رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الثامن عشر

125 13 0
                                    

~الرسالة السادسة~
لم اللحظات الجميلة بتلك الأعمار القصيرة؟!..
وبرغم قسوة رحيلها إلا أنها تترك ذكرى جميلة..
وبجانب تلك الذكرى قد تُكسبك أيضاً صديقاً أصيلاً..
***
~الرسالة السابعة~
بعيونك الراحة..
بصوتك الطمئنينة..
فلا تنبذيني ولا تقطعي الطريقَ..
وحتى إن فعلتِ فلا سبيلَ..
لابتعادي عنكِ ولا رحيلَ..
*****
هبطت إسلام درج بنايتها وتحركت للشارع الرئيسي.. تنوي استقلال سيارة أجرة لبيت ساندي.. فقد هربت من أسلم وكلماته اللاذعة.. بعد معرفته بسفرتها الجديدة للبحر الأحمر مع أصدقائها.. لذا قررت التطفل على ساندي وربما أخذها للسير بأي مكان فريم منشغلة اليوم ولديها درس إضافي للتمرين على احتفال جديد.. فكرت قليلا ثم نظرت للساعة ووجدت الوقت لازال باكراً وربما تكون ساندي نائمة مثلاً.. لذا قررت السير وحدها قليلا.. كانت تنظر للأرض وعقلها يؤلمها من فرط التفكير.. هي وأسلم لم يتوقفا عن الشجار منذ عودتها من سفرة أسوان.. حتى والدها خلال إجازته كان صامتاً وهادئاً ولم يحاول التدخل بشجاراتهم.. لم يقف مع أي منهما فقط جدتها هي التي حاولت مساعدتها.. حتى أنها هي من تركتها تخرج اليوم بعد شجار صباحي أصبح معتاداً.. مطت شفتيها وضربت إحدى الحصى أسفل قدميها بعنف وهي تهمس بحنق: "ستكون أجازة من الجحيم!"
همستها وهي تعنيها حرفياً.. فمعلمتها للجمباز سافرت بإجازة لزوجها.. ووالدها رفض أن تأخذ دروساً مؤقتة مع أحد معلمي النادي.. والأستاذة نغم لديها أكثر من حفلة.. بالإضافة لأجازتها التي ستبدأ بعد حفلة ريم.. مما يعني أنه لا دروس موسيقى كذلك.. وقريباً ستسلم مشروعها مع أصدقائها.. ومجدداً هذا يعني أنه لا يوجد لقاءات مع أصدقائها.. وعذرها الوحيد للخروج بعض الوقت والابتعاد عن أسلم سيختفي.. عادت لضرب حجرٍ آخر لكن بعنفٍ أكبر وهي تلعن بسخط...
: "تتحدثين مع نفسك.. يا لك من مجنونة!"
شهقت والتفتت لأحد مصادر انشغال عقلها خلال الفترة الماضية.. وفوراً عاد ببالها ما حدث خلال الرحلة...
&&
لم تعلم ما الذي أصابها عليها أن تدفعه الآن لكنها لا تقدر.. شيء ما يدفعها ألا تفعل.. ما كان عليها من البداية إقحام أنفها بما لا يعنيها.. فما الذي يغضبها برؤيته مع تلك الشقراء الغبية.. شعرت بالغضب يتزايد بداخلها وهتفت بداخلها: "من قال أن رؤيته مع تلك الشقراء الغبية لا يعنيها؟!"
تملكها الغيظ مع طرح ذلك السؤال ووجدت نفسها تندفع لتواجهه وهي ترد: "لن أواعدك أبداً!"
ابتسم بسخرية وكاد يرد.. لكنها سبقته بأن أكملت بخطورة: "وهذا لمصلحتك.. فإن واعدتك ورأيتك يوماً مع فتاة غيري سأقتلك!"
ارتفع حاجباه وشعرت أن الصدمة احتلته لثوانٍ.. قبل أن يقترب منها أكثر قائلا: "إحداهن تغار"
اقترب منها أكثر وشعرت أنها ستموت.. وهي لا تعلم كيف تتصرف أو بماذا يجب أن تفكر بينما تراه على وشك تقبيلها.. ومجدداً هتفت بداخلها: "لماذا أشعر بتلك السعادة الغريبة بحق الله؟!"
-:"هيثم.. إسلام.. أين أنتما؟"
ابتعد عنها فوراً مع سماعه ذلك النداء والذي كان بصوت فادي.. تمالكت نفسها وتحركت بين الأعمدة بسرعة تبحث عنه.. وما أن وصلت له قالت: "حمداً لله"
لقد أنقذها فادي ولولا أنها خافت من عاقبة فعلها كانت لتحتضنه.
-:"أين كنتما؟"
تجمدت مكانها ولم تعلم كيف من المفترض أن ترد.. لكن أتى الرد من هيثم خلفها: "كنا نبحث عنكم"
وقف خلفها مباشرة.. فحبست أنفاسها بينما تشعر بجسده قريباً جداً منها.. وحرارة غريبة تجتاحها مع رجفة على طول عمودها الفقري بينما تلفحها أنفاسه وهو يكمل: "لقد تهنا وكنا نبحث عنكم"
ركزت نظراتها على فادي الذي ابتسم لهما ورد: "لنعد لريم والمجموعة فهم بالتأكيد قلقون"
تحركت تسير بجوار فادي وهي تشعر بذنبٍ كبير.. ما كان عليها التهاون معه من البداية.. ومن قبلها لم يكن من اللائق أن تتدخل.. فلا دخل لها بحياته الشخصية ولا يحق لها التسبب بمتاعب لهيثم.. فردة فعل ذلك الرجل لم تكن متوقعة وقد كان من الممكن أن يتشاجر معه ويسبب له الأذى.
-:"أنتِ بخير؟"
وصلتها تلك الهمسة من فادي.. وشعرت بالخجل والخوف يتملكانها أكثر.. وبطرف عينيها لاحظت أن هيثم يسير بعيدا عنهما.. وقد بدا منشغلا بالنظر للأرض.. فتمالكت نفسها وهمست: "أنا بخير فادي"
ثم التفتت له وابتسمت وهي تكمل: "شكراً لك"
&&
-:"لم لا تردي؟.."
أفاقت على سؤاله ثم تلفتت حولها بخوف.. كانت قد ابتعدت عن البيت لكن هذا لا يمنع رؤيتها من أي شخص وعندها ستكون بورطة فوالدها وجدتها حددا لها الأماكن التي يمكن أن تلتقي بها أفراد مجموعتها من الصبيان وهذا يكون بشرط وجود صديقتيها ساندي وريم معها.. عادت تنظر له وهي تنتوي صرفه حتى لا يسبب لها المشاكل.. لكن عقلها توقف لثوانٍ قبل أن تسأله: "لم أنت هنا؟"
وضع يديه بجيبي سرواله وهو يطالعها بابتسامة خبيثة ويرد: "أتيت لرؤيتك"
شعرت بالتسلية التي تصدر عنه.. فقررت تجاهله والتفتت وهي ترد: "وها قد فعلت.. الآن أراك لاحقاً"
لكن ما كادت تتحرك خطوتين إلا ووجدته يسحبها من يدها وقبل أن تسأل دفعها للمقعد المجاور للسائق ثم أغلق الباب ما أن جلست.. وبعدها التف حول السيارة واندفع بها مغادرا.

رسالة من فتاة مجنونة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن