حمامات سلام تحوم طوافة تترقب اعتدال الأجواء لتحط رحالها.. تجلب رسائل تقدير توزع هبات ربانية تغمر النفوس الراضية بوافر الخير.. انعكاسات النوايا، مرآة التمسك بجذور الأصول و عمق القيم الانسانية.. لا قيمة للنفس دون اخلاق، يفتح هدى الحال ابواب الطمأنينة..
بعقل شارد ولج فواز المكتب يحاول حجب عتاب قبله لكن صراخ ضميره تولى تصعيد المسألة.. يجبر نفسه على التركيز بالاوراق امامه ليشارك بصره باقي الحواس بالعصيان، فتشوش عنده البصر يرى السطور تتماوج متماشية مع رجرجة مشاعره منذ لحظة تركه لزوجته تجاوزها حاملا حقيبة السفر يهرع راكضا خلف نوازع نفسه ليلحق بنزوة لا يريد ان تكون عابرة.. هفوة، زلة، وارد جدا ان تصبح غلطة.. لكن، اسيسمح لنفسه بذلك ؟ هل سيقبل ان يسير برجليه الى غاية بؤرة الخطيئة ؟ لايمكن، هو لايفعل.. هو رجل جلد صلد لا يهوي مطلقا بنفسه نحو الرذائل.. يخاف الله و يراعي عرضه و قيمته فيه.. فواز ليس بالرجل الضعيف الذي لا يقوى على كبح لجام نفسه الامارة بالسوء، ليس غبيا و ليس هو من يغمض عينيه عن خط مائل او عثرة في منتصف الطريق.. اذن ما يحدث هو برغبة جدية منه بالخوض في مغامرة تقابل معها عقب وقت عصيب نهاية قطعه طريقا صعبا مظلما كسره وجدانيا لم يكتفي بعظام جسده المادي فقط.. طريق قاس قطعه معه صديق العمر متشبث بساعده يمده بالقوة والإرادة تسنده بذلك زوجته الجبارة سعاد.. اهتز، تألم، هاج عليه الوجع.. سعاد لا تستحق منه ذلك.. ليعود عتاب القلب و صياح الضمير يتعالى هذه المرة انين الروح.. مشطورة تلك الروح يولول شطرها الأول لائما مذكرا بنظرات سعاد، بينما يثرثر الثاني بهراء اللحاق بالمغامرة الجديدة فما مضى لا يعود من سنين العمر..
تنهد بقنوط وهو يحني جذعه مغمض العينين يسند جسده العملاق بكلتا يديه فوق المكتب المفروش بالاوراق.. و قبل ان يصدح قلبه الغافل بالدعاء، داعب اذنيه صوت انثوي صار مؤخرا ترياقا عذبا أعاد اليه شيئا من رونق الوجود مما افتقده عقب حادثه الذي خرج منه بأعجوبة.. لم يكن له ادنى فكرة عن صعوبة الامتحان الحقيقي، فتلكئ فيه..
_ صباح الخير سيد فواز.. أخيرا تم الاتفاق على كل شيء كما امرت جنابك.. عدت لتوي من هناك، التشطيبات النهائية مذهلة و بمنتهى الاناقة.. ليس غريبا بكل تأكيد، ما دمت سيادتك من وضع اللمسات الأخيرة..
.. بأبتسامة خلابة ككل شيء فيها انهت عبارات المديح التي لا تتردد بكل الاوقات تطرب اسماعه الباردة بها تطري على فؤاده تقيه من القحالة.. تأكله بنظراتها الفجة تمشي عيونها المفتونة بهذا الكيان الهائل من حذائه الجلدي اللماع ببدلته شديدة السواد تضم سترته جسدا ضخما مرهقا لرغباتها الرخيصة.. ذقنه الكثيفة الداكنة الممزوجة بخيوط بيضاء تفاقم درجات حرارتها كل ما رأته، او زار أحلام يقظتها الرذيلة.. وأخيرا رأسه الاصلع ميزته الأساسية المضافة لباقي مميزاته الاخاذة.. تحملق بجانب وجهه تعض على شفتها السفلى بمنتهى السفالة.. اقتربت منه اكثر حين قابلها بالصمت بوجه متجهم فأقتحمه عطرها.. اشاح عينيه كما يفعل دائما عن طلتها الانيقة بمشيتها المتمايلة.. سحرها عليه العن من وسوسة الشياطين متجمعين.. و بكل ما اوتيت من شيطنة هي تمارس عليه الاعيبا لم يكن له ادنى فكرة عنها.. اسبلت عيونها البينة بينما تمرر اصابعها بشعرها المجنون الطويل تدفعه الى الوراء بحركة تقصدت فعلها ببطئ مبالغ ليهب اريجها الانثوي مع ما يصدره شعرها من هفهفة، تعرف انه يراقب كل تحركاتها بطرف عينيه.. ماكرة مخادعة خبيرة بطرق إيقاع اعتى الرجال.. وقفت بجانبه تميل بجسدها الغض المقسم بطريقة تجعل الدماء تفور بالعروق، وضعت يدها برقة مفرطة فوق كومة أوراق تهمس بجانب وجهه المحتقن بشدة من ما هو فيه من بلاء تخبره انها سوف تكمل عنه مراجعة الملف و ليأخذ هو قسطا من الراحة التي لم ينال كفايتها مؤكد بسبب سفرته السريعة و عودته الأسرع عند الفجر.. جاء مباشرة من المطار الى الشركة ليظهر عليه التعب بشكل واضح لعينيها الوقحة.. تقربت منه تبدي المزيد من القلق بنبرتها المخملية تحدق بوجهه العارض عنها ترى ارتعاشه امامها جليا مما يثبت استجابة جسده الشديدة لغارة شنتها انوثتها الماكرة على رجولة صاخبة أطاحت بها منذ ان قابلته اول مرة قبل اشهر مضت.. حاكت حبائلها و القت شبكتها العنكبوتية اللزجة بعد ان درسته و عرفت بخبثها كيف تتسلل لهذا الكيان العتيد.. فهمت انه صعب، فأزداد عندها الإصرار على ايقاعه.. تكتكت و شرعت بالهجوم.. تدس السم بالعسل..
استدار بجسده عنها يسحب نفسا مرتجفا مطبق شفيه اكتفى بالايماء لها و خرج من المكتب دون ولا كلمة.. تحت بسمتها الجانبية الحقيرة و يقينها الأكيد انه لم يتبقى الا القليل و يهبط هذا العملاق على ركبتيه متوسلا ان تبرد نارا شبت فيها قبله، عيون فواز المتقدة يسير بتصميم لا يقبل الرجعة..
أنت تقرأ
حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة )
Romanceننطلق نحو اهدافنا.. نجتاز الطريق.. نتعثر احيانا، نسقط احيانا.. لكننا نصل.. مايهون الصعاب.. هو الرفقة.. الجزء الأول ( حكاية حياة ) بداءت بتاريخ 19/أكتوبر,2022 انتهت بتاريخ 28/فبراير,2024 *الرواية أصلية، غير منقولة أو مقتبسة.. *كل ما ورد من تأليفي، عد...