخبرينا الحقيقة سولي"
التفتت لها باستغراب فأكملت بينما تشرب عصير القصب: "لم اليوم بالذات اتصلتي بنا؟.. ولم كذبتي علي لتجبريني على النزول؟.."
تنهدت بتعب ثم نظرت أمامها وهي ترد: "أكره البقاء مع شقيقي وحدنا فهو لا يتوقف عن إزعاجي"
صمت حل لثواني قبل أن تسألها ساندي: "لم أسألك يوماً عن والدتك؟"
ابتسمت بحزن وردت: "أمي ماتت أثناء ولادتي.."
التفتت لهما وأكملت بسعادة: "أبي يخبرني دوماً أنها كانت امرأة جميلة وراقية.."
نهضت بعدها تقف أمامهم وهي تكمل بينما تتحرك ببلاهة مستعرضة حديثها: "كانت لا ترتدي سوى الفساتين الواسعة وتصنع من شعرها تسريحات ناعمة تشبه تسريحات الأميرات الأرستقراطيات.."
-:"لهذا أنتِ تحبين صور الأميرات.."
ردت بها ريم ثم نهضت ساندي واقتربت تقف بجوارها ثم طرقت على حقيبة ظهرها وهي ترد: "أجل كل دفاترك تحمل صور أميرات ديزني.. ولونك المفضل هو الزهري.."
رفعت إصبعها تضعه على فمها قبل أن تكمل: "كما لم يسبق لكِ رفع صوتك أو الشجار.."
كتمت ضحكتها وهي تردف بينما تنظر لريم: "عدى عن تلك المرة.."
شعرت إسلام أنها تسخر منها فبدأت بالجدال معها بينما جلست هي تراقبهما بابتسامة لقد كانت دوماً تتجنب الخروج مع أي شخص عدا مؤمن لأنها تخاف من ظهورها كبلهاء أمام الجميع بسبب تصرفاتها الطفولية العفوية.. لكن اليوم ومع اتصال إسلام وجدت نفسها تود الخروج بشدة معهما وسعدت بسماعها موافقة والدتها.. عادتا تجلسان بجوارها فأخرجاها من أفكارها بينما تسألها ساندي: "إذاً هل غضب مؤمن لأنكِ خرجتِ معنا؟.."
انعقد حاجبيها وردت: "لا ولم قد يغضب.. كما أنه لم يكن بالمنزل أساساً فقد ذهب للقاء جده"
-:"لابد أنه يكرهنا.."
التفتت لإسلام التي أكملت: "لأننا أخذناكِ منه"
هزت ريم كتفيها وردت: "لا أظن هذا.. على العكس أظنه سعيداً لأنه دوماً كان يحذرني من السير مع رفاقي القدامى.."
-:"معه حق.."
قالتها ساندي ثم أكملت إسلام عنها: "بصراحة أنا أكره تلك المتعجرفة سوزان هي ووالدتها.. تعلمون والدها رجلٌ طيب للغاية يملك محلاً للقماش.. أبي يعرفه وجدتي زبونتهم منذ كانت مراهقة"
نظرت ريم أمامها باستغراب قبل أن ترد: "أنا لم أرى منها شيئاً سيئاً بصراحة.."
بدؤوا بشرب العصير بصمت قبل أن يتوقف الترام فهبطوا ووقفوا بمنتصف الطريق يتأملون المكان من حولهم قبل أن تلتفت ساندي لإسلام وتسألها: "هااي ماذا الآن؟"
فكرت إسلام قليلاً قبل أن تلتفت وتبتسم وهي ترد: "لدي فكرة عن المكان الذي سنقصده.."
بعدها بقليل التفتت ساندي لإسلام تسألها: "هلا أخبرتني لم نحن هنا؟"
-:"لنتسوق بالتأكيد.."
التفتت ساندي تنظر للشارع الضيق المليء بالمحال الضيقة الصغيرة نسبياً والتي تبيع كل شيء بدئاً من الاكسسوارات والملابس حتى الأغراض المنزلية وألعاب الأطفال والحقائب..
-:"نتسوق من زنقة الستات.."
عادت تنظر لها وأكملت: "هذا قديمٌ جداً سولي"
تقدمتهما بينما ترد: "ستجدين أشيائاً هنا لا توجد بأي بمكانٍ آخر.."
ثم تحركت ثلاثتهم يتنقلون بين المحلات حتى وصلوا لمحل يبيع الاكسسوارات وهناك التفتت ساندي تنظر لإسلام التي التمعت عينيها بسعادة فأغمضت عينيها بملل وهي تهمس: "يا ويلي..."
*****
كانت هند تنظر لنفسها بمرآة المصعد.. تعدل من وضع شعرها وتتأكد من ضبط رسمة أحمر الشفاه ثم بدأت بتعديل تنورتها القماشية القصيرة وحذائها ذو الرقبة العالية بلونه الأحمر اللامع..
-:"ما كل هذا الجمال يا أختي؟"
التفتت لهنا التي كانت تنظر لها بخبث قبل أن تكمل: "منذ متى تهتمين بنفسك بتلك الطريقة المبالغ بها؟"
-:"أنا دوماً أهتم بنفسي.."
قالتها وهي تعدل وضع حقيبتها على كتفها ثم ابتسمت بسخرية وهي تكمل: "وكم مرة سأخبركِ أني دوماً جميلة ورائعة.. وإن كنتِ نسيتِ يمكنني تذكيرك بالإثبات.."
ظهر الحنق والبغض على وجهها فجملتها التي ظهرت هادئة وبسيطة بالنسبة للأحمق زوجها لابد وأنها قد أعادت لها الكثير من الذكريات.. لكن هند لم تكترث لحنقها والتفتت تنظر أمامها وهي تعد الثواني ليصل المصعد لطابقها المنشود.. طابق الدنجوان الذي خطف قلبها بوسامته ولباقته وصوته الساحر الذي أصبحت تحلم به من فرط روعته وروعة المشاعر التي تنفجر بجسدها ما أن تسمعه..
وصل المصعد أخيراً فابتسمت بلباقة وخطت للخارج تسبقهم ولحسن حظها كان الباب مقابلاً للشقة ولسعدها كان هو يقف مع مساعدته ليملي عليها بعض الأمور.. كانت تعشق تلك الطريقة الصارمة الرقيقة بذات الوقت التي يتحدث بها مع من حوله.. أطلقت تنهيدة حارة نبعت من أعمق نقطة بقلبها بينما تسير نحوه ولم تسمح للإحباط بتحطيم أحلامها بسبب عدم التفاته لها أو حتى الشعور بها.. فقط عندما تنحنح زوج شقيقتها ما أن وصلوا له التفت ينظر نحوهم وابتسم بهدوء قائلاً: "تفضلوا بالمكتب.."
تحرك بعدها يسبقهم نحو غرفته وجلس خلف مكتبه ينظر نحوهم بجدية وما أن جلسوا قال زوج أختها: "انتظرنا مكالمة منك لتطمئنا وعندما تأخرت قررنا المجيء بنفسنا"
-:"كنت أنتظر أن يرضخوا للخروج بهدوء.."
شعرت هند بلمحة أسى تزين حديثه ام تفهم مصدرها لكن سرعان ما ارتاح بجلسته وأكمل: "لكن يبدو أننا مضطرين للضغط.."
-:"رائع.. لنبدأ إذاً بالإجراءات القانونية.."
قالتها هنا بسعادة ثم ىاقتربت بمقعدها من زوجها وهي تكمل: "ولنبدأ بالضغط من جهة شكرية.."
-:"لا بالطبع.."
قالتها هند بحدة ثم أكملت: "لقد رفضت إيذائها ولا زلت مصرة"
-:"لا تستمع لها حضرة المحامي.. أنا من تتحدث.."
قالتها هنا بطريقة أزعجتها فالتفتت هي نحوه متجاهلة تلك الفراشات التي حلقت داخل معدتها ما أن نظرت لعينيه وبثباتٍ قالت: "لنضغط من جهة شخصٍ آخر من فضلك.."
-:"لا بالطبع لن..."
مع سماعها اعتراضها التفتت لها بحدة لتقاطعها بغضب: "إنها المرأة التي ربتنا يا جاحدة.."
ضحكت هنا بسخرية وارتاحت بمقعدها بينما تسألها: "لا تقولي لي أن ضميركِ استيقظ الآن؟!"
صمتت وهي تحاول تمالك أعصابها لألا تظهر بشكلٍ غير لائق بينما أكملت هنا: "لم لا تتخلي عن البيت إذاً لحفنة السارقين القاطنين به.."
-:"هم ليسوا سارقين.."
عارضتها هند بهدوء ثم أكملت: "وأنا متمسكة بحقي في البيت والأرض.. لكني أيضاً أفكر بما سيقوله عنا الناس إن ألقينا بالمرأة التي ربتنا في السجن.."
-:"وهذا سببٌ أدعى لنبدأ بها.."
قالتها هنا قبل أن تكمل: "إن بدأنا بها سيخافوا ويخرجوا بهدوء ويوفروا علينا الوقت والمال فالرسالة ستكون واضحة بعزمنا على استرداد المنزل بأي ثمن.."
تجاهلت هند ما سمعته منها والتفتت للمحامي تقول: "أنا لدي خطة تخيفهم وبذات الوقت تبعدنا عن الخالة شكرية.."
-:"لم لا تست..."
هتفت بها هنا فأسرع عمر القول بصرامة: "أنا أفضل السماع لكل الآراء.."
التفتت له بهدوء فتجاهلها ونظر لحاتم مكملاً: "أنت تعرفني سأحكم عقلي وإلا ما كنت لتجلس أمامي الآن.."
التفت حاتم فوراً لزوجته وهتف: "اجلسي الآن هنا ولنستمع أولاً.. توقفي عن تهورك وحماقتك.."
جلست بالفعل وقد بدا عليها الحرج لكنه لم يهتم لها التفت لهند تزامناً مع التفات عمر الذي قال: "والآن لنستمع لخطتكِ آنستي.."
عانت لثوانٍ لتخرج من جاذبيته الآسرة ثم أخذت نفساً عميقاً قبل أن تبدأ بسرد ما تفكر به..
****
-:"آآآآآه"
تأوهت ثلاثتهن ما أن جلسوا بأحد المطاعم الشعبية بينما قالت ساندي: "لولا أني جائعة ومرهقة لكنت اعترضت بشدة على دخولنا مكان كهذا"
-:"توقفي رجاءاً.."
همست بها ريم بتعب وهي تشعر بساقها تنبض من فرط الألم لكنها كانت تشعر بسعادة غامرة وهي تتذكر ما اشترته.. والأهم الرفقة التي ساعدتها باقتناء كل تلك الأشياء الرائعة..
-:"أنتِ حقاً مزعجة"
همست بها إسلام بينما رفعت ريم يدها تنادي النادل وهي ترد: "لم أعد أملك أي مال لكني جائعة للغاية لذا أقرضاني وسأرده لكما مع بداية الشهر القادم.."
-:"أنا أيضاً أفلست"
همست بها إسلام فاستقامت ساندي تخرج محفظتها وهي ترد: "لدي بعض المال"
اقتربت إسلام منها تنظر لما بداخل محفظتها بينما تهمس: "أتسائل كم من المال لأنني بصراحة جائعة.. ولا أنوي غسل الصحون كما أن هذا المطعم يملك ألذ شطائر للكبدة والسجق وأنا...."
كانت تعد المال بمحفظة ساندي بينما تتحدث ثم فجأة ظهرت ابتسامة عريضة على محياها وهي تهتف: "هذا كافٍ.."
التفتت بعدها للنادل تكمل: "نريد عشرة شطائر سجق وعشرة كبدة.."
اتسعت عينا ساندي بذهول والتفتت لريم التي قالت: "سولي..."
التفتت لها ثم عادت تكمل: "اجعلهم خمسة عشر شطيرة من السجق وعشرة كبدة.. ولا تنسى المياه الغازية والطحينة وأيضاً المخلل.."
دون الشاب الطلب ثم غادر فالتفتت تنظر لهما وهي تتسائل: "هذا كافٍ أليس كذلك؟"
أراحت ساندي رأسها على كفها وهي ترد بسخرية: "إن جعنا يمكننا طلب المزيد"
مرت بضع دقائق من الصمت المليء بتأوهات ثلاثتهن ثم همست ساندي: "ليسامحك الله يا إسلام.. ساقاي تؤلماني.."
-:"هااااي عليكِ شكري لولاي لكنتِ الآن جالسة وحيدة بالمنزل تعملين على ذاك البحث الغريب وحدك عوضاً عن هذا ها أنتِ جالسة هنا بعد أن اشتريتِ الكثير من الأشياء الرائعة و..."
-:"حسناً كفى رجاءاً.."
قالتها ساندي بحدة ثم أكملت: "آلام الرأس أسوأ من آلام الساق.."
كادت إسلام ترد لكن حضر النادل وبدأ بوضع الأطباق على الطاولة فصفقت بسعادة بينما رفعت ساندي رأسها وما أن سقطت عينيها على الطعام تجمدت وهي تتأمل الشطائر الصغيرة التي أثارت شهيتها برائحتها ثم همست: "لم أنا سعيدة كالبلهاء"
-:"لأنكِ بلهاء بالفعل"
ردت كلاً من ريم وإسلام بنفس الصوت قبل أن تبدأ ثلاثتهم بتناول الطعام بتلذذ على عكس المتوقع من ساندي التي أعجبتها الشطائر وكانت هي من رفعت يدها تهتف للنادل: "نريد خمس شطائر كبدة أخرى من فضلك.."
***
-:"يا للملل"
همسها بينما يطالع الخارج من شقة جده والذي كان البحر والكورنيش.. كان يشعر بالملل وهو يحاول ادعاء اللامبالاة منذ الصباح.. لم يهتم لإيقاظه باكراً في صباح يوم إجازته.. ولا يهتم لإجباره على الوجود بمكانٍ يكرهه.. لا يهتم لعدم اكتراثهم بما قاله عن رغبته بقضاء اليوم بالدراسة مع ريم.. كل هذا لا يهمه كما لا يهمه أي شيء عدا الخروج من ذاك المكان الذي يمقته.. تلك البلاد التي تخنقه.. والابتعاد عن هؤلاء البشر الذين يحيطون به ويجعلونه يرغب بقتل نفسه عله يستريح وحسب..
-:"أخي.."
تنفس بعمق يستدعي روح ريم التي تتجدد دوماً مع امتصاص رئتيها لرائحة البحر لكن دون جدوى.. هو ليس ريم.. ريم ليس لها مثيل..
-:"نعم علياء.."
رد بها دون التفات فقالت: "تعال لتتناول الغداء معنا"
-:"وكأني أمتلك خياراً"
همسها بسخرية قبل أن يستقيم بوقفته ويكمل: "اسبقيني وسأتبعكِ.."
سمع صوت خطواتها بينما تنفس هو بعمق ونظر للسماء هامساً: "أتمنى أن يكون يومكِ أفضل من يومي يا سبونج بوب.."
****
بعدها بفترة هبطن من الدور الثاني للمطعم واتجهوا لطاولة الدفع فأخرجت ساندي المحفظة لتحاسب لكن إسلام سحبتها وهمست قرب أذنها: "لا تنسي ترك إكرامية لهم.."
التفتت لها ساندي وردت بعصبية: "ولم أترك لهم إكرامية؟.. سأدفع ما يطلبونه دون فصال.."
-:"لأن الطعام كان لذيذاً"
ردت بها ريم وأكملت: "يستحقون إكرامية سان.."
كادت ترد لكن أتى الرد من خلفها: "لا نريد إكراميات.."
التفتوا جميعاً للبائع الذي ابتسم بودٍ قائلاً: "يكفينا زيارتكن.."
ابتسمت سولي وردت: "أنت حقاً لطيف.."
وقبل أن يتمكن أي شخص من الاندهاش بما فيهم البائع الذي ظهر الخجل واضحاً على وجهه لطريقتها اللطيفة الطفولية بالحديث سحبت إسلام المحفظة من يد ساندي واقتربت تقول: "تستحق إكرامية مضاعفة.."
-:"ماذا"
هتفت بها ساندي فسحبتها ريم ليغادروا بينما تقول: "شكراً لكم  كان الطعام رائعاً"
ثم تبعتهم إسلام وهي تقول: "نراكم بخير وقريباً"
وقفوا أمام المحل لتنظر لهم ساندي بسخط لكن إسلام تجاهلتها كلياً بينما تقول: "لنتمشى قليلاً على البحر ثم نذهب لمنزل ريم كما اتفقنا مع سائق والدتك سان.."
تحركوا بعدها فأسرعت ساندي تتبع إسلام وهي تهتف: "أعطني محفظتي يا هذه"
-:"لنشتري بعض الحلوى ريم"
اتسعت عينا ساندي فالتفتت لها إسلام وقالت: "أخبرتك أني سأرد لك المال يا بخيلة"
كادت تعترض لكنها لم تمهلها وسحبت ريم وهي تكمل: "لنتناول المثلجات"
-:"هممممم.. بالشيكولاتة.."
قالتها ريم بابتسامة فأكملت إسلام: "والفراولة أيضاً.."
التفتتا لساندي التي كانت تطالعهما بذهول فقالت إسلام: "أي طعمٍ تفضلين؟.."
بقيت على جمودها لثوانٍ قبل أن تتنهد وترد: "المانجو.."
*****
كان يسير عائدا للبيت بعد أن تمكن بصعوبة من التخلص من تلك الزيارة السخيفة التي أجبر على خوضها كان الحنق ظاهراً بوضوح عليه أثناء اليوم ولم يهتم بإخفائه.. تحرك نحو باب المنزل ينتوي الصعود وإغراق نفسه بالدراسة لكن ما كاد يدخل المنزل إلا ووجد الحمقى الثلاثة بوجهه
-:"مرحباً مؤمن"
قالها فادي فرد هو بحنق: "ماذا تريدون؟"
قال هيثم بسخريته المعتادة: "اهدأ يا رجل بدلاً من دعوتنا على الغداء أو الشاي حتى تصرخ بنا!"
-:"ماذا تفعلون هنا ومن أين عرفتم عنوان منزلي"
سألهم بحدة ليرد البارد أكمل بهدوء: "يمكنني أن أعرف كل ما يحلو لي يا هذا.."
ابتسم مؤمن بسخرية ورد: "هذا رائع يا ذا المقام العالي الآن غادر وخذ أتباعك معك"
ثم تحرك ليغادر فوقف هيثم بوجهه قائلا: "اهدأ يا مؤمن أتينا طلبًا للمساعدة.. أنت تعلم امتحان الأحياء الأسبوع المقبل ونريد مساعدتك بتوضيح بعض النقاط لنا"
تنهد مؤمن بملل وكاد يرد ذاك المستغل ويصرفه في الحال لكن صوت ضحكات اقترب وبعدها دخلت ريم البناية برفقة إسلام وساندي التي ما أن رأت هيثم هتفت: "ها أنت ذا أيها الكاذب المتهرب!"
-:"ماذا فعلت؟!"
ردت بعصبية: "وعدت بأن تساعدني بالبحث عن مناطق للزيارة لكن لم أتلقى منك اتصالا واحدا أو حتى رسالة بما بحثت أو تنتوي حتى البحث عنه"
قالتها بينما تقترب منه وما أن وصلت له كادت تدفعه بكفها لكنها سمعت همس أكمل الساخر: "أخبرتكم أنها جاحدة شرسة ولم تصدقوني"
التفتت له وضاقت عينيها قبل أن تخطو خطوة نحوه ناوية صب جام غضبها فوق رأسه لكنها توقفت ما أن وقفت ريم بينهما وقالت: "لن تتشاجرا بساحة بيتنا.. خالتي بالأعلى وإن سمعتنا ستهبط وتضاعف عقابنا"
تراجعوا جميعاً ليقفوا بثبات متباعدين بينما عيون كلاً من أكمل وساندي ترسلان سهاماً لبعضهما البعض
-:"ما المشكلة مؤمن؟"
سألته ريم فأجابها: "يريدوني أن أساعدهم بمذاكرة الأحياء"
-:"أنا أيضاً"
التفت لإسلام التي أكملت: "لقد طلبت من ريم أن تستأذنك بشرح بعض الأمور لي قبل الامتحان"
هز رأسه ورد: "لا مانع عندي"
ابتسمت له بامتنان بينما تدخل هيثم قائلا: "لم لا تساعدنا ن...."
"لا" ردها عليه دون سماع تكملة جملته قبل أن يكمل: "هي تطلب المساعدة لكن أنت في النهاية ستطلب مني مساعدتك بتلخيص البرشام الذي تستعملوه للغش بالاختبارات"
قال فادي بحزن: "أنت تظلمنا حقاً كنا فقط نريد المساعدة"
شعر أنه صادق بالفعل بحديثه فهو يعلم أن مستواه ليس جيداً لكنه يبذل قصار جهده عله يحقق علاماتٍ عالية ورغم علمه بكل هذا إلا أنه لم يتمكن من التراجع عن كلمته وفضل الصمت قبل أن تتدخل ريم: "لندرس معاً غداً بالمكتبة"
التفتت له وأكملت: "ما رأيك مؤمن؟.. يمكننا حل بعض الاختبارات من الكتب ومساعدة بعضنا"
-:"تعنين أننا سنساعدهم.. لكن هم لن يقدموا أي شيء لنا"
رد بها مؤمن قبل أن يلتفت لهم وينظر لأكمل الذي على ما يبدو قد ألجمه هيثم بطريقة ما مانعاً إياه من الرد لكنه لم يكترث وأكمل بهدوء: "لا بأس أنا موافق لكن بالمقابل سنتشارك التفكير بشأن المشروع"
تحرك ليغادر بينما يكمل: "أنا أساعدكم بالدراسة وأنتم تساعدون ساندي بالبحث وتجميع المعلومات"
-:"أجل تساعدون الجاحدة الشرسة.."
قالتها ساندي بحدة ثم دفعت هيثم بعيداً واقتربت من أكمل وبلمح البصر كانت قد دفعته ليسقط أرضاً ثم ابتسمت: "أسمعت أيها الفاشل المدلل؟!.."
فتح أكمل عيناه ونظر لها بغضب بذات اللحظة التي رن بها هاتفها فأسرعت إسلام تسحبها وهي تقول: "لابد أنه سائق والدتك وقد حضر ليقلنا للبيت.."
تحركت بها للخارج بينما تودعهم وتكمل: "نراكم غداً بالمدرسة.."
ثم اختفوا من أمامهم وعندها التفت هيثم لريم قائلاً: "بصراحة لا أصدق أن ثلاثتكن أصدقاء.."
ابتسمت ورفعت كتفيها وقبل أن ترد وجدت كف مؤمن يسحبها لتقف خلفه بينما هو يسأل: "فادي هل تريد شرب الشاي؟"
حك رأسه ورد: "لا فعلي العودة للمنزل"
-:"جيد.."
قالها ثم التفت ساحباً إياها ليصعدوا الدرج بينما يكمل: "الآن غادر وخذ هذين الأحمقين معك.."
****
كانت غاضبة.. بل تستشيط غضباً..
التفتت تنظر للجالس بجوارها والذي كان ساهماً بتفكير عميق على ما يبدو ولم تتحمل الصمت أكثر فقالت: "لم صرخت علي أمامهم حاتم؟"
-:"لأنكِ حمقاء.."
رد بها ثم التفت ينظر لها يكمل بعملية: "أنتِ لا تفكرين سوى بالانتقام من تلك المرأة التي تكرهينها بشدة دون سبب.."
فتحت فمها لترد لكنه لم يمهلها وأردف: "وهذا ليس عملياً ولن يساعدنا.. خطة هند أفضل وستوفر لما الكثير من الوقت إن نجحت.. لذا ألجمي ذاك الشيء اللعين داخل فمك وأعملي عقلك قبل استخدامه.."
نهض بعدها ليتركها ويغادر الشقة دون التفات حتى بينما هي تقبضت يديها بشدة قبل أن تضرب بها الأريكة وهي تهتف: "اللعنة عليهما معاً.."
***
-:"كان هناك شابٌ يقطن أمامنا.."
قالتها هند لصديقتها شيماء التي كانت تسير معها على الكورنيش وهما تتناولان البطاطا الساخنة.. التفتت لها هند وأكملت بخبث: "كان اسمه أمجد.. يا إلهي.. كم كان وسيماً ويملك شقة وسيارة ويكبرنا بحوالي عشرة أعوام.."
قضمت شيماء قطعة من البطاطا وهي ترد: "وما دخله بما مررتِ به اليوم؟"
-:"هنا كانت تحبه وقد بقيت لسنين تحاول لفت نظره.."
قالتها هند بينما تقضم هي الأخرى قطعة من البطاطا ثم أكملت: "لكن باليوم الذي أتى به لبيتنا طلب يدي أنا.."
شهقت شيماء بحدة وهي تضرب صدرها فضحكت هند وأردفت: "ورغم أني رفضته إلا أنها للآن تكرهني بسببه.."
-:"ولم رفضته يا حمقاء.."
قالتها شيماء بغضب بينما تلكزها بذراعها فردت هند: "كان أقل من طموحي.."
اتسعت عينا شيماء وقالت بذهول: "شقة وسيارة ووسيم.. كل هذا وكان أقل من طموحك.."
ألقت المنديل الذي كانت تحمل به البطاطا في إحدى سلات المهملات ثم جلست على الحاجز الحجري وهي ترد: "أجل ولازلت أثني على نفسي ذلك القرار.."
جلست شيماء بجوارها وقالت: "دعكِ من كل هذا.. أخبريني ألا زلتِ مصرة على أخذ ذلك البيت.."
كانت تمسح يدها بمنديل مبلل وهي ترد: "إنه حقي شيماء وعلي استرداده.."
التفتت لها وأكملت: "المنزل يساوي مبلغاً أكبر بكثير من الذي اشتروه به من والدي رحمه الله وسامحه.. لذا ليس من العدل أن يستفيدوا به دون دفع ثمنه الحقيقي وبما أنهم لا يملكون هذا الثمن إذاً عليهم منحنا المنزل وحسب.."
حكت شيماء رأسها بينما تقول: "لا أعلم صراحة إن كان الحق معكِ أم معهم.."
هزت كتفيها وردت: "لن أظلمهم.. أنا فقط سأسترد حقي.."
-:"وماذا عن تلك الخطة؟"
سألتها شيماء فردت ببساطة: "ما بها؟.. إنها مجرد وسيلة للضغط لأسترد حقي.. كل شيء مباح في الحب والحرب.. وأنا الآن أحارب لنيل حقي.."
كانت شيماء تشعر بالاستغراب فحديثها كان مقنعاً رغم رفضها بالبداية طريقتهم بالتعامل مع سكان المنزل لكن مع مرور الوقت وسماعها لوجهة نظر هند أصبحت تميل لتشجيعها على المضي قدماً.. تنهدت بتعب وقالت: "لقد أصبحنا بزمنٍ غريب.."
نهضت تتجه لسلة المهملات لتلقي المنديل هي الأخرى ثم نظرت للطريق المقابل حيث يسير عشرات البشر ثم أكملت: "أين الصواب وأين الخطأ؟.. لا أظن أن هناك أي شخص يمكنه الإجابة على ذلك السؤال.."
-:"الصواب دوماً بجهة القوة.."
التفتت تنظر لهند التي اقتربت منها تكمل: "والقوة بزمننا تعني المال.. فكري بما سأفعله بذلك المال.. منزل وسيارة.. مشروعٌ خاصٍ بي.. والأهم أني لن أحتاج أي شخص.. لن أسمع ما يبكيني من صاحب عمل لا يهمه إلا المال.. لن أنال ترقيعاً من زبونة تظن أنها امتلكتني للملاليم التي تدفعها لأجل فستانٍ رخيص.. المال سيحررني.."
أمسكت كفيها وابتسمت تردف: "يحررنا معاً.. شيماء أنتِ هي أختي التي ساندتني دوماً.. وذلك المال سيؤمن مستقبلنا.."
ابتسمت وهي تتخيل ما ترويه ثم أومأت لها وهي تهمس: "معكِ حق.."
فركت وجهها ثم اعتقلت ذراعها لتسيرا معاً بينما تكمل: "الآن أخبريني ماذا بشأن ذو العيون العسلية؟!.."
-:"قلبي يذوب بمجرد تذكرهما يا شوشو!.."
قالتها بطريقة مسرحية بينما تغمض عينيها وتضع كفها على صدرها فضحكت شيماء بحدة ثم قالت: "إنه ذنب ابن الجيران المسكين يا عاشقة العيون العسلية.."
*****
في اليوم التالي
-:"أتمنى أن تدرسوا بجد فالاختبار لن يكون هيناً"
قالها أستاذ الأحياء قبل أن يغادر فردت إسلام: "ذلك الرجل مرعب أكثر من عفاريت تلك البناية"
رفعت حقيبتها على ظهرها وتحركت تغادر الصف بينما ساندي تسير بجوارها قائلة: "أخبرتك لا شيء اسمه عفاريت بل هو إيحاء مع تصور خاطيء من عقلك الباطن"
-:"أنا واثقة مما رأيته سان لقد كانت عفاريت"
-:"ها قد بدأ الشجار"
همستها وهي تنهض لتلحق بهم وتحاول منع شجارٍ محتمل بينهما..
-:"ريم"
التفتت لسوزان التي ابتسمت لها وقالت: "مرحباً"
ابتسمت هي الأخرى وردت بهدوء: "أهلا كيف حالك سوزان؟"
أومأت لها وقالت: "نوعاً ما بخير"
اقتربت منها وسألتها: "إذاً إلى أين؟.. ظننتكم لا تتفقون على أي شيء"
التفتت تنظر حيث تشير فوجدت ساندي وإسلام قد اجتمعتا مع الشبان الأربعة ويبدو أن مؤمن يشرح لهم شيئاً ما فهزت كتفيها وردت: "أنت مخطئة"
فعاودت النظر لها وأكملت: "نحن مختلفون لكننا نتفق على بعض الأمور التي تكفينا لنبقى معاً.."
هزت رأسها ثم قالت: "أتمنى لكم التوفيق.. توقعت أننا سنكون بمجموعة واحدة أحزنني تقسيمنا بتلك الطريقة"
فتحت فمها لترد لكن صوت مؤمن قاطعها..
-:"ريم لنغادر"
التفتت له لتجده ينظر لها فأسرعت تتحرك نحوه ثم التفتت لها تقول: "أراك لاحقا سوزان"
ثم غادرت معه وما ان وصلت لتجمعهم قال هيثم: "قبل بدأ شجار أكمل وسان أود التنويه عن أمر هام وهو أن المكتبة ستغلق بعد قليل"
وقفوا جميعًا يحدقون ببعضهم قبل أن يبتسموا ويهمسوا جميعاً: "قهوة فاروق"
***
-:"هذا رائع"
همس بها فادي بينما يلتفت لإسلام مكملاً: "لم أتخيل بحياتي أن أرسم أي جهاز عضوي بهذه الطريقة المتقنة"
ارتاحت إسلام بجلستها بينما تنظر لهم جميعاً بعد أن علمتهم طريقة سهلة لرسم الجهاز التنفسي ثم ردت: "أنا دوماً بالخدمة"
ثم رفعت فنجانها عالياً تشير للنادل: "فنجان آخر من القهوة رجاءاً"
-:"نظريات الوراثة التي وضعها مندل أسست علم الوراثة بأكمله لذا لا يمكنك تجاهل حفظها يا أحمق"
قالها مؤمن مخاطباً هيثم الذي رد: "وبم ستفيدني في حياتي"
تنهد محاولا تمالك أعصابه بينما يقول: "حفظها سيجعلك تنجح"
-:"وماذا بعد؟"
عندها لم يتمالك نفسه واقترب منه يقول بخطورة: "أنتم أصحاب النفوذ هنا يمكنكم سؤال وزير التعليم فأنا لا أحفظها لسببٍ آخر ولا يوجد شخص يحفظها سوى لهذا السبب"
كانوا قد أمضوا ساعتين بالمذاكرة ثم توقفوا في النهاية وطلبوا أكوابًا من الشاي بينما أخرجت ساندي دفترًا يحمل صورة أحد ممثلي افلام الاكشن وهي تقول: "لقد جمعت بعض الأماكن التي يمكننا زيارتها وأول مكان يمكننا زيارته هو العاصمة"
-:"ولم العاصمة بالتحديد؟"
كان هذا السؤال من أكمل فرفعت رأسها ترد بعلياء: "واحد.. لأنها العاصمة كما تفضلت وقلت منذ آلاف السنين وهي مليئة بالمعالم الهامة..
اثنان.. لأن السفر إليها والعودة مع زيارة الأماكن الهامة يمكن قضائه بيومٍ واحد إن خرجنا بالصباح الباكر وهو المطلوب حالياً نظراً لارتباطنا بالدراسة..
ثالثاً.. وهو الأهم الأجواء تكون جيدة بهذا الوقت من العام لذا الأفضل أن نقتنص الفرصة فزيارة القاهرة بالصيف تمثل انتحاراً.."
تجاهلته بعدها والتفتت للجميع تكمل: "سأقنع أمي مع مالي أن تكون تلك الرحلة بعد أسبوعين من الآن حتى تكون اختباراتنا قد انتهت.. لكن علينا التحضير لها"
نظر لها كلاً من أكمل وفادي وهيثم باستغراب فتأففت وكادت تهتف بهم لكن مؤمن تدخل وقال: "ساندي تقصد أنها ليست رحلة ترفيهية علينا تأمين كاميرا لالتقاط الصور وعلى كلاً منا أن يحضر دفتراً لجمع الملاحظات بالإضافة للمال بالطبع"
-:"يمكنني تأمين المال"
قالها أكمل فنظروا له جميعاً بحنق حتى هيثم.. لكنه لم يمهلهم وأكمل بعنجهية: "انا أحمل عنكم هذا العبء وسأحاول الاهتمام بالأمور الأخري أيضا"
تجاهلته ساندي وعادت تنظر للدفتر لتكمل حديثها
-:"سان"
التفتت لإسلام التي أكملت: "هل أنت واثقة من قدرتك على اقناع اهلنا؟"
ابتسمت بثقة وردت: "امي لن تترك لهم مجالا للرفض.."
****
-:"لن أساعدكِ.."
ردت بها مالي على طلب ساندي منها المساعدة لإقناع والدتهم بالرحلات.. تأففت ساندي وهي تجلس أمامها محاولة إرغامها على النظر لها لكنها بقيت تطالع مجلة الأطفال التي تقرأها فحاولت أن تتحدث برفق وهي تقول: "هيا الآن مالي.. ألم نتفق أن تساعديني؟.."
-:"واتفقنا أن أكون معكم بكل خطوة لكنكِ تجاهلتِ هذا الجزء من الاتفاق.."
نظرت لها بعدها ووجهت سبابتها لوجهها وهي تكمل: "وهو الجزء المفضل لي.. وقد أخللتِ به.. ذهبتم للتسوق من زنقة الستات بدوني وتناولتم شطائر الكبدة والسجق ثم أمعنتِ بإغضابي ورافقتهم اليوم لقهوة فاروق.. وأيضاً بدوني.."
ضاقت عينيها وهي تنظر لها بلوم بينما كان حاجبي سان قد ارتفعا حتى أصبحا على وشك الالتصاق بشعرها لكنها تنحنحت تقول: "حسناً لقد فهمتكِ.. لن أذهب لأي مكانٍ معهم بدونك.."
بقت تنظر لها بذات الطريقة ثم نهضت تقف على الفراش وهي ترد: "عليكِ أن تعديني أنكِ ستفعلين.."
-:"أعدك"
قالتها بهدوء وهي تحاول منع نفسها من الضحك لكونها مضطرة أخذها على محمل الجد ومصافحتها أيضاً لتتأكد مالي من صدق وعدها.. ابتسمت بعدها وهبطت عن الفراش وهي تأخذ الورقة من يدها وتسألها: "إذاً ما الوجهة؟"
اتسعت عينيها وهي تشعر بالروعة لمجرد قراءة أسماء المعالم بينما اقتربت ساندي منها وهمست بجوار أذنها: "القاهرة العامرة!.."
*****
مساء الخير 🌹
متنسوش الدعم يا حلوين ورمضان كريم ❤

رسالة من فتاة مجنونة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن