حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة )

الفصل الخامس و الأربعون

لا قيمة للحياة من دون عشق.. لا تسأل نفسك مانوع العشق الذي تريده، روحي ام مادي، الهي ام دنيوي، غربي أم شرقي.. فالانقسامات لا تؤدي الا إلى المزيد من الانقسامات.. ليس للعشق تسميات و لا علامات ولا تعاريف.. انه كما هو، نقي و بسيط.. العشق ماء الحياة.. و العشيق هو روح من نار.. يصبح الكون مختلفا عندما تعشق النار الماء..
{ اليف شافاك من كتاب قواعد العشق الأربعون }

اضيئت الاشارة الخضراء اذنة لتدفق حركة المرور من خلال الطريق السريع.. تسير سيارة نديم الفخمة تشق الزحام تعرض امامهم بالتدريج لوحة فنية من صنع الخالق تعكس جمال القرية الخلاب.. مبهورة سما بنقاء الالوان و صفاء الجو في الطبيعة البكر داكنة الخضرة، لتسلب انفاسها المراعي مترامية الأطراف مسقولة الحشائش تسرح في ربوعها انواع مختلفة من الماشية، وبيوت صغيرة موزعة بشكل عشوائي على طول و عرض المد الأخضر معطية للانحاء طابعا ريفيا يخطف الالباب، صورة أقرب للخيال..
انشرح قلب نديم وهو يرى الابتهاج يقفز من عينيها، مطلقة ذبذبات السرور مزيحة عن كاهله _ كما العادة _ أي احراج أو ضغط أو حتى تبرير صغير لما مر عليهم قبل يومين.. وكأن شيئا لم يكن.. فقد سهلت عليه اقناع ادم بالاعلان للجميع عن رغبتها لاكمال فرحتهم و انطلاقهم برحلة شهر العسل.. اراحته من مشقة الحرمان و قسوة البعد الذي كان مستسلما برضا تام له طامعا بغفرانها و متأملا تفهمها.. لتهديه الدنيا و ما عليها حينما طالبته هي بحقها بالفرح.. وعلى الرغم من كل المنغصات الا أنه سعيد و متحمس لبداية حياته مع ملاكه الطيب.. لكنه ليس مثلها.. لم يتمكن من تجاوز غيضه الشديد من تصرفات ادم حيث تصرخ نظراته برفض و استصغار أكمله بتحذيرات لاذعة اللهجة مهددا بأنزال اقوى العقوبات على رأسه في حال صدور اقل أمر منه يزعج به سما حتى لو بكلمة.. طريقة مرفوضة كليا ابتلعها نديم مجبر لتمشية الحال و الهروب بزوجته بعيدا في الوقت الحالي مصمم اكثر لتنفيذ ما عزم و خطط لاقصاء الجميع عن حياتهم و استحكامه مجددا بتحركات و تفكير سما كما كان في السابق.. فقد رأى انه من غير الصحيح ترك مجال للخيار لها في كل ما يخصها، أو بالاحرى ما يخصه هو، فهي وما فيها ملك صرف له.. يقنع نفسه بصواب القرار لافسادها الأمر بينهما مما ادى إلى فراقهم لعاميين كامليين اثر وقوعهم _ بسببها _ في فخ حقير كاد يخسر صديق عمره و حب حياته لولا الطاف الله، ناهيك عن سلبه القابه و مسيرته الرياضية اثر صدمته و ضياعه ليبقى ذلك كالغصة في بلعومه إلى مالانهايه.. حدث هذا بعد أن افسح لها القليل من الحرية و اولاها ثقة لم تكن في محلها، ليس لانها مخادعة أو سيئة.. بل لانها طيبة و ساذجة.. تأخذها التيارات بعيدا و تتأثر بكل من يبتسم في وجهها.. ترى الجميع بعينيها، مثلها، كنقائها.. لتسلم لهم بموجب ذلك ثقتها و محبتها، ابتسامتها و اهتمامها.. كأنها تمنح شيئا خاصا به هو وحده لغيره.. ليخرج بنتيجة ارضت غروره و تملكه لاعادة تقييد سما و رسم خارطة طريق للابحار بسفينتهم يكون هو الملاح فيها و القائد..
ما يجعله مصرا اكثر لسجنها و ابعادها، هو إقتراب منى الغير مقبول بالمرة منها.. افرغ على نفسه دلوا من الثلج ليطفئ حريقا احدثه احتضان منى لسما خاصته قبل خروجهم ظهرا من بيت أبيه، حيث ودعت الحبيبة الجميع تشكرهم على حسن الاستقبال و تعدهم بتكرار الزيارة قريبا لتثير استهجانه بقرارها الجريء المنفرد.. تخطته، ولم تأبه لاستأذانه حتى.. اذن، سيدرج هذا السلوك المعيب أيضا ضمن خطة التغيير و فرض بنود السيطره.. زاد امتعاضه ذلك الحضن و حرارة السلام بين منى الدخيلة و سما الطائشة، التي تمادت كثيرا بسبب تساهله معها.. ليقر لنفسه برجاحة الفكر و استحسان الفكرة.. فطحل زمانه، ملك اذكياء العالم و اكبر الرجال عقلا !!