الفصل التاسع عشر.. احبك ...

155 19 23
                                    

_ تلك النظارات للمرحومه عمتها.. كان قد اهداها اياها شقيقها منصور.. والد سما الراحل..
بتلك الكلمات احرق فواز قلب نديم.. زاد من جرعه اللهيب عندما اضاف..
_ لم تتوقف عن البكاء لمده يومين.. قضتها تدفن نفسها في سريرها، فتلك النظارات كانت الشيء الوحيد الذي تملكه يخص والدها، وأيضا تعتز بها لانها ملك لعمتها التي ربتها..
.. يجلس نديم على إحدى سلمات الدرج الخارجي المؤدي إلى شقتهم واجم محطم، بينما يقف فواز بجانبه متكئ على مسند الدرج الحديدي مربع ذراعيه على صدره.. يتحدث معه بهدوء وصوت حزين على حال سما و حال صاحبه الهمدان..
_ تسرعت يا نديم.. أعرف.. بل متأكد ان نيتك كانت مساعدتها.. لكنك استخدمت الطريقه الخطىء.. حاولت أن تعالج الموقف بطريقتك انت، برؤيتك انت.. لم تعطها فرصه لتعبر عن رأيها أو تخبرك عن مدى اهمية تلك النظارات بالنسبه إليها..

اجابه نديم بشرود..
_ وما اهمية النوايا.. أن كانت النتيجة هي أفساد الأمر..
.. تنهد بألم و تعب ثم استقام واقفا..
_ اعتذر بالنيابه عني لسما.. اخبرها أني لن اضايقها بعد الآن..
.. هم بالنزول ليمسكه فواز من ذراعه..
_ إلى أين ؟؟
_لا أعرف.. احتاج أن ابتعد.. لا تقلق سأكون بخير..
.. قالها و هو يجاهد رسم ابتسامه مطمئنه لصاحب عمره فوق ملامحه المتعبه المستنزفه.. تركه فواز ليذهب.. عله يخفف القليل من وجعه بالتجوال..
يعرفه يحفظه، يدرك كم الألم المتفجر بداخله.. يسمع الانين الصادر من قلبه.. هذا هو نديم و هذه هي طريقته.. يحاول أن يفعل الصواب دائما، لكن كأن قدره يعانده.. فيقذفه بأضداد نواياه.. يدحر حماسه، يكعبل عزيمته.. يعود به من نقطة البداية..

تتمشى سما وحيده بحديقه السكن تحاول تفسير تصرف نديم معها.. اعطته الحق بما فعل.. فهي تجاهلته وتجاهلت اتصالاته.. ربما اخطئ معها.. نعم اخطئ، حينما سحب نظاراتها من بين يديها دون أن يستمع إليها.. اخطئ، حين قرر و نفذ.. لكنها لم تتكلم.. لم تدافع عن حق ممتلكاتها.. مثلما لم تدافع عن نفسها ومشت خلف كلام رندا " لما تبدو نظرات عينيك مضطربه هكذا سما.. يبدو شكلك مثيرا للسخريه وانت تبحلقين بتلك الطريقه هنا وهناك كأنك خائفة من أن يظهر شبح امامك ! اسمعيني، الجميع هنا فطن انك مهتزه ولست طبيعيه.. أنصحك أن ترتدي نظاراتك السوداء دائما حتى لا تكوني مصدرا للسخريه ! "
وضعت سما يديها على اذنيها كأنها تريد أن تسكت كلام رندا المسموم.. عادت لتفكر بنديم.. فلولا تدخل إيه و اصرارها على عدم ردها على مكالماته لما غضب.. و ما زاد و غطى هو اصرارها الأشد على تجاوزه و عدم السماح له بالتحدث معها لما كان وصل بهم الحال لما هم فيه الأن.. اذن هو معه حق ! اجل ! نديم معه حق
" علي أن افعل ما أنا أريد.. ولا اسمح أن تملى علي افعالي.. لابد أن أكون اكثر قوة للرد على من يسيء الي ! "
شعرت ببعض التوتر، أو الحماس لا تعرف.. سحبت هاتفها فورا لتتصل بنديم.. لا تعرف لما.. فقط شعرت أنه يستحق منها تفسيرا لما حدث.. أحرجها أمام الجميع ؟ نعم.. اخافها ؟ بالطبع.. عاملها بطريقه عنيفه ؟ مؤكد.. لكن هذا كان من اجلها.. و رد فعل طبيعي على عدم احترامها له.. يبقى هو رجل ذو كبرياء و لن يقبل أن يعامل بعدم اهتمام و تجاهل !!!
ضيقت ما بين حاجبيها.. هاتفه مغلق.. حسنا ستتصل به فيما بعد.. تنهدت براحه خفيفه بعد أن توصلت لنتيجة و اسباب ماحدث.. بمنتهى الغباء و السطحية !!

حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن