القضية

3.7K 467 57
                                    

"هادي "

العدل أساس الملك ...
تلك أول قاعدة ستتعلمها فى أول يوم تخطو قدماك أعتاب كلية الحقوق ، أما بالنسبة لهشام فالملك له أسُس أخرى، فهو يتبع فقط قاعدة فرق تسُد...
التفرقة والظلم هما الوسيلة التى تحقق غايته .

تعلمت منه الكثير فى الحياة عامةً وفى هذه المهنة خاصةً ، وأصبحت أشعر بقدراتي كلما امتدحني ، وتهتز ثقتي حين يوبخني .

سجلت أسمى كمحامى حديث التخرج فى مكتب الزهار ، أصبحت محامياً وأنا لا أعلم أى شىء عن هذه المهنة ، كل ما أعلمه أنني سأتعلم على يد الشيطان ذاته ، وسأكون شيطاناً آخر ، بالطبع لن أصل لمستوى مُعلمي ولكن سأكون بمستوى لا بأس به فى عالم الشر والظلم .

تبدّل حال المكتب حين فكر فى قضية سامح شاهين ، لا أعلم كيف سننتصر فى هذه القضية ، ولكن هشام كان واثقاً من ذلك النصر كل الثقة ، وكنت أسير فى دربه ولا أحيد عنه أبدا ، إذا كان هو يريد الفوز حتى يصنع اسمه ويرجع أيام مجد هذا المكتب ، فأنت أيضاً أريد ولكني لدي سبب آخر ، فحين كنت أتعمق أكثر فى تفاصيل هذه القضية أشعر بمدى الظلم والإفتراء التي كانت ضحيته هذه الفتاة وأسرتها وأشعر بالاشفاق على جنين لم يأتِ للحياة بعد ومصيره يُكتب من الآن أن يكون أسوداً ، حينها فقط شعرت بأهمية هذه المهنة وقدسيتها ، ومدى حقارة من يتلاعبون بقوانينها .

سأبذل قصارى جهدي لتحقيق العدالة ، و رد شرف تلك المسكينة التي وثقت بوغد حقير ، فقد نالت جزاء فعلتها من فضيحة قاسية ، ولكن جنينها لم يقترف أى ذنب حتى ينال جزاء أصعب وأقسى منها .

كنا نفكر فى جميع الحلول الممكنة لهذه القضية ، ولم يبخل علينا دكتور محمود ربيع بأرائه وخبرته ، كنت أعرفه شخصياً من الكلية فى الفترة التي اعتادت على الحضور بها ، وتقرّبت منه فى المكتب ، فهو  يدعم الشباب بشكل خاص ، ولكن مهلا لقد أخذت منا هذه القضية الكثير من الوقت والجهد ولكن ما زال صاحبها الحقيقي لم يوكل القضية للمكتب بعد .

هذه الخطوة القادمة والتي بالطبع سيترتب عليها باقى الخطوات .

جاءني هشام فى مكتبي ، ودخل وهو يطلب منى فى عجالة أن أذهب معه فى لقاء عمل ، فتسائل فى عملية :

- هادي .. أنت معاك عربيتك ؟!

- أيوة معايا ..

- طب يلا عشان رايحين مشوار مهم.

قلت فى محاولة أن أبدو مهماً :
- مشوار فين ؟!! أنا ورايا شغل كتير .

قال فى تهكم :
- هادي هو انت هتمثل ، شغل إيه ؟! أنت فاهم حاجة أصلا من الورق اللي قدامك دا .

نهضت من مقعدي في استسلام وتوجهت معه وأنا أقول:
- هنروح فين ؟!

قال فى سخرية:
- ما كان من الاول .. لازم تعمل فيها عم المهم .

جنّة إبليس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن