الفصل الواحد و العشرين .. غيره

190 17 34
                                    

مضت الأيام _ وكما هو معتاد _ فالأيام الجميلة تمضي بسرعه.. لا نشعر بالوقت و لا نستثقل الليالي.. انتهى الخريف بتقلباته و رياحه.. ليعلن بداية فصل جديد.. نسمات بارده تتجول في صباحات ديسمبر.. تنشر رائحه الشتاء.. و عطر أشجار الصنوبر.. تتزايد سعادة سما يوما بعد يوم.. مع ازدياد حب نديم لها، يعيش احلى و اهدى فتره في حياته رقتها و هدوئها تجعله يفتتن بها اكثر.. خجلها الذي سلب عقله و قلبه يتحول احيانا لشقاوه لطيفه تدفعه لاطلاق ضحكات تنبعث من أعماق اعماقه.. يغار و يحترق عندما تسلم على احد أو حتى عندما تجلس مع ايه أو سعاد.. يريدها دائما معه.. لا شيء يشغلها عنه.. وكم كانت سعيده بتملكه هذا.. أشعرها بأنها مهمه.. وجودها اساسي.. الشيء الوحيد الذي كان ينغص عليها سعادتها هو الكلام المسموم الذي يسمعونها اياه بعض الفتيات الوقحات كما تطلق عليهم سعاد.. دائما ما يخبرنها بأنها مجرد تسليه لنديم.. سيمل منها قريبا.. أنها فقط نوع جديد احب تجربته.. لا تليقين به.. لست من مستواه.. لاتملكين مميزات.. والكثير الكثير من التحقير و تقليل القيمة بمحاولات لجعلها تبتعد عنه.. بعد ما تأكد الجميع من اختلافها بالنسبه إليه.. فهذا يبدو واضحا بكل تصرفاته و التغيرات العجيبه بطريقه حياته.. بالاضافه إلى هدوئه و اختفاء عصبيته أصبح يتابع جميع محاضراته ويهتم لدراسته وهذه تعد سابقه.. ترك عادة السهر و التجوال في النوادي الليله و تعدد العلاقات.. لا يفارقها ابدا.. الا عند انتهاء ساعات الدراسه..
استفزت تلك التغيرات التي طرأت على شخصيته و حاله رسل و جيداء.. لذى شرعوا برسم الخطط و التنفذ السريع.. هدفهم ايقاع سما بشرك الخيانة أو ما يحاكي ذلك من أمور لحرق قلب نديم و تلقينه درسا.. استخدموا رندا للايقاع بسما، لكن وجود نديم الدائم معها و استحواذه عليها اضطرهم لتأجيل خطتهم.. وهذا ما جعل رندا تشعر بقليل من الارتياح فهي ليست سيئه ابدا.. لا تريد اذيه سما ولا اي أحد.. ربما تكون ثرثاره و تمتهن نقل الكلام و المبالغه أو حتى الكذب في بعض الأحيان لكن قلبها لا يحمل ضغينه ابدا.. عكس شقيقتها رسل.. التي كانت تشتعل بنيران الحقد و الكره، تتفنن بوضع الخطط و تستمر بمراقبة سما علها تحصل على فرصتها لسحق قلب نديم.. تلتهب أكثر حينما تتذكر مكالمته لها وتهديدها لجعل رندا تعتذر من سما أمام الجميع بعد تلك الفضيحه التي ابتدعها هو.. شعرت بالاذلال و القهر و اقسمت أن تذيقه اياه مضاعفا..

التقي الأربعة نهايه اليوم الدراسي في أحد المطاعم في مركز المدينه.. غدا عطلة نهاية الأسبوع وبعد اسبوعين من اليوم نهايه السنه..
_ اذن فواز، ستعزف في حفل ليلة رأس السنه أيضا هذا العام ؟
_ اجل سيد نديم.. مالذي سيختلف يعني هذا العام ؟!
.. اجابه نديم ضاحكا وهو يشير لسما..
_ حسنا موسيقارنا العظيم.. نريد دعوه خاصه لسما..
.. ارتبكت سما وتفاجئت توزع انظارها بين نديم وفواز تقول بتوتر..
_ من ؟ كيف ؟ لا أظن.. يعني لا يمكنني الذهاب..
.. سألتها سعاد بأهتمام بصوتها الهادئ..
_ و لما ؟
.. اجابت بنفس التوتر مخلوط بأحراج و مغموس بخجل، احنت رأسها وهي ترد بصوت خافت..
_ لا يمكن.. لانه محظور علينا الخروج ليلا.. يعني قوانين سكن الطالبات..
.. قال نديم بنوع من الراحه وهو ينظر اليها بحب..
_ احببت هذه القوانين.. أنا أيضا لن اذهب للحفل..
.. قالها بجديه وهو يعتدل بحلسته  مبتسم لسما.. نظرت اليه مستغربة لا تزال على احراجها همهمت بهدوء و رقه جعلته يبتسم اكثر..
_ لا تفعل !! صدقني لا يمكن، لن يسمحوا لي.. لا تغضب مني.. ارجوك..
.. تفاجئ من كلامها ليميل إليها بجسده يعقب بحنان..
_ هذا ما فهمته من عدم ذهابي، اني غضبت.. لن اذهب لأنني سأذهب لمكان آخر..
.. ابتسم فواز المصدوم من رقة صديقه وأيضا لتخمينه المكان الذي يقصده.. أكمل نديم كلامه لتزداد ابتسامة فواز إلى أن تحولت لضحكه رنانه..
_ سأقضي ليلة رأس السنه سارح في سمااي !
.. همس برقه شديده و صوت هادئ بعيون تلمع بعشق خالص.. أحمرت سما و ذابت خجلا لتحني رأسها هروبا من نظرات الجميع خصوصا بعد ضحكة فواز العاليه الذي اردف..
_ اقسم اني عرفت ! ستقضي ليلة رأس السنة تقف في الشارع الخلفي !! شكرا يا اللهي جعلتني أرى هذا اليوم !!
.. ضحكت سعاد هي الأخرى على كلام فواز ثم قالت..
_ لدي فكره.. ما رايكم لو نحتفل نهارا.. يعني بأمكاننا تنظيم نزهه في صباح الأول من يناير..
اعجبتهم الفكره و صاروا يتحدثون و يرتبون للأمر.. مع بقاء إصرار نديم على عدم ذهابه إلى الحفله.. ليكون مع سما يستقبلان العام الجديد.. يقف اسفل نافذتها في الشارع الخلفي..

حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن