جحود

3.9K 433 78
                                    

" جميلة "

قد وصل غضبي فى هذه اللحظة إلى آخره وفعلت كالذي سكت دهراً ونطق كفراً ، فقلت له دون أن أفكر بعد ان فقدت السيطرة على صوتي تماماً ليخرج بأقصى قوة :

- أنا تافهة !! انا سكتلك كتير أوي يا هشام لحد منسيت نفسك .. أوعى تكون فاكر اني داخل عليا حوارات أنك بتبني نفسك بنفسك دا .. لا يا حبيبي أنا مش عبيطة .. أنا السبب فى كل اللي أنت وصلتله دا وأنا اللي عملتك وكل الفلوس اللى معاك من شغل مكتبي اللي بقيت بتاخد كل اللي يدخله .. انا اللي عملتك والحقيقة دي أنت عمرك مهتقدر تغيرها مهما عملت ، من غير مكتبى أنت ولا حاجة وكان زمانك شغال محامي تحت السلم عندكوا هناك في شبرا ولا نسيتها بعد ما عيشت في الزمالك وركبت عربيات .

لم يترك لي ثانية واحدة التقط فيها أنفاسي بعد كل هذا الإنفعال ، فقد صفعنى بقوة حتى تخيلت لوهلة بأن عظام وجهي تهشمت ، ثم أمسك ذراعي بعنف ونظر لي بنظرة لن أستطع نسيانها فقد رأيت بداخلهما شيطاناً وقال بصوت غاضب أجش :

- أنتي بتعايريني يا بنت الك..........

ثم صفعني مرة أخري بنفس القوة ، ولكني صرخت هذه المرة فقد كان الألم مضاعفاً ، ثم دفعني على السرير خلفي بكل غلّ وقال بصوت كالجحيم فى قسوته :

- أنتي طالق ..

قالها في قسوة وتركني في صدمتي وذهولي ، كنت لا أستطيع حتى أن أقوم من مكاني ، فكنت أشعر بإعياءً شديد وكلما فتحت عيني أرى جميع الشباء تهتز أمام نظري بصورة منتظمة ومرة أخرى أشعر بدوران الغرفة من حولي ..

ظللت هكذا حتى استطعت الإتزان قليلاً وقمت من مكاني ، كنت لا أستطيع استيعاب ما حدث هل صفعني بحق ، كانت أول مرة فى حياتي أُضرب بها أو أُهان إلى هذا الحد ، مازلت أشعر برجفة فى جسدي ، وألم رهيب برأسي جعلني أغفل عن حقيقة أبشع ، فقد طلقني هشام قبل أن يرحل ، هكذا بمنتهى البساطة ، كلمة واحدة أنهى بها حب ظل لسنوات ومشاعر كثيرة ومواقف أكثر ، وكأنه لم يحبني يوم .

خرجت من الغرفة أبحث عنه فى سذاجة ، فمازلت غير مصدقة وأعتقد أننى لو نزلت فى الأسفل سأجده يجلس هنا أو هناك ، سأتقبل ذلك حتى وإن كان جالساً بوجه عابس لا يوجه لي أي حديث ويتعامل معي بجفاء ، بالطبع سأتقبل ذلك ولكن أين هو ؟!

يا لغبائي !! هل سيظل هنا بعد ما حدث ، لقد طلقني وغادر منزلي ولن يعود ألى أن يحدث الله بعد ذلك أمراً ، جلست على الدرج وأنا أشعر بالضياع أريد أن أبكي ولكني عيوني كانت جافة وتأبى دموعي أن تنزل لتريحني قليلاً ، نظرت حولي لم أجد أي أحد كنا قبل الفجر بقليل وكانت الإضاءة خافتة ، فكدت أن أختنق من الظلمة والوحدة ، نهضت كالمجاذيب أتجه لكل مفاتيح الإنارة وقمت بتشغيلها جميعاً حتى تبدد هذه الظلمة الخانقة ، ولكنها لم تستطع تبديد الظلمة التي كانت بداخلي وتخنق روحى .

جنّة إبليس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن