الفصل العشرون .. خيالات

192 21 38
                                    

مع ساعات الفجر الأولى.. بعد ليلة سهدت فيها عيون حياة، تقاوم دمعا يتحشد على ابواب العيون.. طرقات مدويه تصدح من أعماقها، لصرخات مكتومه.. تمسك بيدها ذلك الخطاب الذي تركه لها جواد.. اهترئت الورقة من تكرار القراءة و اعتصار الاصابع.. تتنقل عيناها برفقة روحها بين الحروف، تستشف خذلانها له، تتذوق طعم دموعه و وحدته..
"صديقتي الغاليه حياة .. هل تعلمين انك كنت الحياة التي لم يحالفني الحظ لأعيشها .. آخر ما اتذكره من حياتي .. عندما كنت أملك واحده .. هو يوم اخلاء سبيلي .. وعودتي لعائلتي .. و التي لم تكن عائلتي .. مجرد أناس قاموا بأطعامي و السماح لي بالنوم في غرفه.. كما قالوا أنها غرفتي.. و التي لم تكن لي يوما .. أتذكر جيدا أعياد الميلاد و الاعياد الدينيه و كل المناسبات .. التي حظر علي المشاركه فيها .. لأنني ببساطه لم أكن مدعوا .. ربما معهم حق .. لا أريد الحكم عليهم .. فمن سيكون مرتاحا لوجود شاب مضطرب يجالس اطفاله و عائلته .. يعني بدل أن يتفاخر بي ذاك الرجل اللطيف المسمى ( ابي ) بأن ابنه تخرج متفوقا من صفوفه .. قد صار خريجا من سجن الأحداث .. أتذكر إحدى الفتيات الصغيرات .. كانت اختي علما اعتقد .. لانها دائما تناديني اخي جواد .. كانت تصنع قطع حلوى صغيره من الصلصال.. وتعطيني بعضا منها لمشاركتي باللعب .. حتى أنها كانت ترسم لي فراشات صغيره على كفوف يدي.. وعلى الجدران الكئيبه في غرفتي .. احيانا تأتي الي عندما اصحو فزعا من كابوس يطاردني فيه احد خيالات الظلام .. تهدهدني .. تغنيلي .. تحتضن رأسي و تقبلني .. تخبرني أنها معي .. و لن يؤذيني احد بعد الآن .. حتى أنها كانت معي منذ قليل .. وهي من اعطتني فكره الخطاب .. حينما اخبرتها أني اشتقت لك .. كما اشتقت لها .. لا الومك ابدا .. حتى اني لا أعتبر الاعتزاز بصداقتي أمرا مميزا يضاف لك .. فأنا مجرد جواد .. أو .. لا أحد .. لا تاريخ .. لا مستقبل .. لا حياة .. انت فقط، كنت الحياة .. وكم تمنيت لو كنت لائقا لك .. سامحيني "

☘️☘️☘️☘️☘️☘️☘️

انتفض فواز عندما فتح باب الحمام ليجد نديم أمامه مع ابتسامه بلهاء مرسومه على شفتيه..
_ صباح الخير !
.. قالها بمنتهى النشاط و السعادة.. ظل فواز يطالعه بعدم تصديق.. ابعده نديم عن طريقه وهو يقول بحماس..
_ سأغسل وجهي و اوافيك في الحال !
.. تسمر مكانه يحدق بباب الحمام الذي اغلقه نديم خلفه منذ لحظات.. راجع ماحدث في عقله..
_ قال صباح الخير في الساعه الخامسه صباحا ! وكان سعيدا ونشيطا أيضا ! ثم قال.. سأوافيك في الحال !! ايعقل انه ينوي الخروج للركض معي !! مستحيل، لابد من أن حرارته مرتفعه !!

بعد خمسة عشره دقيقه بالضبط كان الصديقان يهرولان على ساحل البحر..
_ لابد أن نسجل هذه اللحظة التاريخيه ! السيد نديم يستقيظ مع بدايه الصباح بنشاط.. و خرج لممارسة رياضه المشي..
_ تقصد الركض !
.. قالها نديم بمرح مصححا..
_  ااه فواز ! معك حق، علينا تسجيل هذه اللحظة التاريخيه.. هذه النقله في حياتي.. أشعر أني ولدت من جديد.. في ليلة الأمس.. كنت احلق في سمااي !
.. ضحك يطلق صوته بسعاده..
_ سماا ! سمائي !!
.. شاركه فواز الضحك وقد كان أكثر منه سعادة و غبطه وهو يراه بهذا الإشراق..

حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن