جنّة إبليس

خيانة

" هادي "

" فعلى الرغم من كون المحامي يدا تسعى لمساندة القضاء على تحقيق العدالة في الأرض ، ألا أنه إذا كان يدا فاسدة ، سيصبح حينها صخرة صماء تتحطم عليها منظومة العدالة بأكملها "

كانت هذه العبارات هي ختام لمقال طويل ،يتحدث عن الفساد في مهنة المحاماة ، وتحديدا عن محامي شهير يمتلك مكتب من أكبر مكاتب المحاماة في البلد ولكنه لا يخدم سوى الفساد والمفسدين مقابل المال ، وتطرق هذا القلم أيضا إلى فساده وتدني أخلاقه على المستوى الشخصي وتعدد علاقاته النسائية المشبوهة ، والتي تكون أحيانا أتعابا لبعض قضاياه.

كان المقال قوياً بحق ، ومعبر بشكل لا يوصف ، ولم يكن ينقص مقال هذا الصحفي الجرئ سوى أن يذكر بأن هذا المحامي القذر يُدعى هشام منصور .

قرأت هذا المقال الطويل بالكامل بصوت مسموع في مكتب هشام العملاق ، كان ينصت بوجه خالي من التعبيرات ولكني كنت متأكد من أنه يشتعل داخليا ، لذا كنت أقرأ المقال باستمتاع مع إبتسامة إعجاب وتشفي تزين ثغري ، حتى انتهيت عند العبارات السابقة ، ونظرت له بحيادية حتى أسمع تعقيبه ، فقال بنبرة مستهزئة :

- مين بقا اللي مقطع البطاقة دا ، اسمه إيه ؟!

- اسمه عادل حمزاوي .. بس إيه وحش ابن اللذينا.. قلبه ميت .

فأعاد الاسم مرة اخرى وهو يحك ذقنه مفكرا ، فقلت له في استنكار :
- أنا مش فاهم أنت دماغك دي فيها ايه ؟! يعني انت بتأمن نفسك في كل حاجة ومحدش بيعرف يمسك عليك غلطة ، إلا في موضوع النسوان دا.. دا الواد كان ناقص يحطلك صور فاضحة ، هو انت مبتتهدش خالص .

فقال بتهكم :
- معلش يا سيدي.. أهي عادة زبالة واخدها من أبويا .

- ياريتك كنت خدت منه حاجة عدلة ، يلا الله يرحمه ويسامحه على البلوة اللي بلانا بيها دي .

فأردف قائلا :
- الكلام دا كله ميشغلنيش في حاجة بالعكس دا بيصيتني أكتر ، وبيخلى الناس تتكلم عني اكتر واكتر ، المهم ان ساعة الجد ميكونش فيه ورقة بتثبت اي حاجة عليا ، وقدام القانون أكون أشرف محامي في الدنيا ودا اللي يهمني .

- دماغ شياطين والله .

فقال بجدية متجاهلا تعقيبي :
- بقولك ايه سيبك من الكلام الفارغ دا دلوقتي ، المهم أنا عايز الباشا دا ميعرفش يمسك قلم تاني ولا يكتب ، عايزه ميعرفش ينزل من بيتهم أصلا ، لازم يكون عبرة لأي حد يفكر أنه يتجرأ على هشام منصور .

كان يتحدث بغضب وغلّ رهيب ، فقلت مستفسرا :
- عايز تعمله إيه يعني ؟!

- أنا العقاب عندي من جنس العمل ، مش هو عامل شبح وحامي حمى الأخلاق وبيتكلم عن فضايحي ، أنا بقى عايزك تجهزله فضيحة من نفس النوع ميعرفش ينزل بعدها من بيتهم ويا سلام لو متجوز ومخلف هتكيف أكتر.