رسالة من فتاة مجنونة-الفصل السابع

198 14 3
                                    

اسعدي بمفاجآت الحياة..
فبعضها نادرٌ وجميلُ..
واسعي للإبقاء على طيب الصحبة..
وابتعدي عن كل لئيمُ..
أراكِ طفلة جميلة وبريئة..
ضحكتك كالبحر وعيونك تملؤ نفسي بالسعادة كنسيمه..
لا تيأسي يا فتاتي..
فمع طلوع شمس كل يوم.. يأتي أملٌ جديدُ..
*****
-:"لا أصدق ما فعلته!"
التفتت تنظر خلفها لتجد إسلام التي كانت تنظر للأرض أمام والدها وسرعان ما أكمل تأنيبها: "منذ متى تفتعلين العراك.. ابنتي أنا تتصرف بهذه الطريقة!"
لم ترد إسلام بل بقيت تنظر للأرض بينما والدها يكمل بصرامة تليق برتبته العسكرية: "عدا عن عقاب أساتذتك فأنت معاقبة من قبلي"
-:"حاضر أبي"
ردت بها بصوت متهدج.. بينما التفت والدها وتحرك بهدوء بينما يقول: "لا دروس موسيقى أو رسم.. لا تدريبات للجمباز لمدة شهر على الأقل.. كما أنكِ ممنوعة من المبيت لدى جدتكِ"
-:"حاضر أبي"
سمعتها ترد بها بصوت منخفض بينما يمران من جوارها قبل أن يدخلا مكتب المدير وعندها التفتت تنظر لوالدتها التي كانت تتحدث عبر الهاتف مع مساعدتها.. لقد تسببت بكل هذا.. إسلام نالت تأنيباً بسببها ولابد أن ريم نالت مثلها كما اضطرت والدتها لتفويت اجتماعٍ هام بسببها.. غرزت أظافرها بكفها والتفتت تنظر لشرفة المدرسة وهي تفكر بإلقاء نفسها وحسب.. لم هي جبانة ولا يمكنها فعلها.. عادت تنظر لوالدتها التي أغلقت الخط والتفتت لها ثم ابتسمت بدفء قبل أن تنحني وتقول بهدوء: "ألا تنوين إخباري بما حدث على الأقل؟"
حركت رأسها تبعد عينيها عنها وهي ترد: "أخبرتك أنه شجار عادي أمي.. ولم يكن هناك داع لحضورك من الأساس"
سمعت تنهيدتها ثم وجدتها تحتضنها وتربت على رأسها ثم مسدت خصلات شعرها القصيرة ببطء وهي تقول: "بل هناك مليون داعٍ لحضوري ساندي.. أنت ابنتي.."
صبت تفكيرها على ألا تبكي بالذات مع إبعاد والدتها لها والنظر لعينيها وهي تكمل: "أنتِ ووالدك وأختك كل ما أملك بهذه الحياة ساندي.."
كانت على وشك فقدان السيطرة والإجهاش ببكاء لا ينقطع لكن مشرفة الدور الأستاذة جنات دعتهم لدخول المكتب فأسرعت تفرك عينيها وسحبتها تسير نحو المكتب وهي تقول: "لنذهب الآن حتى لا أعطلكِ أكثر.."
****
-:"إذاً كيف أخبرت والدك بالأمر؟"
سأل أكمل هيثم الجالس بجواره ينظر للفراغ دون هدف قبل أن يرد: "أخبرته وحسب.."
التفت له بعدها وأكمل: "وقد منعني من التسابق لشهرين بسيارة أخي.."
عاد للنظر أمامه بابتسامة ساخرة وهو يردف: "لا يعلم أني أملك نسخ كل سيارات المنزل"
مط أكمل شفتيه قبل أن يبتسم هامساً: "يا لك من محتال.."
-:"ماذا عن والدك؟"
سأله هيثم فرد بلا مبالاة: "كالعادة غير مهتم وقد طلب من والدتي أن تحضر معي وتتبرع بمبلغِ محترم للمدرسة"
-:"جيد"
همسها ثم أراح ظهره للخلف وهو يكمل: "هذا ممل يا رجل.."
نظر أكمل لمؤمن الواقف بهدوء بجوار النافذة وقد فصل هيثم بينهما.. ورغم أن الحديث الدائر لابد أن يكون وصله إلا أنه لم يلتفت حتى..
-:"مجموعة حمقى"
التفتا لحازم الذي أكمل: "كل هذا بسببكم.."
ثم نظر لمؤمن الغير مكترث بينما يردف: "وبسبب الم..."
-:"أتعلم بالمرة القادمة لن يقتصر الأمر على مجرد لكمات.."
التفتا لمؤمن الناظر لحازم ببرود قبل أن يكمل: "لذا احفظ لسانك إن كنت بحاجته.. فإن أطلقته مجدداً سأقتلعه.."
التفت هو وهيثم لحازم الذي تراجع بمقعده ونظر ناحية والده.. ففهما أن هذا هو السبب.. حازم لا يريد افتعال شجارٍ أمامه..
-:"أنت مدينٌ لنا.."
قالها هيثم بينما يجلس مؤمن بجواره فرد: "أنا لا أدين بأي شيء لأي أحد يا هذا"
-:"يا لك من متعجرف"
همس بها أكمل فرد هيثم: "هو متعجرف بالفعل.."
التفت له بعدها وابتسم بينما يردف: "لكنه فاجئني بإجادته العراك.."
لم يلتفت له مؤمن وقال بثقة: "هل تظنني تربيت بالقصور مثلكم يا ذوي الأيادي الناعمة.."
لم يتلقى رداً فالتفت نحوهما.. كان أكمل يبدو عليه الغيظ بينما هيثم كان مبتسماً ثم سأله ببساطة: "هل تجيد القيادة؟"
****
دخلت لتجد أن أولياء الأمور يجلسون قرب مكتب المدير بينما زملائها جالسين على مقاعد خلفهم فتحركت نحوهم وهي تحمد الله أن ريهام لم تأتي.. وتمنت ألا تأتي أبداً.. نظرت لها ريم ودعتها لتقترب وتجلس بجوارها هي وإسلام التي سرعان ما أبعدت حقيبتها وسمحت لها بالجلوس بينما تقول: "كيف حالك؟"
نظرت لوالدتها وتنهدت ترد بصراحة: "سيئة"
-: "أتفهم.."
التفتت تنظر لإسلام التي عادت تطرق فعلمت أنها تحاول منع نفسها من البكاء فتنهدت مجدداً قبل أن تلتفت لصاحبة الرد والتي كانت ريم فوجدتها تنظر ناحية والدتها لذا سألتها بأسف: "هل عاقبتكِ والدتك؟"
التفتت لها منعقدة الحاجبين بينما ترد: "أمي غضبت بالتأكيد.. لكني شرحت لها ما حدث فتفهمت.."
ثم اقتربت منها تسألها بحرص: "هل غضبت والدتك منك؟"
:"لا وهذا ما يضايقني"
كانت ساندي سعيدة مع سماع نبرتها المهتمة.. نادراً ما كان أحدٌ خارج عائلتها يهتم بأمرها.. مع هذا فقد كان ردها مليء بالأسى قبل أن تنظر لها وتقرر تبديل الموضوع وتسألها: "إذاً لم أنتِ حزينة؟"
عادت تلتفت ناحية والدتها فالتفتت هي الأخرى.. وعندها فهمت أنها لا تنظر لوالدتها بل للسيدة الجالسة بجوارها.. انتظرت قليلاً قبل أن تسألها بهدوء: "من تكون؟"
-:"إنها خالتي"
التفتت لها بينما تكمل بخفوت: "وحضورها هو السبب بتعاستي"
كادت تسألها لكن المدير دخل عندها.. فوقفت هي وزملائها بينما هو جلس خلف مكتبه قائلاً: "مرحبا أيها السادة الأفاضل"
لم تتجرأ هي أو أي أحد من زملائها على الالتفات أو الرد حتى.. بقوا واقفين بينما يراقبون الحديث الدائر الذي بدأه والد إسلام قائلاً: "أستاذ علي أنا حقا أعتذر عن سلوك ابنتي.. وأعتذر إن كانت تسببت بجرح أي شخص من زملائها.. وأعدك أن تنال العقاب المناسب.."
-:"وبالمثل لريم أستاذ علي.. أعد بألا تكررها أبدا"
التفتت عندها تنظر لوالدتها التي كانت تجلس بأدب.. قبل أن تبتسم وتقول: "ساندي بالتأكيد لم تكن لتجرح أي شخص.. لكن عذراً منكم أنا أود فهم ما حدث أولاً"
رد المدير بأدب: "أود أن أستمع لما حدث بالفعل من طلابي قبل أي اعتذار"
دارت عيناه بالمكان ثم أكمل: "لكن أظن أن شخصاُ مهماً لم يحضر للآن"
التفت لأستاذة شكرية وسأل بهدوء: "أين ريهام ووالدها؟"
تنهدت الأستاذة وردت: "لقد بلغتهم و..."
فُتِح الباب فجأة أثناء الحديث ودخلت امرأة تتبعها ريهام ومن النظرة المتعالية والمظهر العام فهمت أنها والدتها..
-:"سيدة ألماس.. لا يجوز أن تدخلي بهذا الشكل!"
التفتت المرأة تنظر لأستاذة شكرية بحدة بينما تكمل: "كما أنكِ تأخرتِ عن الاجتماع.. وهذا أيضا لا يجوز"
نظرت لريهام وسألتها باستخفاف: "هل هذه هي معلمتك؟"
-:"أجل أنا هي معلمتها!"
أتى الرد من أستاذتها شكرية التي تقدمت منها.. ووضعت عصاها بطريقتها المعتادة.. وهي تضم كفيها معاً بينما تكمل: "هل لديكِ أي مشكلة سيدة ألماس؟"
تراجعت فوراً لكنها ردت بغرور: "حديثي ليس معكِ بل مع المدير.."
: "اجلسي إذاً.."
التفتوا للأستاذ علي الذي أكمل: "إن كان حديثك معي فاجلسي من فضلك لنتحدث.."
امتثلت بالفعل وكادت ريهام تجلس بجوارها.. لكن نظرة واحدة من الأستاذة شكرية ألجمتها.. وجعلتها تسرع بالوقوف بجوار صف الطلبة.. لكن بعيداً عن ثلاثتهم بالطبع فقد اختارت الوقوف بجوار حازم وعندها تراجعت الأستاذة لتقف بجوار المدير بينما يقول: "بما أن الجميع هنا.. يمكننا بدأ الاجتماع حتى لا نؤخر الشباب عن حصصهم التي ستبدأ بعد قليل"
تنهد بينما ينظر للجميع قبل أن يكمل: "أتوقع أن الجميع ينتظر تفسيراً لما حدث.."
: "أنا أريد معرفة من عديمة التربية التي ضربت ابنتي.."
التفتوا جميعا لوالدة ريهام التي أكملت بتعالي: "أنا أدفع لابنتي مبلغًا كبيرًا سنويًا لتكون وسط عائلات راقية ومحترمة لا مجموعة من المتشردين.. كيف يمكن لفتاة مهذبة أن تضرب ابنتي البريئة بتلك الطريقة و..."
سمعت ضحكات تصدر من جوارهم.. فالتفتوا جميعاً لهيثم الذي كان يحاول جاهداً التوقف عن الضحك.. حتى انقلب وجهه للون الأحمر.. وكذلك أكمل الذي لم يستطع التماسك وانفجر ضاحكاً.
-:"ما المضحك بحديثي يا ولد؟!"
سألته والدة ريهام بحدة بينما تنهض وعندها تدخل والد هيثم مخاطبا ابنه: "هيثم!"
بينما نظرت والدة أكمل له بتأنيب فتوقفا عن الضحك وقالا معًا: "نعتذر"
ثم نظرا للأرض بعدها.. فعادت والدة ريهام تفتح فمها لتتحدث لكن المدير عارضها قائلا: "لقد وصلت وجهة نظرك سيدة ألماس.. من فضلك الآن اجلسي لأكمل حديثي.. فأنتم لستم هنا لتجيبوا عن أي أسئلة.."
جلست بالفعل فأكمل مخاطباً الجميع: "لقد استدعيتكم اليوم لأذكركم بأن واجبي الأول هو التربية.. التعليم يأتي ثانيًا.. وذلك الواجب الأول يجب أن تساعدوني به"
التفت ينظر لها ولزملائها فوقفوا بانتباه.. لكنها لاحظت أنه يخصها بنظرة معينة فاضطرت للإطراق بينما يكمل: "أبنائكم البارحة ارتكبوا خطئاً وأؤكد لكم أنهم سيعاقبون من قبلي أنا ومعلمتهم.. لكن ما الذي دفعهم لهذا الخطأ؟"
التفت ينظر لمشرفة الطابق الأستاذة جنات التي قالت بابتسامتها اللطيفة: "معظم أبنائكم وعلى عكس ما وصفت السيدة ألماس.. يحملون من التهذيب ما يمنعهم عن افتعال شجار كهذا"
-:"هل تعنين أني كاذبة؟"
نظرت لوالدة ريهام وردت بحزم: "لا بالطبع سيدتي.. لكني أعرف طلابي.. معظمهم معي منذ كانوا بالروضة وهم بمثابة أبناءٍ لي"
بدا عليها الغضب بينما تنظر لها وللأستاذة شكرية.. قبل أن تلتفت لريهام وتسألها: "أين الفتاة التي ضربتكِ؟"
أشارت ريهام لريم وهي ترد: "جميعهن ضربنني.. لكن هي من بدأت"
شعرت بالتوتر والتفتت لريم التي كانت على عكسها.. تقف بثقة وهدوء بينما تبتسم.. وقد استفز هذا والدة ريهام التي كانت تنظر لعينيها مباشرةً دون خوف فالتفتت للمدير وهي تقول بحدة: "تلك الفتاة يجب أن تفصل!"
-:"أنا فقط من يحدد هذا سيدة ألماس!"
رد المدير بحزم فنهضت تقول بحدة: "أنت لن تعاقبها حتى لأنها قريبة تلك الأستاذة!"
قالتها وهي تشير للأستاذة شكرية ثم أكملت: "لهذا تلك الفتاة تتصرف كما يحلو لها.. كيف لتلك المتشردة عديمة الأدب أن..."
-:"أستاذ علي"
اعترضت والدة ريم حديثها.. ودون أن تلتفت أو تتخلى عن ابتسامتها اللطيفة أكملت: "أنا أحترمك وأحترم أستاذة ريم وجميع الجالسين.. أعلم أنها أخطأت وأتقبل أن يتم عقابها من قبلكم لأنه الأمر الصحيح.. لكن إن استمرت والدة ريهام بوصف ابنتي بتلك الصفات.. سأضطر للرد ولن يعجبها ردي.."
نهض المدير بعدها وانحنى على المكتب يقول: "سيدة ألماس.. من فضلك اجلسي ولا تبادري بالإهانة مجدداً.. نحن لسنا هنا للتشاجر.. كما أني لا أسمح لكِ أبدا بوصف ريم أو الأستاذة شكرية بما قلته.."
جلست بالفعل بتأفف بينما استقام هو وأكمل: "كما قالت الأستاذة جنات.. هؤلاء الأولاد أبنائنا وهم ارتكبوا خطئاً البارحة.. وأنتم هنا لأناقش معكم ذلك الخطأ وأسبابه"
التفت للأستاذة جنات التي نظرت لوالد إسلام قائلة: "سيادة العقيد.. هل حكت لك ابنتك ما حدث؟"
تنحنح ورد: "لقد فضلت أن أستمع من حضرتك ومن الأستاذة شكرية"
:"ألم تشعر بالغرابة من الموقف؟"
التفت للأستاذة شكرية التي أكملت: "إسلام فتاة مهذبة وهادئة.. عدا عن كونها متفوقة دراسياً.. يستحيل أن تفتعل شجاراً أو تشارك حتى.. ألم يثر هذا استغرابك؟"
التفت ينظر لإسلام التي أطرقت ثم تنهد يرد: "بالطبع استغربت.. أنا أعرف ابنتي أفضل من أي شخص.. وهذا تصرف لا يشبهها على الإطلاق.."
أومأت الأستاذة قبل أن تتقدم منهم وتقول: "كما تعلمون جميعاً أنا تربطني قرابة بريم ومؤمن هذا ليس شيئا غريباً عنكم.. قد تكون ريم مشاغبة قليلا.. لكنها لا تضايق أي أحد ولا تفتعل أي شجارات.. وهي محبوبة من كل زملائها.. كما أن مؤمن هو نابغة الصف بل المدرسة كلها.. دائمًا من الأوائل على المحافظة.. وهو هادئ ولا يفتعل أي شجار"
التفتت لوالدة ريهام التي كانت على وشك الاعتراض.. لكنها ألجمتها بقولها: "يمكنكِ التحقق من الأمر سيدة ألماس"
ثم التفتت تكمل متجاهلة إياها: "أبنائكم هم أبنائي.. لذا اسمحوا لي بشرح ما حدث.. دون أي انفعالات"
نظرت لوالد إسلام وقالت: "ابنتك كانت تتعرض لمضايقات من إحدى زميلاتها"
ثم نظرت لوالدة ساندي وأكملت: "وابنتك أيضًا.. وأنا آسفة لأني لم ألحظ هذا قبلا"
ابتلعت لعابها ما أن التفتت لها والدتها بنظراتها المذهولة.. ثم التفتت للأستاذة شكرية تسأل: "عفوًا هل يمكنك أن توضحي"
نظرت لها الأستاذة ثم لإسلام وهي تقول: "أفضل السماع منهما"
كانت متوترة.. يستحيل أن تحكي أيا مما حدث أمام والدتها..
: "إسلام.."
التفتت لإسلام بعد نداء والدها الهادئ فوجدتها تأخذ نفساً عميقاً ثم ردت: "أبي.. عندما انكسرت نظارتي لم يكن السبب أنها سقطت بل ريهام وصديقتها هما من كسرتاها.. وآلتي الرقمية لم تضيع بل أخذتها مني ريهام وحطمتها.. لأني رفضت تغشيشها أثناء اختبار الرياضيات.. كما أنها..."
لم تتمالك نفسها وبدأت بالبكاء فورًا.. وعندها قالت والدة ريهام: "كل هذا كذب.. يستحيل أن تفعل ابنتي هذا!"
-:"لا تصفي ابنتي بالكاذبة!"
كان والد إسلام غاضب جدًا بينما يكمل: "إسلام يستحيل أن تكذب.. كما أن كل ما تحكيه قد حدث بالفعل"
-:"أنا لن أصدق هذا عن ابنتي تلك..."
التفت والد إسلام للمدير وقال: "أنا أفضل الحديث مع والد الفتاة.. ما حدث لابنتي أنا لن أمرره و..."
-:"سيادة العقيد"
التفت للأستاذة شكرية التي أكملت: "من فضلك اهدأ ولا تقلق بشأن حق ابنتك"
تراجع بالفعل ناظرًا لابنته.. بينما والدة ريهام نهضت تقول: "هذا سخيف جدًا.. نحن نضيع الوقت بأشياء لا صلة لها بما حدث.. هناك من ضرب ابنتي ويجب أن يتم عقابه"
التفتت الأستاذة شكرية لها فأكملت: "لن أستمع لأي شيء منكِ.. أنت تحاولين حماية ابنة أختك وحسب"
-:"هذا ليس صحيحًا"
قالتها ساندي دون أن تعي وعندها التفتت والدتها لها.. ففكرت بالتراجع لكنها أغمضت عينيها.. وأخذت نفسا عميقاً كما رأت إسلام تفعل ثم أكملت سريعًا: "ابنتك فتاة سيئة.. لقد وصفتني بسوداء القلب والبشرة.. وصفت شعري أنه أشبه بالمكانس.. وتجمعت مع بعض الفتيات وضربوني بحمام المدرسة.. ولولا تدخل ريم كانوا سيستمرون بضربي.. وقد شهدت بالفعل على مضايقاتها لأي فتاة لا تعجبها عندما كنت أسير معها هي وصديقاتها.."
التفتت تشير لريهام التي بدا وجهها شاحبًا والخوف يرتسم على ملامحها وعندها تشجعت لتكمل: "وقد كانت هي من افتعل شجار البارحة.. لقد ألقت أغراضي على الأرض وطلبت مني الركوع لإحضارها.. وعندما نهضت ريم لتساعدني بحملها قامت بتمزيق أحد كتبي.."
توقفت وهي تنهج ولم تحاول الالتفات لوالدتها بل نظرت لوالدة ريهام وهي تكمل بحدة: "فماذا كنتِ تنتظرين منا أن نفعل.. نقف ونتركها تتنمر علينا.. كنت تنتظرين مني أن أتركها تضربني؟.. حتى إسلام البارحة لم تتقصد الدخول بالشجار.. لقد كانت بعيدة عنه كلياً.. لكن ابنتك وصفتها بذات الأربع عيون كالعادة واستفزتها لترد.. لمجرد أنها أسقطت بعض العصير عليها دون قصد"
-:"هذا ليس صحيحا!"
هتفت بها والدة ريهام وعندها هتفت إسلام: "بل هي الحقيقة.. أبي أقسم بحياة جدتي أن هذا ما حدث"
لم تكن تلتفت لأيٍ من هذا.. بل فقط وقتها كانت تنظر لوالدتها التي كانت تنظر لها بحزنِ وأسى.. وعندها امتلأت عيناها بالدموع وأطرقت لتكبحها..
-:"أنتم تحاولون التستر على عديمة ال..."
-:"إن أتممتِ جملتكِ ستندمين يا هذه!"
قالتها والدة ريم وهي تلتفت لها وتكمل بتحذير: "ابنتي متهورة قليلا.. لكنها مهذبة ومحترمة.. وأنا لن أسمح لكِ بقول أي كلمة بحقها أسمعتِ؟!"
-:"ريم"
التفتت ريم للمدير الذي أكمل: "هل ما قالته ساندي صحيح؟"
التفتت لساندي التي أومأت لها قبل أن ترد: "ما حكته ساندي صحيح وقد شهدت عليه"
-:"وهذا خطأكِ الأول ريم.. كان عليكِ إخبارنا فورًا"
: "ليس خطأها"
قالتها ساندي ثم أكملت: "لقد طلبت مني إخبار الأستاذة شكرية لكني رفضت.. وطلبت منها أن تعدني ألا تخبر أي شخص.."
-:"وهذا خطأك ساندي"
عادت الأستاذة جنات لتقولها.. ثم التفتت لوالدة ريهام تقول: "لكن هذا لا يبرر ضربهم لابنتك بالتأكيد.. وعلى ثلاثتهم الاعتذار منها"
-:"هذا لن يحدث!"
التفتت لوالدتها التي أكملت بصرامة: "ابنتي لن تعتذر من تلك الفتاة"
-:"ولا ابنتي"
قالها والد إسلام.. وعندها تدخل المدير يقول: "عليهن الاعتذار.. لأن هذا التصرف لا يجب أن يصدر من ثلاثة فتيات مثلهن"
التفت لهم المدير وأكمل: "ثلاثتهن فتيات مهذبات ومجتهدات.. ولا أرضى أن أرى ثلاثة من فتياتي النجيبات بموقف كهذا مرة أخرى"
أومأت كما أومأت رفيقتيها وقلن باللحظة ذاتها: " نحن آسفات حضرة المدير"
ثم أكملت ريم: "كان علي إخباركم لأن هذا هو التصرف الصحيح.. وكان علي ضبط أعصابي البارحة.. أنا أعتذر.."
ثم عقدت ذراعيها ونظرت لوالدتها.. لتكمل بسرعة بعد أخذ نفسٍ عميق: "لكني لن أعتذر لريهام أمي.. هي كانت البادئة لذا عليها المبادرة بالاعتذار.. وعندها يمكنني الاعتذار لها"
-:"يا لكِ من..."
قالتها والدة ريهام فنهضت والدة ريم تقف بوجهها وهي ترد: "ابنتي لم تخطئ.. وهي لن تعتذر لابنتكِ إلا عندما تبادر بالاعتذار"
-:"ولم تعتذر أساسا؟"
نهضت والدة ساندي التي نظرت للجميع وهي تكمل: "أعني لقد اعتذرت عن تهورها.. واعتذرت عن إخفائها واقعة تنمر.. ونحن موقنين بحسن نيتها.. برأيي أنها فتاة شجاعة يجب أن يتم مكافأتها.. لقد دفعت أذى عديمة الأدب تلك عن ابنتي وهو شيء يستحق الإشادة"
-:"أنا أيضا لن أعتذر"
التفتت لإسلام التي أكملت: "لقد اعتذرت لأبي بالفعل.. واعتذرت من أستاذتي.. لكن ريهام تنمرت علي وأفقدتني أشيائي الثمينة.. هي من عليها الاعتذار مني لا أنا"
-:"أنا لا أصدق حديثك من الأساس أيتها الفتاة!"
ضاقت عينا إسلام وفتحت فمها لترد على والدة ريهام.. لكن والدها اعترض قائلا: "لقد أخبرتكِ من قبل.. لا تصفي ابنتي بالكاذبة.. كما أنها محقة بحديثها"
التفت بعدها للمدير مكملا: "أنا موقن أنك وإدارتك لن تمرروا ما حدث.. ولهذا سأصمت وأنصت"
أومأ المدير وقال: "من فضلكم عودوا للجلوس"
عاد الجميع للجلوس بالفعل فأكمل: "الصف بأكمله سيعاقب لأن من لم يشارك في الشجار صمت عن وقائع التنمر التي كان يعرفها الجميع وأنا والأستاذة جنات والأستاذة شكرية توصلنا لطريقة للعقاب بالفعل"
ثم التفت لريم وأردف: "ريم ستعدني أن تتحكم بغضبها من الآن وصاعدًا.. كما ستعدني كل من ساندي وإسلام إخباري بأي مضايقات مستقبلية.. أنا أو أستاذة شكرية وأستاذة جنات"
-:"أعدك"
رد ثلاثتهن بالصوت ذاته فالتفت المدير لريهام وتنهد مكملا: "أما ريهام"
حول نظراته لوالدتها وأردف: "فأنا أتفق مع سيادة العقيد.. وأفضل الحديث مع والدها إن كنتِ لا تتقبلين حديثنا سيدتي"
تنفست بعمق والتفتت لريهام تنظر لها بلوم ثم لاذت بالصمت.. وعندها نظر المدير لصف الصبيان وهو يقول: "والآن لنتحدث عن شجار الصبيان"
تحرك ووقف مقابلاً لهم وسأل بهدوء: "ماذا حدث؟"
-:"لقد كان هو من بدأ الشجار معي"
قالها حازم وهو يشير لمؤمن الذي رد: "كنت أنا بالفعل من ضربه أولاً"
التفتت عندها نادية تنظر لوالد حازم وهي تقول: "أنا حقًا آسفة لتصرفه الطائش.. أعدكم أن يتم عقابه على هذا"
ابتسم والد حازم وكاد يرد لكن ريم قاطعتهم: "عفوًا حضرة المدير هل لي بقول شيء؟"
التفت لها وأومأ وعندها قالت: "مؤمن ضربه لأنه أهانني وكان على وشك ضربي"
-:"هل تضرب الفتيات يا ولد؟!"
قالها والد حازم بينما ينهض بحدة وعندها أكملت إسلام: "أجل عمي شوكت.. لقد تدخل بشجارنا وكان على وشك ضربنا لأننا دافعنا عن أنفسنا"
كان والد حازم صديقا لوالد إسلام.. كلاهما ضابطان بالجيش.. لذا فقد كان محرجًا فساهم هذا بتزايد غضبه لكن المدير قال: "من فضلك اجلس لأستمع لباقي القصة"
التفت لهما بعدها وسأل مؤمن: "إذاً لهذا ضربته مؤمن؟"
تنهد وهو يومئ ثم رد: "لا ذنب لأكمل وهيثم.. لقد كانا يحاولان الفصل بيننا"
التفت لهم المدير فنظرا لبعضهما قبل أن يرد هيثم: "حسنا بالبداية كنا نحاول الفصل بينهما.. لكن بصراحة حازم بالغ بالأمر.. لذا يمكنك القول حضرة المدير أننا فقدنا أعصابنا ولقناه درسا.. وهذا كان بعد لكمه هو وأصدقائه وقد كنا على وشك س..."
توقف ما أن ضرب أكمل ساقه.. وعندها لاحظ أنه تحدث كثيرًا.. وأن والده يبدو غاضباً وينظر له بتحذير فأكمل سريعاً: "ونحن بالطبع آسفين.. ولن نكررها مجددًا.. أليس كذلك أكمل؟"
أومأ أكمل ورد: "طبعا طبعا.. أليس كذلك مؤمن؟"
فتح مؤمن فمه ناظرًا للجميع ثم رد: "أنا آسف لكن لا أعد بهذا"
شهق الجميع من حوله فرفع النظارة على عينيه وأكمل بثقة: "أنا لا أحتك بأي أحد ولا أفتعل أي شجار.. لذا إن أهانني أي أحد لن أطلب من شخصٍ الرد عني.. فأنا أملك يدين ولسان ولم أعتد أن يحل أي شخصٍ مشاكلي"
-:"أسمعت أبي؟"
قالها حازم ثم التفت لمؤمن مكملا: "إنه هو السبب بافتعال الشجار لا أنا!"
لم يرد مؤمن وبقي واقفاً بثبات فاقترب حازم وسأله: "لِم لا ترد؟"
-:"لأن كلامك لا يعنيني.. أنت تتحدث كثيرًا دون داعي"
تميز حازم غضبًا ورد: "على الأقل اعتذر أيها المتعجرف!"
التفت له مؤمن وقال بهدوء: "أنت سببتني وأهنتني وقد رددت تلك الإهانة.. كما أنك حاولت التعدي على ابنة خالتي أمامي.. هل تتوقع أن أسكت عن هذا؟.. لن أعتذر لك.. أنت بحاجة للتهذيب"
التفت حازم للمدير الذي بدا هادئاً فزاد هذا من غضبه قبل أن يرد: "أنت ضربتني لأني أهنت فتاتك وحسب!"
-:"وسأضربك مجددا إن كررت تلك الكلمة"
قالها مؤمن وهو يقترب منه ثم أكمل: "وتلك الجملة تخبرها لنفسك لا أنا يا هذا.."
-:"هذا يكفي"
التفت للمدير الذي أكمل: "ليعد كل منكما لمكانه"
عادا بالفعل لمكانهما بينما تنهد المدير وقال: "لا أريد أن يتكرر هذا منكم.. تلك التصرفات لا تليق بأيٍ منكم"
ثم نظر لمؤمن وأكمل: "وبك أنت بالتحديد مؤمن"
فتح فمه ليرد.. لكن وقعت عيناه على ريم التي كانت تنظر له برجاء فتنهد ورد: "حاضر"
بقي ينظر له فأكمل: "وأنا آسف لن تتكرر"
أومأ له ورد: "جيد"
ثم التفت عائداً للمكتب بينما يكمل: "لكن لازلتم ستعاقبون جميعا"
نظر لأولياء أمورهم وقال: "وأتمنى أن يكون الهدف من الجلسة قد وصل لحضراتكم"
أومأوا له جميعاً فالتفت ينظر لهم وأكمل: "الآن اذهبوا لصفوفكم"
****
تحركت تدخل الصف فوجدت سوزان تقف مع سلمى ورباب وقد كن يتحدثن بشيءٍ ما.. توقفن ما أن رأوها وعندها شعرت بالغضب.. فأياً منهن لم تحاول السؤال عنها أو مساعدتها بما حدث البارحة.
: "مرحبا"
التفتت لإسلام وردت: "مرحباً سولي"
ابتسمت لها وقالت: "أنتِ الوحيدة التي تناديني بهذا اللقب في المدرسة"
دخلت ساندي بعدها ووقفت أمامهما تقول: "أنا حقا آسفة لقد ورطتكما معي و..."
-:"لا تقولي هذا"
قالتها ريم بينما تكمل: "لقد فعلت هذا برغبتي لا دخل لك"
-:"وأنا أيضا"
قالتها إسلام ثم أكملت بابتسامة: "في الحقيقة أنا سعيدة بتلقين تلك المزعجة درساً"
ضحكتا بخفة قبل أن تقول ساندي: "أود أن أدعوكما لشرب العصير بالفسحة.. إذا لم نعاقب بعدم نزولها بالطبع"
ابتسمتا لها وكادتا أن تردا.. لكن تعالي صوت جرس بداية الحصص دفعهم للحركة ليجلسوا.. لكن ريم توقفت واتخذت قراراً.. ثم التفتت لساندي وإسلام قائلة: "لم لا نجلس معًا؟"
ابتسمت إسلام وردت: "طبعًا"
وبدا على ساندي التردد لكن سرعان ما ابتسمت وقالت: "لِم لا.."
ثم تحركت ثلاثتهن للجلوس بمقعد إسلام يتبادلن الحديث الذي بدأته إسلام بقولها: "أتمنى بعد تلك الجلسة ألا أُمنع من المبيت عند جدتي على الأقل.. ماذا عن عقابكما؟"
مطت ريم شفتيها وردت: "أمي قللت ساعات تصفح الإنترنت ومشاهدة التلفاز.."
-:"مُنِعت من لعب الكرة لشهر.."
التفتت كلاً من ريم وإسلام لساندي التي كانت تخرج كتبها وعندما لاحظت نظرهما لها التفتت تسألهما: "ماذا؟"
-:"أنتِ تلعبين الكرة؟.. حقاً؟!"
شعرت ببعض الحرج بداخلها لكنها ردت بصراحة: "ألعب الكرة الطائرة في النادي"
ابتسمتا بذات اللحظة قبل أن تهمس إسلام: "هذا رائع.."
ثم قالت ريم: "أتمنى تعلمها حقاً.."
كانت مذهولة من ردة فعلهما لكن ذلك الحرج بداخلها اختفى واحتلت السعادة قلبها مع شعورٍ آخر بالخجل فالتفتت تكمل إخراج أغراضها وهي ترد: "لدي مباراة بنهاية الأسبوع.."
التفتت تنظر لهما ومع رؤية تلك النظرة على وجههما سألت: "هل تريدان أن تحضرا؟"
-:"بالتأكيد.."
****
-:"ما كان عليكِ الاعتذار عنه بتلك السرعة!"
التفتت نادية لها بينما تكمل: "الفتى لم يخطئ.. أم أنك كنت تريدينه ألا يدافع عن ابنتي؟"
قالت جملتها الأخيرة بلوم فأصابتها بالحرج.. لكن سرعان ما ردت بصراحة: "أردت الانتهاء سريعًا.. كما أني تمنيت أن تسكته جملتي.. فأنا أعرفه متعجرف ولا يصمت"
كادت سامية أن تلومها لكن نداء أوقفهما..
-:"من فضلك.."
التفتتا تنظران للسيدة التي اقتربت وابتسمت بلطف تقول: "أعتذر عن تعطيلكما"
ردت سامية: "لا داعي للاعتذار لسنا على عجلة"
اتسعت ابتسامتها فأكملت تسألها: "أنتِ والدة تلك الفتاة المنمقة أليس كذلك؟"
أومأت وردت: "أجل ساندي هي ابنتي وأنا أردت أن أشكركِ سيدتي.. ابنتكِ دافعت عن ابنتي.. أنا مدينة لكِ"
ابتسمت سامية وربتت على كتفها وهي تقول: "لا داعي للشكر.. ابنتي فعلت ما عليها فعله"
أومأت لها ثم فتحت حقيبتها وكتبت رقماً بورقة ثم قدمتها لها وهي ترد: "أتمنى أن نكون على اتصال"
أخذت سامية منها الرقم بينما تكمل: "سيسعدني أن نلتقي أيضًا"
:"بالتأكيد.."
قالتها سامية ثم أكملت: "ستحبين كعكات ريم المحلاة"
ضحكت بخفة وردت: "سأحب تذوقها أنا وساندي.."
****
بعد اليوم الدراسي
-:"لقد فضلت الجلوس مع إسلام وساندي اليوم"
قالتها بينما تغسل الصحون ثم التفتت لوالدتها وأكملت: "أنا غاضبة من سوزان وسلمى ورباب"
-:"هل حاولن الحديث معكِ"
عادت للنظر للصحون وهي ترد: "لا"
قالت والدتها بهدوء بينما تقلب بالقدر: "إذاً لا تحاولي الحديث معهن"
التفتت لها فوجدتها تنظر لها وهي تكمل: "ساندي فتاة طيبة وإسلام مهذبة ولطيفة.. هما تناسبانك أكثر من سوزان.. سأكون مطمئنة إن رافقتهن"
مطت شفتيها وقالت: "كان هذا رأي مؤمن.. فقد تحدثنا بالأمر أثناء عودتنا للمنزل.."
:"المتوقع!.."
قالتها ثم شعرت بها تشد أذنها بقوة فتأوهت والتفتت لها وهي تقول: "أمي!"
نظرت لها بجدية وردت: "لا تكرريها يا ريم"
كادت أن ترد لكن سرعان ما أفلتتها.. وجعلتها تلتفت لها وهي تكمل: "بل كرريها.. إن كانت كعديمة الأدب تلك كرريها.. إن رأيتِ شخصاً بحاجة للمساعدة لا تتواني بتكريرها.. وتأكدي أني سأساندكِ دائما.."
ابتسمت لها ثم اندفعت تحتضنها وهي تهمس: "أنا أحبكِ أمي"
احتضنتها هي الأخرى بينما ترد: "وأنا أحبك وفخورة بك ريم"
رفعت عينيها لها فابتسمت ثم أفلتتها وأكملت: "والآن أكملي غسل الصحون لتلحقي بمؤمن.. يجب أن تدرسي"
*****
صعدت الدرج إلى السطح بعد أن عرفت من خالتها أنه فضل الاستذكار بالأعلى.. كانت تحمد الله أن خالتها لم تخبر والده.. صحيح أن الفضل بهذا لوالدتها وخالتها شكرية.. لكن على الأقل استمعت لهن.. كان يجلس على المنضدة التي صنعاها معاً ليذاكرا عليها هنا.. لكنه لم يكن يذاكر كان يستمع لأغنية ما على المسجل.. وقد عرفتها فوراً فاقتربت تقول: "أتساءل لم تعيد تلك الأغنية باستمرار"
لم يلتفت لها فقط تنهد ورد: "لأنها تعنيني بشكلٍ كبير يا سبونج بوب"
انعقد حاجبيها وهي تمعن الاستماع للأغنية:
"يا قلبي يانا من حبه يانا يا شوق أمانة تملى الليالي غرام..
آهين يا عمري يا كل عمري سلمته أمري وعينيه قالتلي كلام..
والله ما كان على بالي يا هوا.. والله ما كان على بالي يا هوا"
جلست أمامه وارتفع حاجبيها وهي تستمع لكلمات الأغنية.. ثم نظرت له بشك وهي ترد: "هل تحب دون علمي سيد شفيق؟"
ابتسم بسخرية وهو ينظر للبعيد قائلا: "يا لكِ من ساذجة!"
نظرت له بينما تستمع لباقي الكلمات:
"طال انشغالي وياك يا غالي وأنا ايه جرالي خلاني أدوب في هواك..
اشمعنا أنت حبيتك أنت ازاي وامتا شغلت روحي معاك"
ثم ردت باستغراب: "إنها لا تشبهك مطلقا"
التفت لها ثم قرب كفه من جبهتها فصدمت لثوانٍ قبل أن يضربها بأحد أظافره.. وعندها تأوهت من الصدمة ثم رفعت كفها تتحسس مكان ضربته وهي تقول: "ماذا؟"
-:"إنه عقابك على سذاجتك"
قالها ثم فتح أحد الكتب بهدوء.. وعندها سقط كتفيها وهي تقول بأسف: "أنا ورطتك.. آسفة مؤمن"
ابتسم ورد: "أنا فخور بك"
رفع عينيه لها وابتسم يكمل: "أنتِ شجاعة وجميلة يا سبونج بوب"
شعرت بالحرج وبقيت كلمته الأخيرة تتردد ببالها بلا توقف ودون سبب.. فأسرعت تتدارك حرجها وقالت: "لِم لم تعتذر هناك وحسب"
-:"لم أخطئ لأعتذر"
قالها بطريقته المعتادة قبل أن يكمل: "لقد استحق ذلك الوغد كل لكمة تلقاها"
نظرت له قليلا ثم ابتسمت فسألها: "ما الأمر؟"
اتكأت على الطاولة وهي تتذكر عندما نهضت عن ريهام بعد ضربها وإلقائها أرضاً عندما التفتت نحوه ووجدته يكيل اللكمات لحازم ذاك.. كانت على وشك الهتاف له بتشجيع لكن إحدى صديقات ريهام سحبتها من شعرها لتعيدها للشجار مجدداً ولم تفق بعدها إلا مع هتاف خالتها بهم أن يتوقفوا وبالطبع امتثلوا فوراً.. عادت تنظر له وردت: "أنت فاجأتني.. لم أتخيلك من ذاك النوع أيها الواهن"
ابتسم ورد: "لأنك يا سبونج بوب كالعادة لا ترين سوى بعينيك"
ارتفع حاجبيها ونظرت له باستغراب فعاد للكتاب قائلاً: "لندرس فأنتِ لا فائدة منك على أي حال"
فتحت هي الأخرى كتاب الفيزياء عندما يأست من فهم أي شيء ثم تنهدت ترد: "خالتي ستقتلني بالتأكيد.. لذا علي الدفاع عن نفسي بالاجتهاد بالدراسة"
أغلق المسجل وهو يقول: "بالضبط.. والآن افتحي درس الفلزات واللا فلزات"
****
تحركت نحو مكتب والديها وترددت قليلاً لكنها رفعت يدها لتطرق الباب بذات اللحظة التي فُتِحَ بها وخرجت والدتها.. ما أن رأتها ابتسمت وقالت: "كنت قادمة لأتفقدكِ عزيزتي.."
-:"ساندي"
كان هذا صوت والدها يناديها فدفعتها والدتها لتدخل وما أن رأته يجلس خلف مكتبه قالت: "مرحباً أبي"
أومأ لها بهدوء ثم سألها: "هل ضايقكِ أي أحد اليوم؟"
هزت رأسها بنفي فسألت والدتها: "ماذا عن تلك الفتاة؟.. هل حاولت الاقتراب منك؟"
التفتت لوالدتها وردت: "لم تحضر اليوم.. يبدو أنها مُنِعَت من الحضور"
نظرت والدتها لوالدها وقالت: "لقد وعدتني الأستاذة شكرية أنها ستحرص على تقويمها وإبعادها عن صفهم لفترة.."
-:"هذا جيد"
قالها والدها بينما يدفع مقعده المتحرك من خلف المكتب ويقترب منها ثم توقف على مسافةٍ منها وهو يقول: "إن تكرر أياً مما سمعته والدتكِ اليوم عليكِ إخبارنا فوراً"
أومأت بصمت ثم ضمت كفيها معاً قبل أن ترد: "أنا حقاً آسفة لقد تسببت بمشاكل كما عطلت والدتي عن العمل اليوم.."
-:"لا بأس.. المهم ألا يتكرر هذا مجدداً"
قالها والدها فابتسمت بصعوبة ثم التفتت لتغادر وعندها اصطدمت بشقيقتها الصغرى التي ضاقت عينيها تنظر لها بتحذيرٍ وتحدي فقررت تجاهلها وعندها ركضت نحو والدها وبالتأكيد لم تتمكن من منعها: "أبي ساندي تود طلب شيءٍ ما.."
ابتسم والدها يرد: "حقاً"
تحركت والدتها لتنظر لها بقلق فأسرعت بالقول: "ليس شيئاً سيئاً أمي لا تخافي.."
التفتت لوالدها وأكملت: "كما تعلمون كانت لدي مباراة بنهاية الأسبوع.. و.. أنا..."
-:"صديقاتها يودون رؤيتها.."
قالتها شقيقتها ثم التفتت لوالدتها التي سألت: "صديقات؟!"
ابتسمت وردت: "تعني زميلاتي.. ريم وإسلام.. لقد حكيت لهما عن لعبي كرة الطائرة وأرادوا رؤيتي.."
ابتسمت والدتها ثم التفتت لوالدها تقول: "ريم وإسلام التي حكيت لك عنهما يا عزيزي.."
-:"لا بأس"
التفتت لوالدها الذي أكمل: "يمكننا استئناف عقابك بعد المباراة.."
ابتسمت وردت: "شكراً أبي"
ثم التفتت لتغادر..
-:"ساندي.."
عادت تنظر لوالدها الذي أكمل بهدوء: "ما فعلته بشعرك هل كان السبب به ما قالته تلك الفتاة؟"
ارتبكت لثانية لكن سرعان ما ردت: "لقد أخبرتكم أني فعلتها لأني لا أجيد تسريحه.."
لم يبدو عليه التصديق لكنها بذلت كل جهدها بالثبات قبل أن تتدخل والدتها وتربت على شعرها بينما تبتسم قائلةً: "لا بأس.. سآخذها للصالون وأشتري لها مجموعة لإطالة الشعر وسيعود كما كان.."
التفتت لوالدتها وابتسمت وهي تهمس: "شكراً أمي.."
ثم نظرت لوالدها وأكملت بهدوء: "وأنا حقاً آسفة أبي.. لن تتكرر أعدك.."
أومأ لها فالتفتت لتغادر تتبعها شقيقتها التي أسرعت تقف على مسافة منها.. ومع ارتياحها لكون الموقف قد مر التفتت تنظر لها بشر وهي تهمس بغضب: "مالي.."
تخصرت العفريتة الصغيرة بينما ترد: "مالي؟!.. ما بها مالي؟.. يجب أن تشكري مالي.. لولا مالي ما كنتِ لتذهبي للمباراة.. يجب أن تشكري مالي وتشتري لها قطعة شيكولاتة كبيرة.."
ضاقت عينا ساندي ثم قالت بخفوت: "معكِ حق.. لكن يجب أن تُلَقَن مالي درساً أيضاً"
ثم تحركت تركض خلفها لغرفتها..
******
-:"لا أريد أن يتكرر هذا.."
كان يقف أمامها بلا مبالاة واكتفى بالرد بهدوء: "لم أطلب منكِ أن تحضري.."
رفع عيناه لها وأكمل: "لم تكوني مضطرة للقدوم"
عقدت ذراعيها وسألته بسخرية: "ومن كان سيحضر معك؟.. شبح المرحومة والدتك!"
نظر لها بطريقة أخافتها.. كانت ذات النظرة التي يوجهها جده للجميع قبل أن يقترب منها ويرد: "لا تأتي على ذكر والدتي.."
حاولت ألا تبدي له توترها وقالت بصرامة: "وأنت توقف عن التصرف بغرور.. لقد ساعدتك اليوم وأنت بدلاً من شكري تخبرني أني لم أكن مضطرة للحضور.."
لم تتلقى منه رداً فاقتربت تكمل: "أنا بالفعل لم أكن مضطرة وقد حضرت فقط لأجل أختاي.. مع هذا كن ممتناً لأني أتيت.."
-:"لست كذلك.."
رد بها ببساطة قبل أن يبتسم ببرود مكملاً: "أنتِ حضرتِ لأسبابك الشخصية لا لأجلي.. وستنالين ثناءاً من جدي بالمال ما أن يصله ما حدث.. ذلك الثناء يغنيكِ عن شكري.."
ثم تحرك يتجاوزها وهو يردف: "أنتِ من عليه شكري لا أنا.."
وما أن دخل غرفته وقفت نادية تحدق بأثره بعدم تصديق.. لقد ألجمها بحديثه ولم تتمكن من الرد..
-:"ذلك المتعجرف.."
همستها قبل أن تتحرك ناحية غرفتها وهي تكمل: "ليت ذاك الفتى ضربك حتى تفقد ذاكرتك!"
*****
جلست على مكتبها تنظر للكتب دون رغبة بفتحها.. كانت غاضبة وتشعر بالحنق.. وبعض التوتر ربما.. لقد فقدت الساذجة.. تنهدت بينما تستقيم بجلستها وتنظر عبر النافذة.. تلك الحمقاء يبدو أنها غاضبة منها وبمعرفتها بها عبر السنوات الماضية سيكون من الصعب إرضائها أو خداعها مجدداً.. مطت شفتيها وهي تفكر أنها لو كانت نهضت وتشاجرت مع الصفيقة ريهام بجوارها ما كانت لتفقدها.. لكن هذا ما كان ليحدث.. مظهرها وصورتها أمام الجميع كان سيتضرر إن فعلت ما فعلته ريم وزميلتيها..
-:"حازم على حق لقد كانت تبدو كالمتشردين.."
همستها بينما تضع رأسها على المكتب ثم خبطت المكتب بعنف بساقها وهي تتذكر كيف تدخل مؤمن فوراً وافتعل شجاراً بسببها.. سيفكر حازم ألف مرة بعد ما تلقاه منه.. تلك الساذجة تحصل دائماً على ما تتمناه.. بقيت على جلستها وهي تتخيل ما ستخسره إن خسرت صداقة ريم.. ستخسر مؤمن ببساطة وهو ما لا تريده.. ابتسمت وهي تتذكر كيف ضرب ذاك الأحمق حازم.. كان من المفترض أن تتغير نظرتها به للأسوأ بسبب هذا.. لكن على العكس تماماً.. لقد أحبته أكثر وتمنت أن تسجل تلك اللحظة وتحتفظ بها.. تمنت أن يتشاجر ذات يوم لأجلها..
ولأجل تلك الأمنيات عليها مصالحة تلك الساذجة.. للأسف!..
*****
في اليوم التالي
-:"ريم"
كانت تتجه للصف بعد وقت الفسحة ولم تجد بداً من الالتفات لهن تقدمن منها وقالت سلمى: "كيف حالك؟"
ابتسمت وردت: "أنا بخير"
نظرن لبعضهن قبل أن تبتسم سوزان وتسأل: "لِم لم تجلسي معنا البارحة واليوم؟"
هزت رأسها وردت ببساطة: "ليس لسبب محدد.. لقد كنت مع الفتيات البارحة بمكتب المدير.. كما التقيت بهن اليوم قبل الطابور لذا جلست معهن"
ازداد التوتر من ثلاثتهن وشعرت هي بالأسى لهذا.. لكن ما كانت لتفصح بأي شيء.. ستكتفي بكلمات مقتضبة.. من يحبها فعلا ويهتم بها سيتفهم سر حزنها.. سيتفهم أنها في الأساس حزينة قبل أن يتسائل عن سبب حزنها..
وأياً من هذا لم تجده منهن.. لذا عليها الاكتفاء بزمالتهن بالصف وحسب..
-:"نحن أردنا التأكد من أنك بخير وحسب"
قالتها سلمى فردت: "صدقوني أنا بخير"
-:"ريم"
التفتت لساندي وإسلام الواقفتان على الدرج بانتظارها ثم عادت تنظر لهن وتقول: "أراكن بالصف"
تحركت سريعًا تصعد الدرج وما أن وصلت لجوارهن نظرت إسلام للفتيات الثلاث ثم لها وهي تقول: "إن أردت البقاء معهن سنسبقك للصف"
نظرت لهما ثم ابتسمت بينما تسحبهن نحو الصف وهي تقول: "أفضل البقاء مع ذوات سجل إجرامي  مثلي"
ضحكت إسلام وابتسمت ساندي وهما تتحركان معها.. وما أن وصلن لطابق صفهن سارت إسلام أمامهن وهي تقول: "أخي اشترى البارحة لحبيبته هاتفا رائعا"
-:"هاتف؟!"
-:"حبيبته؟!"
كادت ترد لتوضح.. لكنها اصطدمت بهيثم الذي تراجع فجأة عن السور وسقطا فوق بعضهما.. أسرعت ريم وساندي بمساعدتها على الوقوف.. بينما نهض هيثم ينفض ثيابه ثم نظر لها وسألها: "هل أنت بخير؟"
أومأت بصمت فأكمل: "إذاً لا تسيري بظهرك مجددًا"
ثم تحرك عائدا للأصدقائه بينما همست ساندي: "يا للصبية!"
التفتتا لإسلام وسألتها ريم: "هل أنت بخير حقا؟"
كانت تنظر بأثره قبل أن تومئ وتبتسم بينما ترد: "أجل بخير تماما لا تقلقن"
تحركن بعدها ليدخلن الصف.. وما أن رأين الأستاذة شكرية تجلس على المكتب الخاص بالأساتذة تحركن بسرعة واستقامة نحو مقاعدهن
-:"أليست هذه حصة تربية وطنية"
-:"يبدو أن العقاب قد حان"
-:"اللعنة على ريهام وفتياتها!"
كانت هذه الهمسات تدور من حولهن قبل أن يجلسوا جميعا.. وبعدها بلحظات دخلت الأستاذة جنات التي أغلقت الباب ووقفت أمام السبورة.. مع الأستاذة شكرية التي أمسكت بالطبشور وبدأت بكتابة شيء ما
-:"تعلمون طبعا أنكم ستعاقبون"
قالتها الأستاذة جنات لتبدأ التعليقات والأسئلة من كل جهة..
-:"وما شأننا نحن؟"
-:"أجل لِم علينا أن نعاقب معهم؟"
-:"لأنكم صمتم عما حدث.. وقد اشترك معظمكم بالشجار لاحقا.. كما أننا لن نناقش هذا الآن"
قالت الأستاذة جنات بحزم ودون أن تمنح أي أحد منهم فرصة للرد.. وما أن تأكدت من صمت الجميع ابتعدت عن السبورة.. باللحظة ذاتها التي أنهت بها الأستاذة شكرية جملتها
(مشروع جماعي)
-:"هذا هو عقابكم"
التفتوا للأستاذة شكرية التي تركت الطبشور وأكملت: "ستنقسمون لخمسة مجموعات.. كل مجموعة من سبعة أفراد.. وستعملون على مشروع لمعرض المدرسة الصيفي.. ويجب أن يكون مشروعا متكاملا.. لأنكم ببساطة لن تحصلوا على نصف درجات امتحان العملي من العام القادم.. إن لم يكن المشروع مقبولا"
كانت الأستاذة جنات قد وضعت أربع خطوط وبدأت بكتابة أفراد كل مجموعة.. وعندما أتى دور المجموعة الثالثة صدمت وشعرت بالسعادة بالوقت ذاته
- أكمل
- إسلام
- ريم
- ساندي
- فادي
- مؤمن
- هيثم
كانت تلك هي الأسماء بالترتيب الأبجدي..
-:"رائع نحن معاً"
قالتها إسلام فردت ساندي: "لا ليس رائعاً"
ثم رفعت يدها تقول: "أستاذة هل لي أن أقول شيئا؟"
التفتت لها خالتها وضمت كفيها معاً قبل أن ترد بهدوء: "بالطبع آنسة ساندي.. لكن إن كان تعليقك بشأن تغيير المجموعة أو أفرادها فوفريه.. لا شيء من القرارات سيتغير.."
مطت شفتيها ونفثت ما بصدرها بحنق ثم ارتاحت بظهرها وهي تعقد ذراعيها بغضب غير مصدقة أنها ستكون بمجموعة واحدة مع صبيان..
ومع انتهاء الأستاذة جنات من تقسيم المجموعات لاحظت غياب اسم ريهام.. كما لاحظت أنهم اعتبروا الصف خمسة وثلاثين طالباً وحسب ليس ستة وثلاثين كالعادة.. قررت تجاهل الأمر وصب تركيزها على ما سيقوله المعلمين فأمر ريهام لا يعنيها على أي حال..
-:"كل مجموعة منكم سيتم منحها مادة لمشروعها.. وتلك المادة عامة.. بمعنى أنكم لستم مقيضون بأي شيء.. سنترككم لخيالكم وأفكاركم.. لكن ممنوعٌ منعاً باتاً التبادل أو التغيير.."
بدا الكلام جيداً نوعاً ما لساندي لكن فجأة رفعت ريم ذراعها وسألت: "هل يمكن أن تكون المادة أدبية.."
ردت الأستاذة: "بالطبع.."
-:"لكن صفنا يتبع الشعبة العلمية"
كان هذا السؤال من سوزان فعادت الأستاذة ترد: "المشروع ليس مقيداً بمناهجكم.. كما أنكم لن ترسبوا إن لم تنفذوه.. ستفقدون بضع درجاتٍ وحسب.."
-:"لكنكم ستنفذوه.."
كانت تلك الأستاذة شكرية التي أكملت ناظرة للصف بتحذير: "هذا هو عقابكم وأنتم ستمتثلون له.."
حل الصمت بعدها ولم يتجرأ أي شخص على فتح فمه فعادت تمسك الطبشور وبدأت بكتابة المادة الخاصة بكل مجموعة.. وكان الترتيب كالتالي..
(كيمياء-أحياء-تاريخ-فيزياء-جيولوجيا)
وعندها ألقت ريم رأسها على المكتب وهي تهمس: "أنا أكره التاريخ!"
فتبعتها ساندي الهمس بملل: "وأنا أكره الصبيان!"
-:"هذا أفضل مما توقعت"
التفتتا لإسلام المبتسمة وقالتا بذات الوقت: "اخرسي سولي!"
**
التفتت هنا لهند التي كانت تنظر لمرآتها بكل ثانية تقريباً ثم ابتسمت بسخرية وهي تسألها: "لم كل هذا التأنق؟"
ردت بسخافة: "أنا أنيقة دائماً هنا!"
كادت أن ترد لكن خروج مساعدة المحامي أوقفها: "أستاذ عمر بانتظاركم.."
نهض ثلاثتهم ودخلوا ليجدوه واقفاً بجوار حوض السمك.. كان لا يرتدي سترته هذه المرة وقد شمر عن ساعديه بينما يطعم أسماكه الملونة مرت لحظات وعلى ما يبدو لم يكن يلحظ أياً منهم وقد أقشمت هنا أنها إن سمعت تنهيدة سخيفة أخرى من هند ستصدم رأسها بأقرب حائط.. من جهة تخرسها ومن جهة إخرى قد تموت وتنال هي المنزل وحدها..
تنحنح زوجها حاتم ليجبره على الالتفات قبل أن يتحرك قائلاً: "تفضلوا.."
جلسوا جميعاً أمام مكتبه وتنحنح حاتم مجدداً ثم فتح فمه ليتحدث لكنه عاجله بقوله: "أنا قرأت كل المعطيات التي قدمتوها.."
-:"وما النتيجة؟.. هل هناك أي طريقة؟.."
نظر لهنا وأومأ برأسه بينما يرتاح بمقعده قبل أن يقول: "لكنها طريقة مكلفة.."
-:"إذاً لا نريدها.."
كان الرد من هنا مجدداً فتدخلت هند تقول: "لنستمع أولاً ثم نقرر"
التفتت تنظر لعمر الذي لم يكن مكترثاً لها على الإطلاق فقد التفت لحاتم الذي بدا منصتاً باهتمام: "كما قلت حاتم.. هناك طريقة لكنها مكلفة.. مع هذا تكلفتها أقل بكثير مما ستجنونه من بيع ذاك المنزل.."
صمت قليلاً ثم أكمل: "لكن للعلم فقط سنلجأ لحيلٍ وأساليب ملتوية لنصل لهدفنا.."
-:"دعك من الحيل والسبل الملتوية.."
قالها حاتم ثم ابتسم بينما يكمل: "وحدثني عن التكلفة والسعر الذي تنوي بيع المنزل به.."
طرق الباب عندها ودخل الساعي حاملاً أكواب العصير..
-:"توقعت هذا الرد.."
التفتوا لعمر الذي أكمل: "ولهذا طلبت منهم تحضير المشروبات لأن حديثنا سيطول!"
*********
متنسوش اللايك والكومنت يا بنات
وكل سنة وانتوا طيبين ورمضان كريم ❤🌹

رسالة من فتاة مجنونة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن